أبوظبي (وام)
أكد عبدالمحسن الدوسري الأمين العام المساعد للهيئة العامة للرياضة، وأحد أهم أقطاب الرياضة في الدولة في الخمسين عاماً الماضية أن قطاع الرياضة وبفضل دعم القيادة الرشيدة حقق الكثير من الإنجازات للإمارات على مدار الخمسين عاماً الماضية، مشيراً إلى أن العديد من الرياضات التقليدية التي كانت موجودة مع تأسيس دولة الاتحاد، بالإضافة إلى الرياضات الحديثة التي انتشرت وتوسعت في العقدين الأخيرين، أفرزت أبطالاً ونجوماً شرفوا الدولة في الكثير من المحافل، وصعدوا منصات التتويج، وعزف لهم النشيد الوطني في البطولات الإقليمية والقارية والعالمية والأولمبية.
وأكد الدوسري، أحد أبرز الشهود العيان على تأسيس وتطور الرياضة بالدولة، في حوار مع وكالة أنباء الإمارات «وام» بمناسبة عام الخمسين، أنه وبرغم ما تحقق في الألعاب الجماعية والفردية، إلا أنه بالإمكان مضاعفة تلك الإنجازات في الخمسين عاماً المقبلة، لاسيما بعد أن تم وضع القواعد والأسس المتينة للنهوض بقطاع الرياضة في السنوات الماضية، وكذلك بعد النهضة الشاملة في المنشآت والمرافق، والاستعانة بأفضل الخبراء في مجالات اكتشاف المواهب في سن مبكرة، وصقلها وفقاً لأعلى المعايير الدولية المتعارف عليها، فضلاً عن توسيع قاعدة الممارسة لانتشار الرياضة، حتى أصبح بالإمارات ما يقرب من 30 اتحاداً رياضياً.
وعن مسيرته الطويلة في مجال الإدارة الرياضية التي احتل فيها مناصب مهمة في الخمسين عاماً الماضية سواء في مجلس إدارة أحد الأندية، أو عضوية مجلس إدارة اتحاد الكرة، أو اللجنة الأولمبية الوطنية، أو الهيئة العامة للرياضة، قال الدوسري: «بدأت أطل على المشهد الرياضي بالدولة في سن مبكرة، حيث كنت عضواً بمجلس إدارة نادي الأهلي الذي تحول اسمه إلى نادي الإمارات ثم أصبح الوحدة، قبل تأسيس دولة الاتحاد، وكان ذلك في مرحلة الستينيات..وفي تلك المرحلة بأبوظبي كانت هناك أندية كرة قدم مثل الأهلي والاتحاد والفلاح والعين والتضامن والبطين، وكانت هناك منافسات بينهم قبل قيام دولة الاتحاد في عام 1971».
وتابع: «مع تأسيس دولة الاتحاد بدأت عمليات دمج الأندية في أبوظبي، ودخلت رياضات كرة السلة والطائرة والسباحة وألعاب القوى بفضل مدرسي التربية الرياضية في المدارس، وقبل تأسيس دولة الاتحاد كان لدينا في أبوظبي الاتحاد الرياضي العام برئاسة المغفور له الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان «طيب الله ثراه»، وكان هناك اتحاد كرة في دبي، وبعد عام 1971 تم تخصيص وزارة في حكومة دولة الإمارات للشباب والرياضة يتولاها معالي راشد بن حميد الشامسي الذي كان أول وزير للشباب والرياضة، وتم تأسيس أول اتحاد لكرة القدم يشرف على الأندية في كل إمارات الدولة برئاسة المغفور له الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان، ثم أجريت منافسات لدوري تصنيف في أبوظبي لتصعيد فريقين يمثلان أبوظبي في دوري الإمارات، وبالفعل تمت التصفية وصعد العين والإمارات الذي أصبح الوحدة حالياً للمشاركة في دوري الإمارات»، وأوضح أنه مع انطلاق دوري الإمارات تم تشكيل أول منتخب كرة قدم لتمثيل الدولة، وهو الذي شارك في بطولة كأس الخليج الثانية بالرياض، وحقق فيها المركز الثالث. وقال:«كنت موجوداً وشاهداً على هذه الظروف ومتابعاً لها بدقة، وفي الكثير من الأحيان كنت جزءاً منها، وأتشرف بحضوري مراحل التأسيس والتطوير من البدايات، حتى اتسعت رقعتها وزادت ألعابها الجماعية والفردية، والقتالية والبحرية، ورياضات الفروسية والهجن إلى آخره، وتم الاعتماد في الاتحادات الخليجية والعربية والآسيوية والدولية».
