معتز الشامي (ميونيخ)

هدد منتخب صربيا بالانسحاب من بطولة أوروبا، التي تستضيفها ألمانيا حتى 14 من يوليو المقبل، وذلك على خلفية تعرضه لهتافات عنصرية من جماهير ألبانيا وكرواتيا في المواجهة التي جمعت المنتخبين الأربعاء الماضي، وانتهت بالتعادل الإيجابي بينهما، وهو الأمر الذي من شأنه أن يلقي بظلاله على أحداث باقي مباريات البطولة، خاصة بعدما تحولت إلى أزمة حادة، طرفها الاتحاد الصربي لكرة القدم، و«يويفا»، وهو ما قد يؤثر على المجموعة الثالثة التي يتصدرها منتخب إنجلترا ويلعب بها منتخب صربيا.
وكشف ممثلو وسائل إعلام هنا في ألمانيا مكلفون بتغطية البطولة، عن تمسك الاتحاد الصربي بضرورة توقيع «يويفا» لعقوبات ضد جماهير كرواتيا وألبانيا، بسبب هتفاهم المشترك خلال مباراة الفريقين «اقتل الصرب»، التي تعد هتافات عدائية وعنصرية، حيث هدد منتخب صربيا بالانسحاب من البطولة اعتراضاً على غياب العقوبات الرادعة، التي تضمن عدم تكرار ذلك في قادم المباريات بالبطولة.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل انتشر مقطع لمراسل صحفي في تلفزيون كوسوفو يشير بعلامة «النسر الألباني» تجاه جماهير صربيا، خلال بث مباشر له في مباراة صربيا ضد إنجلترا، ما أدى لتقديم الاتحاد الصربي باحتجاج رسمي أيضاً، وبناء عليه تم إيقاف المراسل واستبعاده من تغطية البطولة بسبب «سوء السلوك» بحسب بيان «يويفا».
من جهته، قال يوفان سورباتوفيتش الأمين العام للاتحاد الصربي لكرة القدم، في بيان رسمي تم توزيعه على الإعلاميين المكلفين بتغطية البطولة في ألمانيا، عقب التدريب الأخير لصربيا قبل مواجهة سلوفينيا في ميونيخ: «ما حدث فضيحة وسنطلب من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم فرض عقوبات، حتى على حساب عدم مواصلة المنافسة في البطولة، لأننا على يقين من أنهم سيعاقبون، لأنهم استجابوا بالفعل لندائنا بإبعاد صحفي ألباني من البطولة».
وتعود جذور العداء من جانب الكرواتيين والألبان تجاه الصرب إلى تفكك يوغوسلافيا في عام 1995.
وفي بيان سورباتوفيتش أشار أيضاً إلى المشاكل الأخيرة التي سببتها جماهير صربيا في البطولة خلال مباراة إنجلترا حيث اتهم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم جماهير صربيا بارتكاب جريمتين بعد هزيمته أمام إنجلترا يوم الأحد، وهي رمي أشياء ونقل رسالة استفزازية «غير مناسبة لحدث رياضي»، بعدما استخدموا أصوات القرود تجاه لاعبي منتخب إنجلترا، وقد أطلق «يويفا» تحقيقاً في مزاعم بأن أصوات القرود كانت تستهدف لاعبي إنجلترا خلال المباراة.
وألقت تلك الجوانب العنصرية بظلالها على البطولة بشكل كبير، حتى إن المراكز الإعلامية بالبطولة، شهدت تشديداً على جميع الإعلاميين من المنظمين، بضرورة الابتعاد عن الجوانب «السياسية» والتركيز فقط على الرياضة، مع التشديد على عدم توجيه أي أسئلة في المؤتمرات الصحفية تتعلق بالجانب العنصري في الأزمة بين صربيا وألبانيا.
من جهة ثانية، تنتشر سيارات الجماهير الألبانية وهي مزينة بأعلام بلادها، في مختلف مدن ألمانيا، حيث يمكنك أن تلحظ الحجم الكبير من الجالية الألبانية، سواء الحاصلين على جنسية ألمانيا ومن أصول ألبانية، أو حتى المتواجدين لدعم منتخب بلادهم بالبطولة، ويتواجدون بكثافة شديدة في جميع الملاعب، كما ينشطون في السوق السوداء للتذاكر بشراء مقاعد باقي المنتخبات بأسعار مضاعفة.
وعلى الجانب الآخر، شهدت البطولة بعض هتافات عنصرية من بعض جماهير منذ اليوم الأول لها، لاسيما الجماهير التي لديها بعض الجوانب غير الجيدة في علاقاتها بجماهير أخرى، مثلما حدث من جماهير أسكتلندا، التي هاجمت الجماهير الإنجليزية، وأيضاً بعض جماهير كرواتيا التي هاجمت الجماهير الإنجليزية أيضاً.
الصراع الصربي الألباني قديم للغاية، حيث كانت وقعت حرب كوسوفو «يُطلق عليها الألبان كوسوفا» داخل الأراضي الكوسوفية بين «جيش تحرير كوسوفا» الألباني ومعه حلف «ناتو» وبين الحكومة اليوغسلافية والقوات الصربية، والتي بدأت في فبراير 1998 واستمر حتى يوليو 1999، ولكن بعدها ومعها استمرت التوترات بين الصرب والألبان عموماً، حيث بدأت من مطلع القرن العشرين، وازدادت في حرب البلقان الأولى خلال عامي 1914 و1918، والحرب العالمية الثانية خلال عام 1939 و1945.
وضمت كوسوفو إلى مملكة يوغسلافيا بعد الحرب العالمية الأولى، وخضعت لسيطرة الصرب، على الرغم من مطالبة السكان الألبان بالانضمام لألبانيا لأنهم يعتبرون أنفسهم جزءاً تاريخياً منها، وقد ازدادت حدة التوترات بين الصرب والألبان منذ تفكك الاتحاد اليوغسلافي وإعلان جمهورية يوغسلافيا الاتحادية «صربيا والجبل الأسود» عام 1992.