مراد المصري (دبي)

لا يمكن أن تمر بجوار الجناح السويسري في معرض «إكسبو 2020 دبي» دون أن تخطف الواجهة الخاصة به أنظارك، من خلال الزجاج العاكس الذي يضيف أناقة للبلد فائقة الجمال بسحر طبيعتها الخلابة، لكن هناك صدى صوت فريد من نوعه يمكن سماعه، ويجذبك مباشرة نحو كرة خاصة فريدة من نوعها تتصدر واجهة الجناح من الخارج، وهي الكرة الخاصة بأسطورة سويسرا روجيه فيدرر، الذي أعاد كتابة تاريخ رياضة التنس بإنجازاته غير المسبوقة.
يرحب الجناح السويسري بالزوّار من جميع أنحاء العالم في رحلة مفعمة بالمشاعر، مؤلفة من ثلاث مراحل أساسية تُبرز الثقافة والابتكار والاستدامة السويسرية، لكن عشاق الرياضة تستوقفهم خارجاً، الكرة الموقعة من فيدرر ليست أي كرة، ولكنها الكرة التي توّج فيها بضربة الفوز بلقب البطولة الكبرى «جراند سلام» رقم 20، عندما حصد لقب بطولة أستراليا المفتوحة للتنس في عام 2018، في إنجاز كان يبدو مستحيلاً يوماً ما، قبل أن ينجح السويسري من تحقيقه ليضع معايير جديدة في عالم التنس والرياضة عموماً، ويؤكد موقعه بين أساطير الرياضة على الإطلاق بوصفه الوجه الأول الذي نتذكره كلما تحدثنا عن هذه الرياضة الفردية.
ويحق لسويسرا أن تفتخر بأحد أبرز أبنائها، وهي التي اختارت الكرة الخاصة به، لتكون ضمن القائمة الخاصة لعرضها وإبرازها في «إكسبو»، ولم تكتفِ بوضع الكرة في إطار زجاجي محكم الإغلاق، ولكن رافقته بصوت المعلق خلال تعليقه على تلك اللحظات الخالدة في التاريخ، عندما كان يصف نقطة تحقيق الفوز التاريخية باللقب الـ 20 في الجراند سلام.

وجاء تتويج النجم السويسري فيدرير بلقب بطولة أستراليا المفتوحة للتنس بعد أن هزم نظيره الكرواتي مارين شيليتش، في المباراة النهائي، بواقع ثلاث مجموعات مقابل اثنتين، ليحقق لقبه رقم 20 في بطولات «جراند سلام».
وتفوق «كوكب التنس» في المجموعة الأولى بتفاصيل ستة أشواط مقابل شوطين، لكن اللاعب الكرواتي صعب المهمة على فيدرير بعد أن خطف منه المجموعة الثانية، بواقع سبعة أشواط مقابل ستة.
عاد النجم السويسري المخضرم وفاز بالمجموعة الثالثة بتفاصيل ستة أشواط مقابل ثلاثة، قبل أن يشعل شيليتش الإثارة مجدداً ويفوز بالمجموعة الرابعة بنفس النتيجة.
احتكم اللاعبان لمجموعة خامسة فاصلة، وانتظر الجميع أن تشهد منافسة شرسة، لكن «المايسترو» نجح في حسمها بسهولة لصالحه، بعد أن فاز فيها بواقع ستة أشواط مقابل شوط وحيد، ليتوج بلقب البطولة.

سفير فوق العادة في دبي
يُعتبر فيدرر سفيراً سويسرياً فوق العادة في دبي، من خلال تواجده في «دانة الدنيا» بشكل دائم على مدار سنوات طويلة، سواء من أجل المشاركة في بطولات سوق دبي الحرة للتنس التي ينفرد بالرقم القياسي بعدد مرات التتويج باللقب في 8 مناسبات مختلفة، إلى جانب تتويجه هنا تحديداً باللقب رقم 100 في مسيرته في عام 2019، إلى جانب اختياره الإقامة هنا لفترات طويلة على مدار العام خلال خوضه التدريبات التحضيرية لرفع جاهزيته، من خلال وفرة المنشآت الرياضة والمرافق الخاصة للإقامة، إلى جانب الخصوصية الفريدة من نوعها التي توفرها دبي.

«الأسطورة» أحد سكان دبي بالشقة الفاخرة
أصبح فيدرر أحد سكان دبي بداية من 2014، عندما قام بشراء شقة فاخرة هنا، كشفت وسائل الإعلام البريطانية أن قيمتها تصل إلى نحو 16.4 مليون دولار أميركي، وهي تقع على ارتفاع 210 أمتار في برج «لو ريف»، تتمتع بإطلالة خلابة على الخليج العربي وبرج العرب وشاطئ جميرا، ومرسى دبي.
وتعتبر شقة دبي هي الأبرز ضمن ممتلكات فيدرر، حيث تقع في البرج الفاخر الذي يتكوّن من 50 طابقاً، ويمتلك فيه عدد من المشاهير شققاً مثل فيرناندو ألونسو.
والشقة هي جناح رئاسي مساحته 6100 متر مربع، تشمل 5 غرف نوم، تحتوي كل غرفة على حمام داخلي خاص، وتضم غرفة طعام ملكية ومطبخاً ضخماً.