وذكر الدوسري: «كان لوزارة الشباب والرياضة ومن بعد ذلك المجلس الأعلى للشباب والرياضة، ثم وزارة التربية والشباب والرياضة، ثم الهيئة العامة للشباب والرياضة دور كبير في إشهار وتأسيس الاتحادات الرياضية ووضع الخطط والاستراتيجيات لتطويرها وتأسيس الملاعب والصالات، وبدأنا نشارك في كافة المسابقات والبطولات، ومن هنا بدأت تأخذ الرياضة موقعها في تعزيز مكانة دولة الإمارات خارج الحدود وترسيخ قوتها الناعمة من خلال التواجد المؤثر في كل المحافل».
وتحدث عن مسيرة التطور في البنية التحتية الرياضية فقال: «بدأت وزارة الشباب والرياضة مع وزارة الأشغال في إنشاء أندية نموذجية في أبوظبي ودبي والشارقة، وباقي إمارات الدولة، ومن ثم تم البدء في تأسيس الاستادات الكبيرة بدعم من الحكومات المحلية في كافة الإمارات، وفي أبوظبي وبتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» الذي كان ولياً للعهد في أبوظبي في تلك الفترة تم تأسيس 4 استادات لأندية العين والوحدة والجزيرة وأبوظبي، وفي دبي أشرف المغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم على بناء 4 استادات لأندية النصر والوصل والأهلي والشباب، وكانت ملاعب ترتان، ثم استاد نادي الشعب بالشارقة، ونادي الشارقة الذي كان أول ناد أرضيته نجيلة طبيعية، ثم توالت الاستادات في عجمان ورأس الخيمة والفجيرة، وفي نفس الوقت تم تأسيس الصالات الرياضية في مختلف إمارات الدولة، وكل إمارة بدأت تهتم بمنشآتها وتطورها، واستحوذت كرة القدم في أغلب الفترات السابقة وحتى الآن على نصيب الأسد من الدعم والمنشآت، خصوصاً مع بدْء الاستعداد لاستضافة كأس الخليج لكرة القدم، ثم كأس آسيا، وكأس العالم للشباب، ثم كأس العالم للناشئين وكأس العالم للأندية».
وعن تقييمه لنتائج الإمارات في كرة القدم بما أنها استحوذت على نصيب الأسد من الدعم، قال الدوسري: «إجمالاً نتائجنا جيدة، لأننا تأهلنا لكأس العالم 1990، وتأهلنا لأولمبياد لندن 2012، وفزنا بالمركزين الثاني والثالث في بطولة آسيا 1996 و2015، وفاز نادي العين بلقب دوري أبطال آسيا 2003 وبمركز الوصيف في مونديال الأندية، وحقق المنتخب الوطني كأس الخليج مرتين 2007 و2013، وفازت أنديتنا بالعديد من الألقاب الخليجية، وحقق منتخبنا للشباب مركزاً متقدماً في كأس العالم للشباب بالإمارات عام 2003، وفزنا بلقب كأس آسيا للشباب واستضفنا بنجاح بطولات كأس الخليج وكأس آسيا مرتين وكأس العالم للأندية 4 نسخ، فضلاً عن كأس العالم للشباب، ثم كأس العالم للناشئين، ومع كل هذه الإنجازات أقول إنه كان بالإمكان أفضل مما كان، وإن المستقبل سيكون أفضل وأكثر إشراقاً إذا تم تطبيق الاحتراف الصحيح في كرة القدم وباقي الألعاب الأخرى، لأن هذا التوجه يمكنه أن يختصر الزمن، ويصنع من لاعبينا نجوماً كباراً يمكنهم الاحتراف في أقوى الدوريات، ولن أنسى التأكيد هنا على أهمية دور القطاع الخاص في المستقبل للدخول بقوة ودعم الأندية والمنتخبات والأبطال».
