مراد المصري (دبي)

العلم يتفوق على الحدس في كرة القدم، هذا ما يقوله الواقع الذي حول الرياضة من مجرد ترفيه إلى علم متكامل يحتاج إلى أدوات تقوم بشكل أساسي على البيانات، سواء داخل الملعب أو خارجه، على صعيد المدربين والمحللين الذين يبحثون عن رؤية تكتيكية، مروراً بالمتخصصين في رواد وسائل التواصل الاجتماعي، ما يحسن فهم اللعبة والاستمتاع بها وزيادة قيمتها. وتعد «ميديا كوتش»، منصة أداة تحليل البيانات والتصور التي طورتها رابطة الدوري الإسباني «الليجا»، من بين الأنظمة الأساسية الأكثر تطوراً في صناعة الرياضة مع القدرة على التقاط أكثر من 25 إطاراً في الثانية الواحدة، والقدرة على تتبع آلاف نقاط البيانات لكل لاعب، ومع وجود الكثير من القيمة المحتملة التي يمكنها تقديمها، فقد اختارت «الليجا» إتاحة هذه الأداة لجميع أندية الدوري الإسباني وكذلك لشركائها في البث، ما يسمح لهم ببناء رؤى جديدة لاحتياجاتهم الخاصة، ومساعدة النمو العالمي للدوري. أوضح مدير الإنتاج لـ «ميديا كوتش» سيلفستر جوس، التأثير الحر الذي تتمتع به هذه البيانات للأندية والفوائد التي تجلبها للدوري الإسباني بأكمله. وقال:«جميع الأندية لديها نفس المعلومات، مما يسمح لها بتحليل الفريق المنافس، بناءً على مبارياتهم السابقة في «الليجا»، وهذا أمر خاص جداً من منظور الدوري، لأن كل نادٍ لديه نفس الأدوات، ومن خلال هذا الحل، فإننا نساوي بين الجميع». وغرناطة مثال مقنع لما يمكن أن يحققه النادي الذي يستخدم هذه الموارد بذكاء، ففي موسمين فقط، صعد النادي الأندلسي من الدرجة الثانية في إسبانيا ليحقق أعلى عدد من المباريات التي تقدم خلالها بالشوط الأول في الدوري الإسباني وبلغ ربع نهائي الدوري الأوروبي، وأشار ألفارو جارسيا، المحلل في الجهاز الفني للنادي الذي عن عمل كثب بوساطة «ميديا كوتش» خلال تلك الفترة، إلى أهمية الدور الحيوي الذي لعبته البيانات في تحقيق هذا الأمر، وقال: «نجاح غرناطة محتمل جزئياً لأن تواجدنا في الليجا يمنحنا إمكانية الوصول إلى ميديا كوتش، في الدوريات الأخرى هذه البيانات غير متوفرة، هذا يمنحك إمكانية زيادة فرصك في الفوز في كل مباراة، على الرغم من جودة المنافس الذي تقابله، فقد حققنا الفوز في مباراة ضد برشلونة قبل شهرين، ويرجع ذلك جزئياً إلى تكافؤ الفرص للوصول إلى هذه البيانات». وفي تعليقه على الوقت الذي قضاه النادي في دوري الدرجة الثانية، أضاف جارسيا: «إن نهج الليجا الديمقراطي للبيانات يعني أن حتى أندية دوري الدرجة الثانية الإسباني لديه نفس إمكانية الوصول إلى جميع البيانات نفسها التي تتمتع بها أفضل فرق دوري الدرجة الأولى، وهذا الأمر يمنحك فرصاً متساوية للتقدم داخل الملعب وخارجه». وسلط جارسيا الضوء على الدور الذي يلعبه كل نادٍ في تحليل هذه البيانات بأفضل طريقة ممكنة، وقال: «إن البيانات تحتاج إلى تصفيتها في مؤشرات الأداء الرئيسية، هناك مئات الصفحات من البيانات المتاحة، ولكنك تحتاج إلى التفكير في المعلومات الأكثر صلة بنموذج اللعب الخاص بك».

بالإضافة إلى مساعدة الأندية على التحسن من الناحية التكتيكية، يمكن للبيانات الواردة من «ميديا كوتش» أن تدعم طاقم التدريب عندما يتعلق الأمر بالوقاية من الإصابات، وتسمح بيانات الوقت الفعلي للمدربين بالحصول على مستوى جيد من المعرفة بالحمل البدني للاعبين في أي لحظة، مما يتيح للفرق فرصة اكتشاف أي حالات خارجة عن المألوف، واقترح مدربو اللياقة البدنية في أندية «الليجا» تعديلات تم دمجها في نظام «ميديا كوتش»، مما يوفر المزيد من البيانات التي تناسب أساليب القياس والتحكم. قدم فابيو نيفادو، المحلل الفني في «ميديا كوتش»، بعض الأمثلة، وقال: «إذا كان لديك لاعب عاد لتوه من إصابة طويلة، فربما تشركه في الدقيقة 60، لكنك لا تريده أن يقوم بجهد كبير جداً، لذلك يمكنك مراقبته خلال وقت اللعب الفعلي، وفي حال اكتشفت بعض المشكلات أو البيانات التي تدل أن هناك خطباً ما، فيمكنك اتخاذ قرار وقتها». وأضاف: «تساعد هذه المعلومات الأندية على تقليل مخاطر الإصابة، ومساعدة لاعبيها على خوض المنافسات وهم بالقرب من أفضل مؤشر أداء لهم».

إقناع اللاعبين بالقدرة على قلب التوقعات
أيتور كارانكا، مدرب ريال مدريد السابق، والذي يمتلك خبرة في العمل في الدرجتين الأولى والثانية في إنجلترا، اعتبر أن بيانات الأداء الرئيسة هذه من خلال الفيديو يجعل مهمة تدريب اللاعبين أسهل، وقال: «أفضل طريقة لإقناع لاعبيك بقدرتهم على الفوز على (الفرق الكبيرة) هي محاولة إظهار نقاط ضعف الخصم، وباستخدام الفيديو، يمكنك تعليمهم وتقديم المزيد من الأفكار النظرية».
وافق جوس على أن «الفيديو هو المفتاح»، وقال: «امتلاك القدرة على مشاركة هذه البيانات بطريقة مرئية هو أسرع طريقة لإحداث انطباع لدى اللاعب، من الأسهل فهم المعلومات التي نقوم بجمعها».

الفوائد لشركاء البث
بالإضافة إلى مساعدة الأندية على تحسين الأداء، تعد بيانات المباريات رصيداً مهماً لقنوات البث العالمية التي تتطلع إلى تقريب المشاهدين من الرياضة، وأحد التطورات العديدة التي حققتها «الليجا» في هذا المجال دمج بيانات «ميديا كوتش»، خلال المباريات الحية على الهواء مباشرة.
يتمكن فريق إنتاج بث مباريات الدوري من الوصول إلى نفس بيانات المباريات كحال الأندية، ولكن بدلاً من استخدامها لإجراء تغييرات تكتيكية، فإنه يقوم بتركيب البيانات على أرضية الملعب أثناء المباراة، لعرضها على شاشة البث، ومن الأمثلة على ذلك، الخرائط الحرارية لتحركات اللاعبين الفردية على أرض الملعب، أو وضع دوائر وخطوط تكتيكية لتسليط الضوء على التغييرات في خطط وأداء الفريق.