مصطفى عبد العظيم (الشارقة)
نجحت إمارة الشارقة في ترسيخ جاذبيتها الاستثمارية والتحول إلى وجهة استثمارية تنافسية تحتضن أكثر من 54 ألف شركة ومنشأة صغيرة ومتوسطة، وسط توقعات باستمرار زخم نمو تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الإمارة، بعد أن حلت في المرتبة الخامسة عالمياً كأسرع المدن نمواً في الاستثمار الأجنبي المباشر، وفقاً لتصنيف مؤسسة «إف دي آي ماركتس»، بحسب محمد جمعة المشرخ، المدير التنفيذي لمكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر «استثمر في الشارقة».
وأوضح المشرخ لـ«الاتحاد»، أن التنوع في القطاعات يأتي ضمن أبرز عوامل جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة في الإمارة، حيث بلغ حجم القطاعات غير النفطية نحو 142.5 مليار درهم في عام 2023، مقارنة بقيمتها في عام 2022 البالغة 133.1 مليار درهم، بمعدل زيادة %7.1.

وأشار المشرخ إلى أن هناك توجهاً كبيراً ومدعوماً نحو توسيع الاستثمار في قطاعات الزراعة الحديثة والتصنيع الذكي، وتعزيز البنية التحتية الرقمية، ودمج للحلول والأنظمة الذكية في قطاعات الخدمات اللوجستية والنقل والمواصلات والتعليم والصحة، وهذا التوجه يعد فرصة استثنائية للاستثمارات الذكية، وقاعدة لبناء الاقتصاد الذكي المتكامل. 
ولفت المشرخ إلى الإنجازات الكبيرة التي حققتها الشارقة على المستوى الاقتصادي والاستثماري، والتي انعكست على تعزيز مكانتها العالمية، وفق العديد من المؤشرات التنموية المهمة، والتي كان من أبرزها ثلاثة مؤشرات لها علاقة مباشرة بجاذبية الإمارة للاستثمارات المحلية والأجنبية وتأسيس الأعمال، حيث جاءت في المركز الرابع خليجياً في تصنيف منظومة الشركات الناشئة، والخامس عالمياً في جذب ونمو الاستثمارات الأجنبية، والثالث عالمياً في الأمان والاستقرار. 
جاهزية للاستثمار
وقال المشرخ إن دولة الإمارات هي الأكثر جاهزية للاستثمار في بناء منظومة اقتصادية ذكية، وتعتبر الوجهة المفضلة للمستثمرين والشركات الناشئة في قطاعات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنه بحسب وزارة الاقتصاد من المتوقع أن تصل قيمة قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى نحو 242 مليار درهم «66 مليار دولار» خلال 2024، ما يشير إلى البيئة المتكاملة والجاذبة للاستثمارات نحو القطاعات الحديثة في الدولة. 
وأشار المدير التنفيذي لـ«استثمر في الشارقة» إلى أن المشهد الاستثماري العالمي من أكثر المشاهد التي تشهد تحولات ومتغيرات سريعة وجذرية، وذلك لارتباطه الوثيق بالتحولات الاقتصادية والمتغيرات العالمية، لذا يواكب المنتدى منذ انطلاقته المستجدات وأثرها في الاستثمار وخيارات المستثمرين وتفضيلاتهم، ويبحث على ضوء ذلك الفرص والقطاعات الناشئة. 
وأوضح أنه وسط هذا المشهد المتطور والمتغير، شكلت الإمارات العربية المتحدة نموذجاً اقتصادياً استثنائياً من حيث الكفاءة والأداء والمرونة، وشهد الناتج الإجمالي المحلي ارتفاعاً مضطرداً خلال السنوات الماضية، وحققت أسواقها جاذبية استثمارية وتنافسية عالمية عالية، وذلك بسبب التنوع الاقتصادي والمشاريع السيادية، حيث تساهم القطاعات غير النفطية بأكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي، ما عزز مكانتها الرائدة وجهة عالمية للفرص الاستثمارية الواعدة باستحواذها على 45.4% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى مجموعة الدول العربية البالغة 248.3 مليار درهم في عام 2023.
مواكبة التحولات
وقال إن «منتدى الشارقة للاستثمار» يؤكد ضرورة جاهزية الشركات والمؤسسات للاستثمار في الاتجاهات الاقتصادية الصاعدة، وهذه الجاهزية لا تتمثل فقط بالاستعداد لتوظيف رؤوس الأموال في القطاعات الحديثة، بل وتهيئة الثروة البشرية والقوى العاملة من أجل أن تكون قادرة على قيادة التحول في الاقتصاد العالمي، دون السماح لفكرة أن الآلة ستحل محل الإنسان في الاقتصادات الذكية، صحيح أن الذكاء الاصطناعي سيغير القوى العاملة، وأن هناك احتمالات أن تختفي 75 مليون وظيفة، لكن في المقابل هناك توقعات علمية دقيقة بأن يظهر ما يصل إلى 133 مليون وظيفة جديدة أكثر جاذبية وأقل إجهاداً، بحسب بيانات نشرتها شركة مايكروسوفت. 
وأوضح أن المنتدى يتناول هذا العام قضية في غاية الأهمية مرتبطة بالجاهزية والاستعداد وتوجهات الاستثمار، وهي مستقبل الاقتصاد في ضوء التطورات التقنية الراهنة، ويحاول المنتدى في دورته القادمة بحث إمكانات دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة والبيانات في القطاعات القائمة حالياً، بحيث تصبح قطاعات ذكية بذاتها وتركيبتها. 
سلاسل التوريد 
وأشار المشرخ أن دولة الإمارات تعتبر مركزاً لوجستياً استراتيجياً عالمياً، ومحطة مركزية مهمة في سلسلة التجارة العالمية، لذلك نحن نعتبر أن تشجيع الاستثمارات الهادفة إلى ابتكار حلول ذكية لتحديات سلاسل التوريد العالمية والخدمات اللوجستية، بمثابة دعم مباشر للاقتصاد المحلي وتعزيز لمصادر الدخل الوطني، حيث توقع تقرير «فورورد» نمو قطاع الخدمات اللوجستية في دولة الإمارات بـ 8.4%، ووصول حجم الأعمال إلى نحو 115.6 مليار درهم عام 2026.
مركز لوجستي 
قال محمد المشرخ إن إمارة الشارقة من أهم المراكز اللوجستية في المنطقة، حيث شهدت أعمال الشحن والتفريغ والتخزين والنقل والتوزيع نمواً ضخماً، خلال السنوات الماضية، وهناك طاقة استيعابية كبيرة في سوق الخدمات اللوجستية للشركات الصغيرة والمتوسطة، وبشكل عام لشركات التكنولوجيا والحلول الذكية.