معتز الشامي (دبي)


ما بين وصف «الرمز» و«هرم الرياضة البحرينية»، وغيرها من الألقاب التي تدل على «عظمة المسمى»، تفتقد بطولة «خليجي 25» بالعراق، حضور فقيد الرياضة الخليجية والرمز الكبير، الراحل الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، الذي ووري جثمانه الثرى بمقبرة الحنينية بالعاصمة البحرينية المنامة في مارس 2020 عن عمر ناهز 83 عاماً بعد صراع مع المرض.
في غياب «شاهد العصر الأبرز» و«الأب الروحي» لدورات بطولة كأس الخليج، التي عاصرها منذ الانطلاقة الأولى في البحرين عام 1970، وحتى النسخة الماضية في 2019، تنطلق منافسات «خليجي 25» بالبصرة في العراق، بيد أن ذكراه وسيرته العطرة ستظل حاضرة في قلوب كل الخليج.
ارتبط اسم الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة بالرياضة التي عشقها منذ البدايات وتقلد فيها عديد المناصب كرئاسة المؤسسة العامة للشباب والرياضة في عام 1988 بدرجة وزير، فضلاً عن توليه رئاسة نادي البحرين الرياضي بالمحرق لعدة سنوات قبل تعيينه رئيساً فخرياً، كما تولى أيضاً رئاسة الاتحاد البحريني لكرة القدم منذ عام مُنذ عام 1973 حتى 1988، وهي أطول فترة لرئيس يتولى فيها رئاسة اتحاد كرة القدم بالبحرين.
ذكريات عديدة ومواقف لا تنسى، رافقت الهرم الخليجي والعربي الكبير الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، خلال رحلته مع «كأس الخليج»، قبل أن يخلف رحيله جرحاً غائراً في قلب كل من عرفه عن قرب، وحتى أولئك الذين لم يعرفوه، واكتفوا برؤيته في العديد من المقابلات العفوية، سواء في المجال الرياضي أو الاجتماعي، والتي عرف من خلالها ببساطته وأسلوبه الجميل والشيّق.


«مائدة العشاء»


في كتابه «خواطر وذكريات من دورات كأس الخليج 1970- 2014»، كشف الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة عن فكرة كأس الخليج التي انطلقت من «مائدة عشاء» ضمت صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود والشيخ محمد بن خليفة آل خليفة والعديد من الرياضيين الخليجيين، والذي أقيم في السعودية على هامش أحد الاجتماعات الخليجية الخاصة والتي لا تبعد كثيراً في الأساس الذي عقد له عن مناقشات المبادرات الخليجية التي تهدف لتطوير العلاقات على مختلف الأصعدة.


«رأب الصدع»


يحكي تاريخ الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة مع دورات كأس الخليج، جهوداً مشكورة في رأب الصدع داخل الجسم الرياضي الخليجي، فبحكم علاقاته الطيبة مع قطب الرياضة السعودية الراحل الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وقطب الرياضة الكويتية الراحل الشيخ فهد الأحمد الجابر الصباح، كان كثيراً ما يتدخل لترطيب الأجواء بينهما في أثناء اشتداد المنافسة بين المنتخبين السعودي والكويتي في دورات الخليج وغيرها، على نحو ما حدث في الدورة العاشرة التي أقيمت في الكويت.


«يالزينة ذكريني»


بعيداً عن الرياضة، عُرف الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة كشاعر ورائد في كتابة الأغنية البحرينية والخليجية، وصدر له ديوان «في العصر»، ويرى الكثيرون أن أجمل ما قدمه شعراً للطرب الخليجي يكمن في قصيدة «يالزينة ذكريني»، والتي غناها أحمد الجميري في السبعينيات لاشتمالها على معانٍ وطنية صيغت في قالب رومانسي متناغم مع جمال الطبيعة ومنها قوله: «حملت نجم السما.. شوقي لكم وياه.. وصيت طير الفلا.. ولا حمل لوصاه.. حملت موج البحر.. سلامي ما وداه.. حلفت يا الزينة.. ما فارق البحرين.. في قلبي مزروعة.. ومحفوظة وسط العين.. أشتاق أشم العود.. وأوله على الطيبين.. والحنا لي خطوة.. وساود على الكفين.. آرد ويا الصيف.. ولا الشتا لي رد».

«القانوني الضليع»


أهل التخصص الأكاديمي في الحقوق، والذي حصل عليه من القاهرة الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة ليتقلد مناصب عديدة بعد عودته إلى بلاده عام 1963، بدأت بتعيينه قاضياً في محاكم البحرين في الفترة ما بين عامي 1963 و1968، قبل أن يلتحق بقوة دفاع البحرين في بدايات تأسيسها للعمل مستشاراً في دائرة الشؤون القانونية برتبة ملازم أول، وفي قوة الدفاع التي كان يتولى قيادتها وقتذاك ولي العهد (الملك حمد بن عيسى آل خليفة) راح الشيخ عيسى يتدرج في سلالم الرتب العسكرية حتى وصل إلى منصب نائب القائد العام، متولياً بعد ذلك منصب وكيل وزارة الدفاع حتى العام 1976.