مدريد (الاتحاد)
بعد مضي ما يقرب من ثلث موسم الدوري الإسباني لكرة القدم، يظل الأكثر تنافسية وتقارباً بين الفرق على جدول الترتيب أكثر من أي وقت مضى، وجمع ريال سوسيداد المتصدر 25 نقطة من أول 12 مباراة خاضها الفريق الباسكي، ليؤكد أنه متحدٍ جاد على اللقب، ويأتي بعده ريال مدريد وإشبيلية «24 نقطة»، وأتلتيكو مدريد «22 نقطة»، وريال بيتيس «21 نقطة»، ثم رايو فايكانو الصاعد حديثاً يتواجد في مقعد مؤهل للبطولات الأوروبية برصيد 20 نقطة حتى الآن.
الفجوة بين المتصدر وصاحب المركز السادس هي خمس نقاط فقط، أقل من أي من الدوريات الأوروبية الكبرى الأخرى، ففي الدوري الإنجليزي الممتاز الفارق هو 8 نقاط، في الدوري الألماني 9 نقاط، وفي الدوري الفرنسي 12 نقطة، والدوري الإيطالي 13 نقطة.
كما أن أرقام فارق الأهداف هي شهادة على مدى تنافسية الدوري الإسباني، ويملك ريال مدريد حالياً أكبر فارق من الأهداف +14، وهو فارق أهداف أصغر من متصدري هذه الفئة في إنجلترا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وفي الطرف الآخر من الجدول، يمتلك خيتافي وليفانتي أسوأ إحصائيات فارق الأهداف في الدوري الإسباني بـ -12، فيما الدوري الإنجليزي والألماني والفرنسي والإيطالي كلها بها نادٍ واحد على الأقل لديه حصيلة أقل من ذلك، فهناك عدد قليل من المباريات السهلة في الدوري الإسباني، ومن الواضح أنه لا توجد فرق تخسر أسبوعاً تلو الآخر.
ما جعل بداية الموسم الحالي للدوري الإسباني مثيراً للاهتمام، هو حقيقة وجود بعض الوجوه الجديدة في قمة جدول الترتيب، كان المتوقع أن يكون أتلتيكو وريال مدريد منافسين على اللقب وهما يتواجدان في المقدمة، لكن ريال سوسيداد وإشبيلية وريال بيتيس مواكبة للغاية لفريقي العاصمة، وهي تواصل المضي قدماً بعدما حجزوا مقاعدهم في البطولات الأوروبية في الموسم الماضي.
وفي حالة ريال سوسيداد، فإن نجاحه هذا الموسم ليس مصادفة، ففي الموسم الماضي تصدروا الترتيب لأسابيع عديدة قبل أن يتفوق عليهم أتلتيكو مدريد الذي توج بطلاً في النهاية، كما أن سوسيداد استمر ليحقق الفوز بلقب كأس الملك 2019 الذي أعيدت جدولته ضد غريمه المحلي أتلتيك، وأصبح منزلهم الجديد ريال أرينا حصناً، وواحداً من أصعب الملاعب على الفرق الزائرة في «الليجا».
وهناك حالة رايو فايكانو الذي صعد عبر بوابة التصفيات المؤهلة لدوري الدرجة الثانية في الربيع، وثبت أقدامه سريعاً في الدرجة الأولى، وهذا هو الموسم الأول للمدرب أندوني إيراولا على هذا المستوى، ونجح في بناء آلية أداء الفريق بشكل جيد، مع سيطرة رايو على المباريات ولعب كرة قدم رائعة بتشكيلته 4-2-3-1، وتصدر التعاقد مع النجم راداميل فالكاو الأضواء، وهو الذي سجل بالفعل أربعة أهداف في 322 دقيقة بشكل مثير، لكن ألفارو جارسيا وراندي نتيكا وأوسكار تريخو وإيسي بالازون كانوا جميعاً بارعين في الهجوم أيضاً.
بنقطة واحدة خلف رايو فايكانو في المركز السابع – الذي قد يصبح مركزاً مؤهلاً للبطولات الأوروبية بالاعتماد على نتيجة كأس الملك – يأتي أوساسونا، وهو فريق آخر لفت الأنظار حتى الآن هذا الموسم، وكان مثيراً للإعجاب بشكل خاص خارج أرضه، حيث فاز أربع مرات من أصل ست مباريات خاضها خارجاً حتى الآن، والمباراتان اللتان لم يحقق الفوز بهما خارج ملعبه كانتا أمام إشبيلية وريال مدريد، وحتى وقتها، نجحوا بكسب نقطة في «البرنابيو».
حدث تغيير كبير في الدوري الإسباني خلال العقد الماضي، قبل 10 سنوات بالضبط، فاز ريال مدريد باللقب برصيد 100 نقطة قبل أن يستعيده برشلونة بتحقيق 100 نقطة في الموسم التالي، لكن بات على أبطال اليوم أن يعملوا بجهد أكبر في كل نقطة في الوقت الحاضر، مع فوز أتلتيكو مدريد باللقب في العام الماضي برصيد 86 نقطة بفارق نقطتين فقط عن صاحب المركز الثاني، فيما يُتوقع في هذا الموسم أن يحصد البطل 83 نقطة.
ويرجع تحسن الطبقة الوسطى في الدوري الإسباني منذ تولي خافيير تيباس رئاسة الرابطة في عام 2013، تم وقتها تأسيس البيع المركز للحقوق السمعية والبصرية في إسبانيا مما زاد حجم فطيرة المال التلفزيوني، مع توزيع الدخل بشكل متساوٍ بين كافة الأندية.
بعد ذلك، ضمن إطار الرقابة الاقتصادية في «الليجا»، يتوجب على الأندية أن تنفق في حدود إمكانياتها، كان هذان العاملان أساسيين لتحسين جودة الأندية الأصغر على كافة الأصعدة، وتقديم مشهد أكثر تنافسية وجاذبية، هذه هي الطريقة التي يستطيع بها ريال سوسيداد إقناع لاعب مثل ألكساندر إيزاك أو إحضار لاعب مخضرم مثل دافيد سيلفا، إنها الطريقة التي يمكن أن يدفع بها ريال بيتيس مقابل لاعب فائز بكأس العالم مثل نبيل فقير، أو كيف يمكن لرايو فايكانو تأمين خدمات أحد أعظم القناصين على الإطلاق راداميل فالكاو.
كان هؤلاء اللاعبون من العوامل الأساسية في دفع أنديتهم الحالية إلى موقع متقدم وأعلى في ترتيب الدوري الإسباني، وهو جدول تتبدل فيه الفرق مراكزها باستمرار، ويجب أن يكون الثلثان المتبقيان من فترة الموسم الحالي رائعين حقاً.