سلطان آل علي (دبي)


عندما أعلن الوحدة تعيين الفرنسي جريجوري مدرباً لـ «العنابي»، خلفاً للهولندي تين كات، لم يتوقع أشد المتفائلين أن ينافس الفريق على لقب «دوري أدنوك للمحترفين»، ويصل إلى نهائي كأس رئيس الدولة، ونصف نهائي كأس الرابطة. 

والحقيقة أن جريجوري تمكّن من فعل أكثر من ذلك، يكفي أن صنع أسلوباً عبارة عن «ماكينة وآلة ضغط» لا تكل ولا تملّ، ليس على مستوى «دورينا» فحسب، ولكن المنطقة و«القارة الصفراء»!
إذا أردنا الحديث عن الجانب الفني والرقمي لأسلوب «أصحاب السعادة» في الموسم المنصرم، برز أسلوب الضغط والقتال البدني على الفريق بقيادة جريجوري، وتُظهر إحصائيات «شدة الضغط»، والتي تبيّن عدد محاولات الضغط على المنافس في الدقيقة، أنّ الوحدة أكثر فريق يمارس الضغط على منافسيه بـ7.2 محاولة كل دقيقة!، هذا الرقم يجعله أعلى فريق ضمن أفضل 7 دوريات في القارة، متفوقاً على الهلال السعودي ويوكوهاما إف مارينوس الياباني «7 محاولات ضغط كل دقيقة»، وفي «دورينا» يأتي من بعده شباب الأهلي بـ6.6 محاولة ضغط في الدقيقة ثم بقية الفرق. 

وتتضح قوة «العنابي» كذلك من معيار معدل تطبيق الضغط، والذي يوضح عدد التمريرات التي يسمح بها الفريق للمنافس، قبل أن يضغط عليه لاستعادة الكرة، حيث يسمح الوحدة بـ7.75 تمريرة للمنافس فقط قبل الضغط.
ولا تكفي هذه الأرقام لوحدها لإثبات فائدة الضغط، فقد يضغط الفريق، ولكن دون نجاح أو تنسيق بين اللاعبين، ولكن الأرقام تظهر أنّ الوحدة نجح في 47% من محاولاته للضغط على المنافس، وهو رقم كبير مقارنة بعدد المحاولات، وتأتي نسبته في المركز الثاني بعد اتحاد كلباء الذي نجح في 49% من المحاولات.
ولكن هل هذا يكفي لإثبات نجاح الأسلوب؟ في الحقيقة لا تعد المعايير السابقة كافية، والكثير من محللي الإحصاء يربطون بين معيارين مهمين، لتحديد مدى الاستفادة من الضغط، الأول هو معدل تطبيق الضغط، والثاني هو معدل التسديدات التي يستقبلها مرمى الفريق.
وفي حالة الوحدة، نجد أنّ الفريق فعلاً يستفيد من كونه أعلى فريق في معدل تطبيق الضغط، بوجوده كثاني أقل فريق استقبل تسديدات على مرماه في الموسم، بمعدل 9 تسديدات كل مباراة تقريباً، ومجموع 237 تسديدة، وأدى ذلك إلى حصول «أصحاب السعادة» على ثاني أقوى دفاع مع الشارقة، باستقباله 25 هدفاً، خلف العين الذي استقبل 17 هدفاً فقط.
ومن دون شك، هذا الضغط العالي يتطلب قوة بدنية كبيرة، ويبدو ذلك جلياً في تحقيق الفريق العنابي لأعلى دقة استخلاص في الدوري، بنسبة نجاح 64%، كما أنه ثاني أكثر فريق في الالتحامات الدفاعية بـ1765 التحاماً، وفي الوقت ذاته، أدّى ذلك إلى احتلال الوحدة المرتبة الأولى في نيل الإنذارات بمجموع 62 بطاقة صفراء إضافةً إلى 3 بطاقات حمراء.
وبسبب هذا الأسلوب، نجد أنّ الوحدة لا يفكر في الأداء الجمالي الفني لكرة القدم، بل في الأداء القتالي البدني، وعلى مستوى التمريرات، مرر الفريق 15711 تمريرة، وهو في المركز الخامس بين أندية الدوري، وبدقة 83%، وحتى تتضح الصورة أكثر، فإن أعلى لاعب «وحداوي» في «قائمة الممررين»، يأتي في المركز 34 «فقط أندية العروبة والظفرة والإمارات أعلى ممرر لها في مركز أقل»، واللاعب هو أدريان سيلفا الذي خاض نصف مباريات الموسم فقط بمجموع 686 تمريرة!
وركّز «العنابي» على التمريرات الطويلة، مما جعله خامساً في الدوري، بعد أندية الظفرة، واتحاد كلباء، والإمارات وبني ياس بـ1368 تمريرة طويلة. 

وفي الجانب المقابل، يعد الوحدة سادس أقل فريق في عدد المراوغات بـ209 مراوغة صحيحة فقط، حيث إن المراوغات تتركز في لاعبين فقط، هما جواو بيدرو وفابيو مارتينز.
وبالحديث عن الأهداف، لم يمنع هذا الأسلوب الذي يميل إلى الجوانب البدنية الفريق من التسجيل إطلاقاً، وهو ثاني أقوى هجوم بـ51 هدفاً، كما أنه يملك ثاني وثالث هدافي الدوري عمر خربين وجواو بيدرو.
واستطاع الوحدة استخدام أكثر من ميزة في لاعبيه، منها الأطوال بتسجيل 14 هدفاً رأسياً، ليكون أكثر فريق في الدوري، سجلها عن طريق 6 لاعبين مختلفين وهو الأعلى، والذي بدوره يعود جزء منه إلى دقة العرضيات، حيث يملك «العنابي» أعلى نسبة في الدوري بـ38%، كما يملك الوحدة ميزة التسديد من خارج المنطقة بـ13 هدفاً وهو الأعلى كذلك. وتتشكل هذه الأرقام المرتفعة في حالتين، إما أن يكون المسددون في الفريق متميزين، أو أنّ اللاعبين يضطرون لذلك، بسبب قلة الفرص المصنوعة، أو عدم وجود صانع ألعاب حقيقي. وفي الوحدة يبدو أن الجانبين حاضرين في وقت واحد، وإذا نظرنا إلى أكثر من صنع الفرص في الفريق، نجد أنّ إسماعيل مطر هو الأعلى بـ40 فرصة، رغم أنه خاض 16 مباراة فقط أساسياً، إلا أنه يتميز بـ «النجاعة»، حيث إنه سجل 31% من إجمالي الفرص، ليصبح الوحدة أعلى فريق في الدوري.