لا توجد أخطار آنية في الساحة المالية العالمية حالياً. لكن كل شيء قابل للتغيير، خصوصاً في هذه الفترة الحرجة التي يمر بها الاقتصاد العالمي. 
الأسواق مستقرة، والموجة التضخمية تراجعت وبلغت حدوداً مطمئنة، ولاسيما في البلدان المؤثرة اقتصادياً، وسلاسل التوريد باتت أكثر استدامة، بعد فترة مضطربة مقلقة. وحتى مسارات خفض الفائدة، تمضي بصورة متوازنة على الأقل في الوقت الراهن. 
إلا أن هناك قلقاً موجوداً آتياً من جهة الاضطرابات الناجمة عن الصراعات الجيوسياسية. 
هذه الأخيرة لا تزال تهدد التعافي الاقتصادي، خصوصاً في ظل غياب مخططات لإيقافها، أو حتى للتخفيف من حدتها. 
ولا يمكن أن يتعافى العالم اقتصادياً، ويعود لتحقيق مستويات مقبولة من النمو، إلا بتراجع حدة التهديدات، والعودة إلى التنافسية الصرفة، لا المواجهات، في هذه الساحة أو تلك.
هناك نقطة محورية أخرى، تتعلق بشكل حماية الاقتصاد العالمي من المخاطر المالية، وتنحصر بمدى منع أي انعكاسات سلبية للتيسير النقدي الراهن، الذي باشرت فيه البنوك المركزية منذ أشهر عدة. 
فصندوق النقد الدولي (مثلاً) يحذر من أن هذا «التيسير» قد يؤدي إلى تفاقم فقاعات أسعار الأصول، ويقلل من تقدير الأسواق للمخاطر المرتبطة بالصراعات العسكرية، ونتائج الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة تحديداً. 
صحيح أن هذه المخاطر المالية، هي تحت السيطرة الآن، لكنها ربما لن تكون كذلك في العام المقبل. فالصدمات واردة في كل الأوقات، وتكون واردة أكثر في مرحلة التعافي الهشة، بعد سنوات من أزمات ضربت الاقتصاد العالمي، وتركت آثاراً تتطلب وقتاً أطول للخلاص منها. 
ومن المخاوف على الوضع المالي العالمي، أن خفض تكاليف الاقتراض سيؤدي حتماً إلى ارتفاع في حجم الديون الخاصة والحكومية، كما أنه سيزيد من ارتفاع تقييمات الأصول. 
ومن هنا، لا بد من الموازنة بين الإسراع نحو تحقيق نمو عال، والحفاظ على استقرار مالي، يضمن في النهاية مساراً صحياً للاقتصاد حول العالم. 
إنها مرحلة حساسة يمر بها الاقتصاد العالمي، وإذا لم تتم السيطرة على الجانب السلبي من التيسير النقدي، في ظل ارتفاع وتيرة الاضطرابات الجيوسياسية، فإن المرحلة المقبلة ستتسم بالمخاطر ليس فقط على الساحة المالية، بل على كل الساحات المؤسسة للاقتصاد العالمي.