الدوحة (أ ف ب)

خرج المنتخب الإنجليزي من مونديال قطر 2022 لكرة القدم، وهو يجر أذيال الخيبة خلفه مع صورة مألوفة من قبل عشاق الكرة المستديرة من الفشل والألم المولد من إهدار ركلة جزاء مهمة أخرى في بطولة كبرى، ولكن برضى عن المدرب جاريث ساوثجيت رغم بعض الانتقادات.
في حين يحزم منتخب «الأسود الثلاثة» حقائبه تمهيداً للعودة إلى بلده الأحد، دارت عدة أحداث حول ظروف الخروج الحزين بدت وكأنها انفصال عن الماضي.
لم يساور القلق الجماهير الإنجليزية بشأن إخفاقات تكتيكية أو عدم كفاءة فنية. ولم تغادر إنجلترا على وقع قرع طبول المطالبة بإجراء مراجعة جذرية وتفصيلية لكرة القدم، كما لم ترتفع الأصوات مطالبة برحيل المدرب.
بخلاف ذلك، تنامى شعور أن يتم السماح للمدرب ساوثجيت، في حال أراد ذلك، الاستمرار في مهامه على الأقل لبطولة كبرى أخرى.
تعرض ابن ال 52 عاماً لانتقادات بعد خروج إنجلترا من بطولتين سابقتين، وألقي باللوم على عدم قدرته في تعديل خطته في منتصف الطريق خلال الخسارة أمام كرواتيا في نصف نهائي كأس العالم، وهزيمة نهائي أمم أوروبا العام الماضي على أرضه في ملعب «ويمبلي» أمام إيطاليا بركلات الترجيح.
أخيراً، وعلى الرغم من أن غبار الخسارة أمام فرنسا 1-2 في نصف نهائي مونديال قطر لم ينقشع بعد، إلا أن قلّة اتهموا ساوثجيت بعدم الكفاءة التكتيكية.
قرر ساوثجيت مجاراة الفرنسيين بالأسلوب الهجومي، باختيار خطة 4-3-3، كانت قاب قوسين من أن تؤتي ثمارها.
قال ساوثجيت «أردنا أن نجاريهم، وشعرنا أن هذه هي الطريقة التي أردنا أن نقترب بها من البطولة»، مضيفاً «لقد فعلنا ذلك».
وتابع «قدمنا عروضاً متسقة في ثلاث بطولات ولكن هذه الأمسية ربما تكون أفضل ما لعبناه ضد دولة كبرى خلال الفترة التي كنت أتولى فيها المسؤولية».
وأردف «لكننا فشلنا والنتيجة هي كل ما يهم، وهذا أمر يصعب تحمله».
يستمر عقد ساوثجيت حتى نهاية عام 2024، ما يعني انه سيحصل على فرصة قيادة إنجلترا إلى نهائيات النسخة المقبلة من أمم أوروبا. إلا أنه قال أنه يخطط لأخذ فترة للتفكير بشأن مستقبله وتحديداً بشأن قرار البقاء أو الرحيل.
وبهذا الصدد قال صاحب الشأن «يجب أن أتأكد من أن أي قرار أتخذه هو الصحيح».
وأضاف «أعتقد أنه من الصواب تخصيص بعض الوقت للقيام بذلك لأنني أعرف في الماضي كيف تغيرت مشاعري في أعقاب البطولات مباشرة».
ربما يتم إقناع ساوثجيت بالاستمرار من خلال مجموعة المواهب التي يجب أن تبقى تحت إشرافه، من أجل خوض غمار بطولات أخرى. فمتوسط أعمار التشكيلة الأساسية للمنتخب الإنجليزي بلغ 26 عاماً.
ويجب أن يظل جوهر الفريق متاحاً لسنوات مقبلة، إذ لا يزال لاعبون مثل جود بيلينجهام «19 عاماً» وفيل فودن «22» وبوكايو ساكا «21» وديكلان رايس «23» في مرحلة النضج.
من ناحيته، ألمح المدرب الإنجليزي إلى أن صغر سن لاعبي المنتخب قد يقنعه بمراجعة عقده.
قال «هناك الكثير مما يجعلك متحمساً عندما تنظر إلى أعمار الكثير من اللاعبين»، ليضيف بكلمات تختزن فيها بعض الحزن «لكن لا يزال يتعين عليك الفوز بالمباريات التي يمكن الفوز بها للوصول إلى الدور نصف النهائي والنهائي».
قد يميل ساوثجيت إلى السير على المسار نفسه لنظرائه القاريين، فالألماني يواكيم لوف، مدرب منتخب ألمانيا السابق، لم يذق طعم النجاح في كأس العالم إلاّ في المحاولة الرابعة ل «المانشافت»، بينما كان المدير الفني للمنتخب الفرنسي ديدييه ديشامب مسؤولاً عن المنتخب الفرنسي منذ 2012، قبل التكريس العالمي في روسيا بعد أربعة أعوام.
ويحصل ساوثجيت على دعم لاعبيه داخل غرفة الملابس وخارجه، لذا يصرّ الجميع على بقائه في منصبه، في حين عكس رايس رغبتهم قائلاً «آمل في أن يبقى».
وأضاف «هناك الكثير من الحديث حول ذلك. هو رائع لنا. هناك الكثير من الانتقادات التي لا يستحقها».
من ناحيته، يأمل الهداف والقائد هاري كين الذي أهدر في الدقائق القاتلة ركلة جزاء أمام فرنسا كانت كفيلة بفرض التعادل 2-2، في أن يستمر ساوثجيت في منصبه.
قال «نحب وجود جاريث كمدرب ونريده بالتأكيد أن يبقى، لكن هذا قراره»، مضيفاً «لدينا فريق رائع. لاعبون شباب رائعون يصلون إلى أوجهم، ونهائيات كأس أمم أوروبا ليست بعيدة كثيراً. وبقدر ما يؤلمنا، علينا المضي قدماً والتطلع إلى ذلك».
انضم اللاعبون السابقون أيضاً إلى جوقة دعم ساوثجيت، فقال قائد مانشستر يونايتد السابق جاري نيفيل «إنجلترا في مكان جيد جداً، فلنكن واضحين بشأن ذلك»، مشدداً «لقد خرجنا من البطولات مع عار وتساءلنا ما هو المستقبل. لدينا مستقبل عظيم وهو (ساوثجيت) جزء كبير من ذلك».
لم تشذ كلمات الإيرلندي روي كين عما قاله زميله السابق في يونايتد، مضيفاً «لقد قام بعمل رائع» و«هل يريد البقاء بضع سنوات أخرى؟ آمل في أن يفعل ذلك».