سلامة المهيري (أبوظبي)
ستتذكره الجماهير دائماً كرمز للوفاء والأخلاق، ونموذج للعطاء، فهو من أهدى الإمارات لقبها الأول في خليجي عام 2007، ومن سطع في مونديال الشباب 2003 كأفضل لاعب في البطولة، إنه «إسماعيل مطر» الذي كتب الفصل الأخير في قصته مع الساحرة المستديرة، وأعلن طواعية تعليق حذائه بعد مسيرة أقل ما يقال عنها إنها مميزة ختمها بالتتويج بكأس مصرف أبوظبي الإسلامي مع الوحدة.
إسماعيل مطر أسطورة نادي الوحدة في لقاء خاص مع مركز «الاتحاد للأخبار» أفصح عن أسباب اعتزاله، معترفاً بأن الرغبة لم تتلاش إلا أن قرار الاعتزال كان الأفضل بالنسبة له، وأنه اعتزل كرة القدم في الوقت الذي رآه مناسباً، وليس لأنه ليس قادراً على اللعب، مؤكداً أنه ما زالت لديه القدرة على العطاء في الملعب، وأنه اتخذ قرار الاعتزال في المعسكر الخارجي للفريق وحتى أنه كان على وشك تفعيله في تلك الفترة إلا أن حب الجماهير جعله يستمر لموسم آخر مع الفريق.
واعترف إسماعيل بأنه لا يريد لأولاده أن يتجهوا لكرة القدم، إلا أنه أكد أن «القرار قرارهم وأنه سيساندهم وسيكون الداعم الأول لهم»، كون لاعب كرة القدم يتحمل ضغوطات كبيرة ويجب عليهم الاعتماد على أنفسهم وأن يكونوا على قدر المسؤولية، موضحاً أن دعمه لن يكون بتواجده خلفهم في الملاعب، بل يجب على أولاده إيجاد الحلول بأنفسهم وأن دوره يأتي في إسداء النصائح والتوجيه، كما أبدى عدم استغرابه من قلة المواهب التي تظهر على الساحة، معتبراً أن أحد الأسباب هو أن لاعب كرة القدم يحتاج إلى مساحة لاتخاذ قرار وأن إعطاء الأوامر بشكل دائم يحجم من قدر موهبته.
كما كشف إسماعيل إسداءه النصائح كونه أكثر من خاض مباريات وتجارب وأكثر اللاعبين خبرة في نادي الوحدة، وأن هذا ما تعلمه وأنه كان يتلقى التوجيه والنصائح من اللاعبين الأكثر خبرة منه في بداية مسيرته، مؤكداً أن دور اللاعب صاحب الخبرة الكبيرة أن يكون قائداً.
وبارك إسماعيل لنادي العين إنجازه بفوزه بدوري أبطال آسيا، مؤكداً أن تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، هي أكبر بطولة، وأن العين استحق التتويج بعد عبوره لفريقي النصر والهلال أقوى فرق البطولة، وأثنى على ما قدمه العين وطريقة المدرب في التعامل مع المباريات ومستوى خالد عيسى وبندر الأحبابي ويحيى نادر، ما يؤكد أن الكأس ذهبت لمن يستحق عن جدارة، وأن تأثيرها سيكون كبيراً على الكرة الإماراتية، ويكفي أن نرى «فرحة بوخالد»، فهي تساوي الدنيا وما فيها.
واستحضر «سمعة» ذكريات بدايته مع الوحدة، قائلاً: «هو بيتي الذي نشأت فيه، فأنا هنا منذ أن كان عمري 7 سنوات»، متذكراً حضوره مع أشقائه وقضائهم معظم وقتهم في النادي، ولم يندم إسماعيل على عدم خوضه تجربة الاحتراف الخارجي، مؤمناً بأن أفضل شيء أن يلعب في نادي الوحدة ويختتم مسيرته مع العنابي بالطريقة التي يتمناها، مضيفاً كنت في بعض الأوقات قريباً من الرحيل، وتلقيت عروضاً لكني تراجعت لأني لم أتصور أن ألعب ضد الوحدة كنت دائماً أتذكر البدايات مع الفريق الأول، وكيف عانيت لمدة 4 سنوات بعد تصعيدي للفريق الأول لأجد لنفسي مكاناً في التشكيل، ببساطة بدأت مع جيل تقسيمتهم في المران كانت أقوى من مباريات في الدوري، ولذا كان عليَّ رغم تألقي في منتخبات الشباب واللعب على حساب نجوم في الدوري أن أضاعف جهدي لألعب في النادي، حتى أنني قبلت باللعب في غير مركزي أكثر من مرة لأحصل على الفرصة.
