يوسف العربي (أبوظبي)
تتمتع أبوظبي بمكانة مميزة مكنتها من المشاركة الفعالة في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في تطوير الخدمات العامة على مستوى العالم، بحسب تقرير لشركة «فاست داتا».
وأكد التقرير أن جهود أبوظبي في مجال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي أدت إلى طفرة نوعية في جودة الخدمات المقدمة للمتعاملين. 
وقالت الشركة لـ«الاتحاد» إن أبوظبي وظفت تقنيات الذكاء الاصطناعي لجعل الخدمات العامة أكثر ذكاءً وكفاءة بداية من أنظمة إدارة حركة المرور التي تقلل من الازدحام، ووصولاً إلى أدوات الرعاية الصحية التنبئية التي تتوقع احتياجات المرضى، حيث يعمل الذكاء الاصطناعي على الارتقاء المستمر بعمليات تقديم الخدمات في الإمارة. 
وأوضحت أن التركيز على استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير الخدمات العامة في أبوظبي، بما في ذلك المركبات ذاتية القيادة في البنية التحتية للمدن الذكية، يضع الإمارة في مكانة عالمية رائدة في الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق الفوائد المجتمعية.
وقادت هيئة أبوظبي الرقمية مبادرات لأتمتة العمليات واستخدام البيانات لاتخاذ قرارات أفضل، حيث تضمن هذه الجهود أن تكون الخدمات أسرع وأكثر تخصصاً، مما يعكس التزام أبوظبي بالابتكار وتحسين جودة الحياة لسكانها.

مركز عالمي 
وقال حيدر عزيز، المدير العام لدى شركة «فاست داتا» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا: «تسعى أبوظبي ودولة الإمارات عموماً لأن تصبح مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي، مدفوعتين باستثمارات استباقية وبنية تحتية قوية وسياسات حكومية داعمة. ونوه بأن مبادرات الإمارة، بما في ذلك مراكز أبحاث الذكاء الاصطناعي والشراكات مع شركات التكنولوجيا الرائدة، تساهم في تعزيز المنظومة الحيوية للذكاء الاصطناعي». 
ويسلط تقرير حديث لشركة برايس ووترهاوس كوبرز الضوء على التركيز الاستراتيجي للدولة على الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تطوير نماذج لغوية كبيرة ودعم حكومي كبير ما يضع أبوظبي في مكانة رائدة في قطاع الذكاء الاصطناعي. 
وأكد عزيز أن دولة الإمارات تلتزم برعاية جيل جديد من المواهب ذات الخبرة في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في التعليم على جميع المستويات وتطوير مهارات الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي، ومن خلال التركيز القوي على التعليم والبحث والتعاون في القطاع، تتمتع أبوظبي بمكانة جيدة لرسم مستقبل الذكاء الاصطناعي وتوظيفه على مستوى العالم.
 ونوه بأنه يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في الإمارات بطرق فريدة تميزها عن نظيراتها العالمية، حيث تعد الموظفة الافتراضية «عائشة» في وزارة العدل مثالاً رائعاً - والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في الاستفسارات القانونية.
 وأضاف أن هذا المثال يسلط الضوء على نهج المنطقة المتقدم في دمج الذكاء الاصطناعي في الوظائف الحكومية لتعزيز الكفاءة وإمكانية الوصول للمعلومات. وعلى الصعيد العالمي، بينما تركز العديد من البلدان على تطبيقات الذكاء الاصطناعي التجارية، فإن نهج أبوظبي يشمل تطبيقات كبيرة في القطاع العام. 
النمو الاقتصادي 
وقال المدير العام لدى شركة «فاست داتا» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا: «تعمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في أبوظبي على تبسيط سير العمليات في قطاعات مثل الرعاية الصحية والتمويل والنقل، مما يقلل التكاليف ويطور من جودة الخدمة».
وتوقع عزيز أن تؤدي العمليات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الإنتاجية، حيث يعتقد 95% من المشاركين في دولة الإمارات في استطلاع أجرته شركة برايس ووترهاوس كوبرز أن الذكاء الاصطناعي سيساعد في تطوير خطوط أعمال جديدة وزيادة الإنتاجية خلال العام المقبل.
وأضاف «من خلال أتمتة المهام الروتينية، يسمح الذكاء الاصطناعي للمواهب البشرية بالتركيز على الأدوار الاستراتيجية، مما يعزز من الناتج الاقتصادي ويضمن النمو المستدام».

