عمرو عبيد (القاهرة)


أوشك الأهلي على معانقة «اللقب 44» في تاريخه بالدوري المصري الممتاز، حيث يحتاج إلى نقطة واحدة من مبارياته الأربع المتبقية في البطولة المحلية، ليُعلن تتويجه رسمياً، ورغم احتفاظ بيراميدز بقمة الدوري لفترة تجاوزت نصف الموسم، وتمسّكه بصراع المنافسة حتى الأمتار الأخيرة، إلا أن الأهلي عاد عبر سلسلة انتصارات متتالية «مذهلة» برقم قياسي جديد، 19 فوزاً، لينتزع الصدارة من بيراميدز، خاصة بعد تفوقه عليه في المواجهتين المباشرتين، وبتتويج الأهلي المرتقب، يُصر الدوري المصري على رفع شعار «ممنوع التغيير» منذ 40 عاماً.
ومنذ فوز المقاولون العرب بنسخة 1982-1983، ليكون «البطل الجديد» في الدوري المصري وقتها، فإن قائمة «الفرسان السبعة» ظلت متمسكة بعناصرها، من دون تغيير طوال أكثر من 40 عاماً، رغم بعض المحاولات التي كادت تمنح الكرة المصرية «وجهاً جديداً» فوق منصة التتويج، وخلال تلك العقود الأخيرة، ظل الصراع مقتصراً على الأهلي والزمالك، بتفوق كبير لـ «المارد الأحمر» صاحب الـ 25 لقباً في تلك الفترة، وسيزيد الرقم غالباً إلى 26 بعد أيام قليلة، في حين فاز «الفارس الأبيض» بـ 10 ألقاب منذ عام 1983، بجانب ظهور محدود جداً على فترات للإسماعيلي، الذي اقتنص لقبين في موسمي 1990-1991 ثم 2001-2002!
وخلال الـ 40 عاماً الماضية، كانت هناك محاولات معدودة لكسر هذا الاحتكار التقليدي للقوى القديمة، لكن لم تكن كلها مؤثرة، حيث ظهر اسم إنبي للمرة الأولى «وصيفاً» في موسم 2004-2005، لكن الأهلي حسم اللقب بسهولة بفارق 31 نقطة عن «الفريق البترولي»، وفي نُسخة 2013-2014 «الاستثنائية»، كانت واحدة من أقرب المحاولات التي لاحت لمنافسي «عملاقي القاهرة» لإحداث «التغيير التاريخي»، عندما لُعبت البطولة بنظام المجموعتين ثم الدورة الفاصلة، لكن الأهلي «خطف» اللقب بفارق هدف واحد فقط عن فريق سموحة، الوصيف، بعد تساويهما في رصيد 7 نقاط بالدورة النهائية، بل تعادل المتنافسان وقتها بنتيجة 0-0 في المواجهة المباشرة.
موسم 2016-2017، شهد بزوغاً قوياً لفريق مصر للمقاصة، الذي قاتل بكل قوته أملاً في تحقيق «المعجزة»، لكن الأهلي أنهى المسابقة بطلاً بفارق 10 نقاط عن «المغامر الجديد»، ومنذ ظهور بيراميدز في «ثوبه الجديد»، بدأت معادلة المنافسة تتغير قليلاً في الكرة المحلية، حيث نجح في اقتحام دائرة الضوء فوق قمة الدوري، وأنهى النسختين الماضيتين «وصيفاً»، وهو ما يتكرر غالباً للمرة الثالثة توالياً في الموسم الجاري، علماً بأن المحاولة الأقرب له كانت في بطولة 2021-2022، حيث جاء ثانياً بعد الزمالك بفارق 6 نقاط فقط، مقابل 10 نقاط أبعدته عن الأهلي بطل 2022-2023.
التاريخ القديم للدوري المصري يشير إلى صعوبات مماثلة واجهت بعض محاولات إنتاج بطل جديد للمسابقة المحلية، إذ أن الأهلي قبض على اللقب لمدة 9 مواسم متتالية منذ انطلاق المسابقة عام 1948، رغم المنافسة الشرسة مع الترسانة أو الزمالك التي شهدت فوز «المارد الأحمر» أحياناً باللقب بفارق الأهداف أو نقاط قليلة جداً، حتى تمكن «الفارس الأبيض» من كسر احتكار غريمه التقليدي في موسم 1959-1960، بل إن الترسانة حل «وصيفاً» للزمالك بفارق نقطة واحدة آنذاك، وكان من الطبيعي أن ينجح الترسانة في التتويج بالدوري خلال تلك الحقبة، حيث انتظر موسمين فقط بعد عودة الأهلي إلى «لقبه المفضل»، لينتزع «الشواكيش» لقباً صعباً «استثنائياً» في 1962-1963، بعد لعب البطولة بنظام المجموعتين، ثم التفوق على الزمالك بفارق نقطتين في الدورة الفاصلة.
والمثير أن فترة منتصف الستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي، شهدت «أكبر ثورة كروية» عرفها الدوري المصري، حيث تمكن الأولمبي والإسماعيلي وغزل المحلة من تحطيم القواعد التقليدية، والابتعاد بـ 3 ألقاب متتالية عن خزائن الأهلي والزمالك، للمرة الأولى والأخيرة في تاريخ الدوري، حيث تُوّج الأولمبي في موسم 1965-1966 على حساب الزمالك بفارق 4 نقاط، ثم لحق به «دراويش» الإسماعيلي في 1966-1967 بنفس فارق النقاط مع الأهلي، وبعد العودة من التوقف «الإجباري» للبطولة المحلية، كان غزل المحلة البطل الجديد في موسم 1972-1973 بفارق نقطة وحيدة عن الزمالك، ثم انتظر الدوري 10 سنوات ليقتحم المقاولون العرب القائمة في موسم 1982-1983، عندما حصد اللقب بفارق نقطة واحدة أيضاً عن الزمالك.