وتمتلك الشقة نظاماً ذكياً في التحكم فيها من حيث الإضاءة ودرجات الحرارة والوسائط المتعددة، وبها شرفة شاسعة مساحته 265 متراً تتمتع بإطلالة بانورامية على مرسى دبي والخليج العربي.

أول ملياردير في «الكرة الصفراء»
أصبح السويسري روجيه فيدرر أول «ملياردير» في رياضة التنس، بعدما تخطت ثروته حاجز المليار دولار في عام 2020، لينجح نجم «الكرة الصفراء» في حجز مكانه كرابع رياضي على الإطلاق وقتها يدخل هذه القائمة الحصرية بين الرياضيين المحترفين، وعلى رأسهم نجم الجولف الأميركي تايجر وودز، ولاعب كرة السلة الأميركي مايكل جوردان والملاكم الأميركي فويد مايويذر.
وبنى أسطورة التنس ثروته من مجموعة من الجوائز والمكافآت التي حصدها خلال مسيرته الرياضية الحافلة بالانتصارات، بالإضافة لعائدات الحملات الإعلانية التي ظهر وجهاً لها.

لقطة تاريخية في برج العرب
يمتلك فيدرر صورة ولقطات تاريخية التي بقيت عالقة في الذاكرة، عندما خاض مباراة استعراضية مع الأميركي أندريه أجاسي في مهبط الطائرات الخاص بفندق برج العرب، عندما تحول مهبط الطائرات إلى ملعب أخضر لكرة المضرب لفترة قصيرة من أجل هذه المواجهة التي تناقلتها وسائل الإعلام حول العالم، حيث إن المهبط يرتفع 211 متراً عن سطح البحر، وتصل مساحته إلى 415 متراً مربعاً.

الرياضة في سويسرا
فيدرر سار عكس التيار على صعيد الرياضة السويسرية، ولم تتوقع بلاده أبداً أن يصبح لاعب تنس هو الوجه المعروف لها حول العالم، حيث إنه بسبب طبيعة البلاد، فإن الرياضات الثلجية هي ذات الشعبية الأكبر، حيث تنتشر رياضات تسلق الجبال والتزحلق على الثلج وهوكي الجليد، فيما تأتي بعدهم كرة القدم، وبدرجة أقل كرة المضرب «التنس الأرضي» التي بدأت بالانتشار بسبب نجاحات فيدرر، إلى جانب ألعاب كرة القدم وتنس الطاولة ورياضات المحركات والدرجات الهوائية.
استضافت سويسرا العديد من الأحداث الرياضة الكبرى، مثل الألعاب الأولمبية الشتوية 1928 و1948، وبطولة كأس العالم لكرة القدم 1954، وبطولة أمم أوروبا بالشراكة مع النمسا في 2008.

عاصمة «الاتحادات الرياضية الدولية»
تنال سويسرا شهرة عالمية بوصفها الوجهة الأولى للاتحادات الدولية الرياضية التي تتخذ منها مقراً لها، وتحديداً في لوزان، حيث تتصدر الواجهة اللجنة الأولمبية الدولية.
وعند السير هناك تجد أمامك لافتة مكتوب عليها «مرحباً بك في لوزان، عاصمة الألعاب الأولمبية»، ولقد فازت لوزان بهذا اللقب الشرفي بشكل رسمي يوم 23 يونيو 1994 بمناسبة مرور الذكرى المئوية الأولى لنشأة اللجنة الأولمبية الدولية. لكن العلاقة الرياضية المتميّزة لسويسرا، تعود إلى زمن أسبق من ذلك بكثير، وبالتحديد إلى سنة 1915 عندما قرّر البارون بيار دي كوبرتين، إنشاء مقر للألعاب الأولمبية في لوزان على ضفاف بحيرة ليمان ذات المنظر الخلاب، والمطلة على جبال الألب الفرنسية، وفي هذا البلد المتوسّط لأوروبا، والذي بقي بعيداً عن جلبة المدافع، وإطلاق الرصاص عندما كانت أوروبا مسرحاً لحروب طاحنة. منذ ذلك الحين وإلى الآن، حذت حذو اللجنة الأولمبية 23 اتحاداً رياضياً دولياً، و20 جمعية دولية، فاتخذت كلها من سويسرا مقراً رئيساً لها، وعلى مستوى أعم، تعد سويسرا اليوم 47 مؤسسة رياضية دولية، وعلى وجه المقارنة فقط، موناكو، التي تأتي في الدرجة الثانية، توجد على ترابها 5 منظمات رياضية دولية فقط.