عمرو عبيد (القاهرة)


بينما تستعد المنتخبات المشاركة في كأس أمم آسيا، ونظيرتها الأفريقية، بقوة لخوض السباق القاري الكبير، تقع مسؤولية لا تقل أهمية عن مهام اللاعبين والمدربين على عاتق الحكام المُختارين لإدارة المباريات، وهو أمر مهم جداً وضعته اللجان الرئيسة المُنظمة للبطولتين في الحسبان، حيث تشهد «القارة الصفراء» وجود 74 حكماً لإدارة الكأس الآسيوية، برقم قياسي للمرة الأولى في تاريخها، بجانب ظهور «سيدات التحكيم» في حدث نادر أيضاً، كما وقع اختيار «الكاف» على 63 حكماً لإدارة بطولة «القارة السمراء»، إلا أن بعض التفاصيل الخاصة بالحكام، بعيداً عن الصافرات والبطاقات، وقرارات «الفار»، تمنح البطولتين «بُعداً مختلفاً» قد يبدو طريفاً أو غريباً.
وتبدو البداية «مثيرة» من جهة البطولة الآسيوية، لأن الحكم الموجود في صدارة القائمة الرسمية المُختارة من اتحاد آسيا لكرة القدم، الأسترالي شون إيفانز، كان يعمل «عامل بناء» قبل أقل من 8 سنوات، حيث كان عام 2016 «وجه السعد» له، بعدما وقع اختيار الاتحاد الأسترالي عليه ليقوم بتعيينه في وظيفة حكم محترف، بديلاً لمواطنه المُعتزل وقتها بن ويليامز، ليبتعد إيفانز عن كتل الطوب والحجارة، وينتقل إلى «المستطيل الأخضر» مسلحاً بـ«البطاقات الملونة»!

 


ولأن الظهور الأول للحكام السيدات يلفت الأنظار بالتأكيد في كأس «القارة الصفراء»، فإن المُدرسة اليابانية يوشيمي ياماشيتا لا تكتفي بما صنعته من تاريخ، حيث كانت أول حكمة في الدوري الياباني، ثم دوري أبطال آسيا، قبل وجودها في كأس العالم 2022، بل إن دورها التربوي يليق بقيادتها التحكيمية للمباريات، إذ تخرجت من كلية التربية بجامعة طوكيو جاكوجي لتعمل في وظيفة التدريس، لتلحق على الجانب الآخر من «بحر الصين الشرقي» الذي يفصل الدولتين، بزميليها المُعلّميْن الصينييْن، فو مينج وما نينج، اللذين يعملان مدرسيْن في جامعتي ووشي ونانجينج، للعلوم والصناعة والتكنولوجيا، ويتواجدان هما أيضاً ضمن صفوة الحكام الآسيويين في البطولة.
وفي أفريقيا، يملك بعض الحكام وظائف أخرى تبعد تماماً عن المجال الرياضي، لعل أغربها يتمثل في الحكمة المغربية، بشرى كربوبي، وهي واحدة من أشهر الحكام السيدات في «القارة السمراء»، إذ تعد أول حكمة تدير مباراة في الدوري المغربي، وكذلك مشاركتها في كأس الأمم السابقة، وظهور اسمها ضمن طاقم تحكيم النهائي الأفريقي آنذاك، مساعدة حكم تقنية الفيديو، للمرة الأولى في تاريخ «الكان»، لكن وجه الغرابة يأتي لكونها تعمل «ضابطة شرطة» بولاية أمن مكناس المغربية، وربما يبدو وضع بُشرى نادراً، إلا أن الكأس الأفريقية تضم «شُرطياً عربياً» آخر، هو الحكم المصري محمد عادل، الذي يعمل ضابطاً في قطاع الأمن المركزي بوزارة الداخلية المصرية.
ولأن دراسة القانون والتخرج من كليات الحقوق، وما شابهها في الدول المختلفة، ترتبط بأسماء عالمية كثيرة جداً في مجال التحكيم، مثل فيلكس بريتش الألماني الذي يحمل شهادة الدكتوراه في القانون، فإنه لم يكن غريباً أن تحتوي قائمة الحكام على اثنين من المحامين، هما الياباني يوسوكي أراكي الموجود في كأس آسيا، والمصري أمين عمر في كأس أفريقيا.

 

 


«مهندس» و«طبيب» و«أستاذ جامعي» في الصورة


المجال الطبي أيضاً ظهر تحت الأضواء التحكيمية، إذ تملك القارة الأفريقية «طبيب أسنان»، صنع شهرته وتاريخه داخل المستطيل الأخضر، وهو الحكم الجزائري مصطفى غربال، الذي تصدّر قائمة المُختارين لإدارة مباريات «الكان»، ويملك غربال مُختبر لصناعة الأسنان ويمارس فيه عمله الطبي بجوار التحكيم، كما أن الحكم الإثيوبي باملاك تيسيما يعمل باحثاً طبياً ومُنسقاً سريرياً «إكلينيكي» ودرس كذلك علم الاجتماع، في حين أن السنغافوري، محمد تقي، يحمل شهادة البكالوريوس في العلوم، ويملك وظيفة أكاديمية بجانب دوره التحكيمي في القارة الآسيوية!
ويملك كثير من حكام البطولتين شهادات ووظائف أخرى متنوعة، حيث يعمل حكمنا عمر آل علي، رئيساً لشعبة في بلدية مدينة الشارقة، وهو ما قال عنه إنه قريب من طبيعة شخصية ووظيفة الحكم في كرة القدم، كما يعمل الحكم الأردني أدهم مخادمة مهندساً مدنياً، ويملك السوري حنا حطاب خبرات في مجال التجارة والاقتصاد، بعد حصوله على شهادات جامعية في التخصصين، كما درس وعمل القطري عبد الله المري في مجال إدارة الأنشطة الرياضية، بشهادة مماثلة.
وإذا كان الحكم المصري محمد معروف، هو أحد أعضاء هيئة تدريس بكلية التربية الرياضية بجامعة شمال سيناء، فإن بعض الحكام الأفارقة يملكون شهادات رفيعة أيضاً في السلك الجامعي، والكيني بيتر كاماكو لديه شهادة ماجستير العلوم في الرياضيات البحتة، كما يحمل الغاني دانيال لاريا شهادتي بكالوريوس في مجالي المحاسبة وإدارة الأعمال وكذلك التربية البدنية.