عمرو عبيد (القاهرة)

تأسس نادي مانشستر سيتي في نهاية القرن الـ19، مثل كثير من أندية إنجلترا والمملكة المتحدة آنذاك، وبدأت «حكاية السيتي» تحديداً في عام 1880، عندما قرر أعضاء كنيسة سانت مارك بمنطقة وست جورتون في مدينة مانشستر، إنشاء نادٍ يجمع رجال وشباب المدينة لمزاولة أنشطة رياضية، بدلاً من إهدار الوقت في أعمال العنف وإدمان الكحول، لهذا صُبغت بداية تكوين «السيتي» بأغراض إنسانية واجتماعية رائعة في تلك الحقبة. وبعد تشكيل نادي كريكيت عام 1875، جاء الدور على تكوين نادي وفريق كرة القدم في شتاء 1880، وخلال ما يقارب قرن ونصف قرن من الزمن، أبحرت «السفينة الذهبية» الشهيرة الموجودة فوق شعار النادي، لتقدم إلى عالم كرة القدم نادياً فريداً من نوعه، وعبر تلك الرحلة الطويلة، مرت «سفينة البلو مون» بسنوات الأفراح والنجاحات، وكذلك لطمتها أمواج الطرق الوعرة والصدمات، لكن الرحلة اكتملت وبلغت «السفينة الذهبية» قمة الكرة الأوروبية هذا الموسم، ويا لها من رحلة!

3 أسماء
عرف «السيتيزن» 3 أسماء عبر تاريخه العريق، حيث حملت البداية اسم الكيان المؤسس عام 1880، سانت مارك وست جورتون، وبعد 7 سنوات فقط تحول إلى نادي اتحاد أردويك لكرة القدم، وهي منطقة إدارية معروفة بمدينة مانشستر شمال غرب إنجلترا، ثم جاء عام 1894 ليتغير الاسم إلى مانشستر سيتي، ويحتفظ به منذ ذلك الحين.

لقب بعد 24 عاماً
سجّل التاريخ أن أول مباراة لفريق السيتي تحت اسمه القديم، سانت مارك وست جورتون، أقيمت في 13 نوفمبر 1880، وخسرها بنتيجة 1-2 أمام فريق كنيسة ماكليسفيلد، وكان «السيتيزن» قد حقق انتصاراً وحيداً فقط خلال موسمه الأول، 1880-1881، الذي جاء على حساب ستاليبريدج كلارنس في مارس 1881، وحقق الفريق أبرز إنجازاته في حقبته الأولى عندما حصد لقب الدرجة الثانية عام 1899 ليصعد إلى دوري الدرجة الأولى الإنجليزي.
واحتاج «البلو مون» 24 عاماً ليحصد أول ألقابه الكُبرى، عندما تُوّج بكأس الاتحاد في موسم 1903-1904 بعد فوزه على بولتون 1-0 في المباراة النهائية يوم 23 أبريل 1904، ليهدي «السيتي» مدينة مانشستر أول ألقابها الكُبرى في عالم كرة القدم!

بطل الدوري 1936-1937
قاتل مانشستر سيتي طويلاً من أجل نيل بطولة الدوري الإنجليزي، تارة يقترب من المراكز المتقدمة وتارة أخرى يبتعد، وصادفه حظه العاثر في موسم 1915-1916 الذي تصدر فيه المشهد مُبكراً، لكنه تعرض للإلغاء بسبب قيام الحرب العالمية الأولى.
وبعد سلسلة من الصمود والبقاء في الدرجة الأولى بعدما اعتاد سابقاً الهبوط والصعود السريع، نجح «السيتيزن» بعد 57 عاماً من تأسيسه في حصد اللقب الأغلى في موسم 1936-1937، لينقش اسمه بحروف ذهبية في تاريخ أبطال الدوري للمرة الأولى، ليُتوّج برصيد 57 نقطة بفارق 3 نقاط عن تشارلتون أثلتيك «الوصيف»، والمثير أن السيتي أحرز آنذاك 107 أهداف كأقوى خط هجوم على الإطلاق، بينما هبط جاره اللدود مانشستر يونايتد آنذاك إلى الدرجة الأدنى برصيد 32 نقطة في المركز 21!

كأس الكؤوس الأوروبية  
تُعد فترة نهاية ستينيات القرن الماضي وبداية السبعينيات، واحدة من أفضل فترات مانشستر سيتي في تاريخه القديم، حيث تمكن من الفوز بلقب الدوري الإنجليزي للمرة الثانية في موسم 1967-1968، وأتبعه بلقب كأس الاتحاد في 1968-1969، ومعهما لقبان في بطولة الدرع الخيرية عامي 1968 و1972، لكن يبقى موسم 1969-1970 هو الأبرز في تلك الحقبة، حيث حصد أولاً كأس الرابطة الإنجليزية على حساب وست بروميتش بنتيجة 2-1، ثم أضاف اللقب الثاني الأغلى وقتها، لأنه كان الأول في تاريخه الأوروبي، بالتتويج بكأس أبطال الكؤوس، والطريف أنه فاز في النهائي أيضاً بنتيجة 2-1 أمام جورنيك زابجة البولندي.

