محمد سيد أحمد (أبوظبي)
ظل حلم مدنية رياضية متكاملة وبمواصفات عالمية يراود السودانيين منذ ستينيات القرن الماضي، ورأى الحلم النور في منتصف التسعينيات، وبفكرة ولدت كبيرة وبمساحة ضخمة قاربت المليون ونصف المليون متر مربع، ظل يراوح مكانه خلال ربع قرن من الزمن في عهد نظام الحكم السابق في السودان، تعاقب خلاله على الجهة المعنية وزارة الشباب والرياضة 12 وزيراً، لكن المشروع ظل متعثراً وزاد على ذلك تقلص مساحته من عام إلى عام، لينتهي بعد اقتلاع النظام السابق إلى استاد أولمبي فقط لا يتعدى ملعب كرة قدم ومضمار لألعاب القوى، حيث ذهبت نحو 73% من مساحة المدينة الرياضة، وتحولت إلى سكن استثماري ومشاريع أخرى. وحتى الملعب الأولمبي والذي أعلن عن افتتاحه في عام 2017 من قبل الرئيس السابق عمر البشر لم يكتمل حتى اللحظة حيث تبقى من إنجازه نحو 10%، بجانب عيوب هندسية صاحبت ما نفذ منه، وتحتاج إلى مبلغ يصل إلى 7.6 مليون دولار ليكتمل ويكون جاهزاً لاستقبال منافسات كرة القدم وألعاب القوى. وأكد المهندس أيمن سيد سليم، وكيل وزارة الشباب والرياضة السودانية، أن الحكومة الجديدة منذ قدومها أولت ملف قضية المدينة الرياضية اهتماماً كبيراً، وفتحت عدداً من البلاغات ضد عدد من قادة النظام البائد، وأن القضية الآن بيد القضاء ولا يمكن التطرق لها حتى يقول القضاء كلمته فيها، لكن الوزارة وعلى رأسها الوزير الدكتور يوسف آدم الضي تقوم بجهود حثيثة لاستكمال ما تبقى من المشروع بوضعه الحالي، حتي يكون في خدمة الرياضة والرياضيين وبشكل خاص في كرة القدم وألعاب القوى.
وأعرب عن أمله في أن ينتهي المشروع في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن الوزير قام بعدد من اللقاءات على صعيد مجلسي السيادة والوزراء، كما التقى عدداً من الاستشاريين والمقاولين. وتعد المدينة الرياضية واحداً من أوجه الفساد العديدة لنظام الإخوان المسلمين الذي قبض على السلطة في السودان لـ3 عقود، خرب فيها وعاث فساداً، واللافت أن بدء عملية الفساد في هذا المشروع الذي خطط ليكون الأكبر في أفريقيا ويشمل ملاعب وصالات لكل ضروب الرياضة، عندما تم إسناد تنفيذه إلى شركة «دانفودي» قبل أن يتبارى كبار المسؤولين حينها إلى حشد التمويل للمشروع من جيوب المواطنين ومن الخارج، ذهبت جميعها إلى هؤلاء النافذين قبل أن تأتي المرحلة الثانية باستقطاع مستمر من المساحة الكلية للمشروع وتحويله إلى مشاريع أخرى وقطع سكنية استثمارية تقام عليها حالياً مبان كما حولت مساحات إلى جمعيات وهمية لا وجود لها سوى على الورق، وذهبت جميع العائدات من ذلك إلى النافذين، وهو فساد متهم به في القضاء عدد قادة النظام أبرزهم على عثمان النائب السابق للبشير.
ومع التحول الكبير الذي يحدث في السودان الآن، وبالاستمرار في اجتثاث جذور الفساد وإزالة ما تبقى بقايا النظام السابق، يمكن أن يكتمل مشروع الملعب الأولمبي قريباً، ليساعد في رفد الرياضة بملعب ومضمار بمواصفات عالية، تساعد على الارتقاء بالرياضة وبشكل خاص ألعاب القوى التي تعانى كثيراً في هذا الجانب، فضلاً عن أن ملعب كرة القدم ورغم وجود عدد من الملاعب في العاصمة الخرطوم إلا أنه سيكون أكثرها تطوراً. إلا أن الحقيقة الماثلة تبقى في أن حلم المدينة الرياضية لن يرى النور قريباً، خاصة في ظل التعقيدات التي خلفها نزع أراضي المشروع، "الدجاجة التي ظلت تبيض ذهباً لعدد من المسؤولين السابقين في حقبة عمر البشير، وكيف سيتم استعادتها بعد أن أصبح جزءاً مقدراً منها مبان سكنية.