الأزمات الاقتصادية التي تواجهها أوروبا، ليست بسيطة، وإن دخلت هذه القارة، ولاسيما كيانها الاتحادي في مرحلة تعاف متباينة. 
ولأن المشاكل التي تواجه البلدان تقاس بحجمها، فالمرحلة التي يمر بها الاقتصاد الألماني حساسة بالفعل. هذا الأخير، يمثل في الواقع رمز النجاح الأوروبي، ولكنه لم يعد كذلك في الوقت الراهن، إلا إذا حدثت تغييرات هيكلية، باتت مطلباً من صندوق النقد الدولي نفسه. وعلى رأسها مواجهة المشاكل الناجمة عن البيروقراطية المتأصلة التي تكبح بالفعل الأعمال التجارية. 
يضاف إلى ذلك، هشاشة التعافي التي تشكل عقبة كبيرة أمام النمو الصناعي في البلاد. فبينما يتوقع أن تحقق الاقتصادات الأوروبية الكبيرة والصغيرة بعضاً من النمو المقبول بنهاية العام الجاري، تشير التوقعات إلى أن اقتصاد ألمانيا قد ينكمش بنسبة 2%.
باتت الإصلاحات الهيكلية هي الحل الوحيد أمام الاقتصاد الألماني، ليعود إلى تحقيق نمو، ويستعيد زخمه الذي انطلق منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية. وهذه الإصلاحات ضرورية أيضاً للقوانين والتشريعات ضمن الاتحاد الأوروبي، إلا أنها تبقى الأكثر إلحاحاً على الساحة الألمانية، التي تمثل في النهاية الرمز الاقتصادي الأكبر في القارة العجوز كلها. الإصلاحات المشار إليها، لا بد أن تصاحبها استثمارات كبيرة في البنية التحية لألمانيا، التي تراجعت في العقود الماضية. 
فمثل هذه الاستثمارات ستكون بمثابة قوة دفع أساسية لخروج البلاد من وضعية الركود. دون أن ننسى، أن الضغط الآتي من جهة انخفاض عدد السكان، يمثل عبءاً آخر على كاهل الاقتصاد. المشرعون الألمان، يعرفون أهمية هذه النقطة، التي لا تزال ثغرة تتسع.
الصادرات الألمانية تنخفض، ولاسيما لأكبر شريك تجاري لها وهو الصين، كما أن المعارك التجارية بين بكين والاتحاد الأوروبي عموماً، أضافت مزيداً من الضغوطات على الاقتصاد الألماني، إلى درجة أن برلين صوتت مؤخراً ضد قرار أوروبي لرفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية. عملية الإصلاح الاقتصادي الألماني لن تكون سهلة ولا قصيرة المدة. 
لكن، إذا ما تمت وفق المتطلبات الراهنة، فإن هذا البلد سيستعيد موقعه المتقدم على الساحة العالمية، لأن الأساس الذي يستند عليه الاقتصاد لا يزال قوياً. إلا أن حتى هذه القوة، لا توفر الأرضية الصلبة للمنافسة العالمية المحمومة، دون أن تسندها رؤى تحاكي المستقبل، واستثمارات تحافظ على مكانة أكبر اقتصاد أوروبي.