وبالنسبة للألعاب الأخرى قال: «في الخمسين عاماً الماضية حققنا الكثير من الإنجازات في مختلف الرياضات، أبرزها ذهبية أولمبياد أثينا للشيخ أحمد بن حشر، وبرونزية الجودو في ريو دي جانيرو، والكثير من الميداليات العالمية والآسيوية في الجو جيتسو برغم حداثتها، وأقول إن الإمارات تملك مستقبلاً كبيراً في الألعاب القتالية وفي مقدمتها الجو جيتسو، وبالنسبة لباقي الرياضات الأخرى فإنها تحتاج إلى تطبيق الاحتراف، والاحتراف يتطلب التفرغ من اللاعبين والإداريين والمدربين والحكام، وتحتاج كذلك إلى بنية تحتية اتحادية واستراتيجية دقيقة للرياضة المدرسية، وميزانيات أكبر، كما أننا يجب أن نهتم أكثر برياضة المرأة أيضاً لأنها من أسهل الطرق لتحقيق الميداليات والإنجازات، ويجب أن نركز كذلك على الأندية التخصصية في مختلف إمارات الدولة».
وحول قيمة الرياضة ومدى إسهامها في تعزيز مكانة الدولة قال:«الرياضة من عناصر تحضر الدول، بمعنى أن الدولة المتطورة رياضياً لها مكانة مرموقة عالمياً، وبالنسبة لنا فإن الإمارات أصبحت قبلة للأحداث الرياضية، وموطناً لعدد من الرياضات مثل الفروسية والجو جيتسو والفورمولا- 1 ورياضات الدراجات، فضلاً عن كرة القدم، ولا يجب أن ننسى المناصب الدولية التي احتلها ولا يزال أبناء الإمارات يحتلونها على المستويات القارية والعالمية، ومن هنا فإنها كقطاع حيوي قامت بدورها في الدعاية والترويج لدولة الإمارات، وعبرت عن نهضتها بطريقة مثالية في الكثير من المناسبات».
وفيما يتعلق بذكرياته عن أبرز إنجاز رياضي في الخمسين عاماً الماضية قال الدوسري:«التأهل لكأس العالم ومونديال 1990 كان فرحة وطن، ذكريات لا تنسى، عشناها في إيطاليا وأقمنا معرضاً تراثياً ثقافياً عن الإمارات في مدينة بولونيا على هامش المونديال، كنت موجوداً ضمن الوفد، واستضفنا الكثير من الوفود المشاركة في كأس العالم، كانت أياماً تاريخية، لأن مجرد التأهل للمونديال إنجاز، ونتمنى أن يتكرر هذا الإنجاز، ونحن نستطيع أن نتأهل في التصفيات المقبلة، بشرط أن نثق بقدراتنا، ونتمسك بحظوظنا، ونلعب كل مباراة وكأنها نهائي كأس، يجب أن نصر على الهدف، إمكانات فريقنا جيدة، ونحن متفائلون بوجود الشيخ راشد بن حميد النعيمي على رأس الاتحاد في هذه المرحلة، ويجب أن ندرك جميعاً أن القيادة الرشيدة تستثمر في الشباب وتوفر لهم كل الإمكانات والدعم وعليهم أن يترجموا هذا الدعم إلى إنجازات».
وعن مدى إمكانية تكرار إنجاز الرماية في الأولمبياد قال عبدالمحسن الدوسري: «الألعاب الفردية أقرب الطرق لحصد الميداليات الأولمبية، والرماية تبقى أملاً دائماً للإمارات على ضوء أرقامنا الدولية فيها، كما أن الألعاب الفردية القتالية يمكننا أن نحقق فيها إنجازات أولمبية وعالمية، وكذلك رياضات المرأة، ولا يجب أن نبدأ من الصفر في هذا الاتجاه لأننا لدينا رصيد جيد وقاعدة مميزة يمكن البناء عليها، كما أننا يمكن أن نستفيد من التجارب الدولية التي سبقتنا في تلك المجالات».