ونفى نجم الوحدة المعتزل تراجع أداء المنتخب منذ بطولة أمم آسيا 2015، مؤكداً أنه كان لدينا جيل رائع حقق الكثير والأداء لم يتراجع، وإنما نحتاج إلى إضافات وتطوير، ببساطة تستطيع القول: إننا لم ندخل الخطوة التالية للنجاح بالتدعيم الدائم وتجديد الدماء، فالفرق المنافسة بعد فترة تحفظ طريقة لعبك وتضيق على مفاتيح اللعب لدينا، ولذا فأنت مطالب طوال الوقت بالتغيير والتوازن، وهنا أطالب المسؤولين في العالم كله بدراسة تجربة ريال مدريد في التغيير والاستمرارية، فرغم أني لست من عشاق النادي الإسباني لكني أحترم تجربتهم بدليل أن إنتاجية اللاعب في الريال أكبر بكثير من إنتاجيته في منتخب بلاده.
ورغم الأجواء أبدى إسماعيل مطر تفاؤله بمستقبل المنتخب في المرحلة المقبلة قائلاً: بالعكس ليس لدينا سوى التفاؤل وزرع الثقة، ولنضرب مثالاً بالعين إذا نظرنا إلى القيمة التسويقية للعين والنصر أو الهلال قبل المواجهات في بطولة آسيا فلم نكن نتخيل أن يعبر ممثل الوطن، لكن لاعبي العين تجاوزوا الفروقات بالثقة والتفاؤل والشخصية، وإذا ما فعلنا ذلك على كل المستويات ومنها المنتخب فإن المكتسبات ستكون كثيرة.
الوصل والثنائية
قدم إسماعيل مطر التهنئة إلى نادي الوصل لحصوله على الثنائية، قائلاً: عودنا الوصل يوم يعود أن تكن عودته بالثنائية مثلما فعل من قبل، فالفريق استحق الصعود على منصات التتويج مستحق بعد عمل جبار تستحق عليه إدارة النادي كل الشكر وكل التهنئة لأقطاب الوصلاوية، والمهم في الأمر هو التأكيد من موقعي وأنا لاعب معتزل أن اتساع رقعة المنافسة وتزايد الفرق الفائزة بالدوري يرفع من حدة التنافس، ويزيد جمال البطولة ويجعلها مثيرة وحماسية، وأتمنى رؤية الوحدة في المنافسة ومعه كل الفرق، ولذا أتوجه بالشكر لفريق البطائح على ما قدمه من جهود كبيرة وأداء رائع هذا الموسم، ولكن ما أتمناه هو الاستمرارية، فالوصل مثلاً أصبح لدى هذا الجيل خبرة البطولات، وللأمانة أنا شاهدت مؤشرات البطولة يوم فزنا عليهم بالمباراة الأخيرة بالدوري، ووجدت الإدارة والجماهير تساند الفريق، خصوصاً خالد السناني رغم الخطأ الذي ارتكبه في المباراة.
لا أطمح لأن يكون أحد مثل مطر
قال أسطورة نادي الوحدة: لا أطمح لأن يكون أحد مثل إسماعيل مطر، بل أتمنى أن يكونوا أفضل مني، مؤكداً وجود العديد من اللاعبين المتميزين الذين يحتاجون للدعم والبيئة المناسبة ليواصلوا تألقهم، معرباً عن قلقه من ضغوطات مواقع التواصل الاجتماعي التي تلقي بظلالها على اللاعبين، والتي من الممكن أن تهدم مسيرة اللاعب، وأنه لم يواجه هذه الضغوطات في بدايته في الملاعب، فالآن كل شخص من الجمهور لديه منصة خاصة ينتقد فيها بعكس زمان، وهذا ما قد يتسبب في هدم لاعبين، خصوصاً وأن النقد في معظم الأحيان مبني على عدم معرفة بظروف اللاعب.
هؤلاء الأشخاص يحبون الوحدة
بعد مسيرة طويلة داخل جدران نادي الوحدة، أكد إسماعيل تواجد العديد من اللاعبين الأوفياء للنادي، إلا أن الظروف لم تكتب لهم الاستمرار مع العنابي، رافضاً مقولة: «إسماعيل الأكثر وفاءً» لوجود العديد من الأسماء التي كانت تمني النفس بالبقاء في النادي، قائلاً: هؤلاء الأشخاص يحبون الوحدة ويغارون على اسم النادي حتى في التدريبات لكن الظروف وضعتهم في طريق آخر.