الحقبة السوداء
عانى «السماوي» كثيراً منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي حتى بداية الألفية الحديثة، وترنح الفريق في المراكز المتأخرة بـ«البريميرليج» بين الـ16 والـ17 خلال مواسم 1993-1994 و1994-1995 قبل الهبوط إلى الدرجة الأولى في نسخة 1995-1996 باحتلاله المركز 18.
وبعد ظهور باهت في الدرجة الأدنى بموسم 1996-1997 مكتفياً بالبقاء في المركز الـ14، تعرض إلى «ضربة قاصمة» في الموسم التالي ليهبط إلى الدرجة الثانية، بل إنه كاد يفقد فرصة العودة إلى الدرجة الأولى من جديد في موسم 1998-1999 خلال ملحق الصعود، حيث ظل خاسراً بهدفين أمام فريق جيلنجهام حتى الدقيقة 87، إلا أن السيتي انتفض وعادل النتيجة بهدفين في الدقيقتين 90 و90+5، قبل اقتناص بطاقة الصعود عبر ركلات الترجيح، ثم نجح في العودة إلى «البريميرليج» في الموسم التالي، 1999-2000، قبل الهبوط مجدداً في موسم 2000-2001 ثم العودة مرة أخرى إلى الأضواء بعد موسم 2001-2002، لتنتهي حقبة مظلمة كادت تقضي على النادي العريق آنذاك.

«سيتي أبوظبي».. عصر القوة
لم تعد الكلمات كافية لوصف «الإعجاز» الذي قامت به الإدارة الظبيانية منذ تولي قيادة نادي مانشستر سيتي عام 2008، فالفريق الذي كاد يُنسى في الدرجات الأدنى قبل سنوات قليلة، انتقل إلى «عصر القوة» في لمح البصر بفضل الإمارات، وعرف الطريق إلى منصات البطولات بعد سنوات طويلة جداً من الابتعاد والمعاناة، ومع تطور مشروع «سيتي أبوظبي» الاستثماري والإداري والكروي، عاد «البلو مون» عملاقاً في «البريميرليج» ليحصد الألقاب توالياً، بجانب السيطرة المُطلقة على الكرة الإنجليزية في السنوات الأخيرة، وبعد 19 لقباً إنجليزياً محلياً، جاء الدور على «الرقم 20»، ليلمع ويزين خزائن بطولات «السماوي»، بكأس دوري أبطال أوروبا التي لم يعرفها السيتي من قبل، لكنه عرفها الآن بعدما أبهر العالم كله وفرض سطوته على كبار أوروبا، وإذا كان التوفيق عانده كثيراً في سنوات مضت، فإن التتويج على حساب بايرن ميونيخ ثم ريال مدريد وبعدهما إنتر ميلان، بأداء باهر ونتائج تاريخية، يكفي لمحو أحزان الماضي، ليتفرغ السيتي وعشاقه للاحتفال والفرحة بتلك الإنجازات التي تحمل «بصمة الإمارات»!
8 محطات
رغم أن الكتب القديمة تشير إلى ارتباط مانشستر سيتي باللون الأزرق منذ 1892 وربما قبل ذلك، إلا أن اللون الأسود والقرمزي ظهرا في بعض المجلدات الأرشيفية خلال فترة الأربعينيات من القرن الماضي، ولهذا بدا الشعار الخاص بالنادي في عام 1926 بعيداً عن اللونين الأزرق أو السماوي، وطغى عليه 3 ألوان، هي القرمزي والذهبي والأبيض، حيث حمل شعار مدينة مانشستر الرسمي المعروف «النبالة» بنقش يحمل كلمات لاتينية هي «المجلس والعمل»، ثم تغيّر خلال ستينيات القرن الماضي ليتم استخدام درع من شعار المدينة وسط «لوجو دائري»، ممثلاً في السفينة وحقل أحمر و3 خطوط صفراء، ترمز إلى الأنشطة التجارية وقنوات المدينة الملاحية.
واحتفظ النادي بأساسيات الرموز فوق الشعار خلال بداية السبعينيات مع تغيير الهيكل الدائري فقط، وفي منتصف السبعينيات، تم تعديل الألوان، حيث تحول مركز الدائرة إلى الأزرق، وتحولت الخطوط إلى اللون الأسود، مع استبدال الخطوط القطرية بالوردة القرمزية «لانكشاير».
والطريف أن النادي عاد إلى شعاره القديم الخاص بالمدينة بين عامي 1976 و1981، والذي يحمل صورة الوحشين وخوذة الفارس والنحل والدرع والكلمات اللاتينية، وسرعان ما استعاد الشعار الأساسي مع التعديل إلى اللون الأزرق الداكن، ليحافظ عليه حتى عام 1997، وهو العام الذي تحول فيه الشعار إلى النسر الذهبي مع خطوط بيضاء ترمز إلى 3 أنهار مزينة بـ3 نجوم وكلمات منقوشة «الفخر في المعركة»، وفي عام 2016، استعاد النادي شعاره المعروف بسفينته الذهبية والوردة القرمزية، بجانب تاريخ 1894 الذي يشير إلى تأسيسه الحديث باسمه المستمر منذ ذلك الوقت.