نقلة نوعية 
ومن جانبه، أكد إسلام عبدالكريم، المدير العام لشركة «يانغو» في دول مجلس التعاون الخليجي: «حقق الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في مجال التنقل، ولا توجد بقعة على الأرض يتجلّى فيها ذلك أكثر من العاصمة أبوظبي التي تحرص على تسخير الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة الخدمات عبر الإنترنت في والارتقاء بتجربة المستخدم بشكل فعال من خلال الاستفادة من خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وتحسّن هذه الخدمات المسارات في الوقت الفعلي، مما يضمن أوقات تنقل أسرع وتقليل الازدحام المروري».
وأضاف: «تقوم الأنظمة الذكية بتحليل حركة المرور بشكل مستمر، والتنبؤ بارتفاع الطلب، وتخصيص الموارد بشكل فعال مما يضمن تقليل أوقات الانتظار، حتى خلال ساعات الذروة، وبذلك تقديم تجربة مثالية للمستهلكين علاوة على ذلك، يعزز الذكاء الاصطناعي إمكانية تصميم خدمات شخصية، وتقديم اقتراحات مخصصة بناءً على تفضيلات المستخدم وتاريخ تنقّله، مما يحسن رضا العملاء ويدعم منظومة أكثر استدامة للتنقل الحضري من خلال تقليل الرحلات غير الضرورية والحد من استهلاك الوقود».
ولفت إلى تحسين المسارات والارتقاء بالتجارب الشخصية، حيث يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً حاسماً في تعزيز السلامة والموثوقية. وفي مدينة تحرص على تبني التقنيات الذكية بسرعة غير مسبوقة، يمثل دمج الذكاء الاصطناعي قفزة كبيرة نحو استشراف عاصمة أكثر ذكاءً وأماناً وترابطاً، مما يضع معياراً جديداً للتنقل الحضري في المنطقة. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن يواصل هذا التطور تأثيره على منظومة التنقل في أبوظبي، مما سيجعل العاصمة نموذجاً لحلول النقل الذكية في جميع أنحاء العالم.
استثمارات فعالة 
وفقاً لشركة برايس ووترهاوس كوبرز، تعتبر استثمارات أي دولة في الذكاء الاصطناعي أمراً بالغ الأهمية لتحقيق التنويع الاقتصادي والنمو في المستقبل، ويمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي بما يصل إلى 15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، مع تحقيق تعزيزات كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي.   وقال عزيز: تساعد هذه الاستثمارات على استقطاب المواهب العالمية وتعزيز الابتكار المحلي، وتعمل أيضاً على تحسين تقديم الخدمات العامة، مما يجعل العمليات أكثر كفاءة واستجابة. تضع استراتيجية دولة الإمارات ومبادراتها المخصصة لدعم تطوير الذكاء الاصطناعي الدولة في مكانة قوية لتصبح رائدة عالمياً في هذا المجال، مما يضمن النمو الاقتصادي المستدام والميزة التنافسية في الاقتصاد الرقمي. وأضاف: «مثلما يوجد في المؤسسات أدوار قيادية رئيسية مثل الرئيس التنفيذي، والرئيس التنفيذي لقسم الحسابات المالية، والرئيس التنفيذي للتسويق، والرئيس التنفيذي للتكنولوجيا، والرئيس التنفيذي للاستدامة، فإن تعيين منصب رئيس قسم الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضمن تماشي كل جهة حكومية مع الأهداف الاستراتيجية الأوسع. وباتباع هذا النهج، قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بتعيين 22 رئيساً لقسم الذكاء الاصطناعي عبر قطاعات حكومية مختلفة». ونوه بأنه من الجوانب البارزة الأخرى في استراتيجية دولة الإمارات تبنيها الأخلاقي والسريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي داخل الحكومة، بدعم من استراتيجية الإمارات الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031 والبرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي بدولة الإمارات. وتظهر هذه المبادرات التزام الدولة بتعزيز مواهب الذكاء الاصطناعي ودمج الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة.

سهولة الوصول 
قال مارك وهبي، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للتكنولوجيا، في شركة «شفرة»: «عزز الذكاء الاصطناعي من آلية الخدمات العامة في أبوظبي بشكل كبير، مما ساهم بالارتقاء بالكفاءة وسهولة الوصول لهذه الخدمات، من خلال أتمتة المهام الروتينية وتحسين الخطوات الضرورية لصنع القرار، ومكنت تقنيات الذكاء الاصطناعي الهيئات الحكومية من تقديم خدمات أسرع وأكثر دقة».
وأضاف أنه على سبيل المثال، تبسّط المنصات القائمة على الذكاء الاصطناعي إجراءات التراخيص، وعمليات الموافقة على التصاريح وخدمة العملاء، مما يقلل من أوقات الانتظار ويحسن تجربة المستخدم. بالإضافة إلى ذلك، يدعم الذكاء الاصطناعي كل أوجه السلامة العامة من خلال تحليل مجموعات البيانات الكبيرة للتنبؤ بالمخاطر المحتملة ومنعها، أما فيما يتعلّق بالرعاية الصحية، فيمكّن الذكاء الاصطناعي من التشخيص السريع والدقيق بالإضافة إلى مراقبة المرضى عن بُعد، مدفوعاً بزيادة الاستثمار في الحلول الذكية وزيادة الطلب عليها. علاوة على ذلك، يسهّل دمج الذكاء الاصطناعي في مشاريع المدن الذكية مراقبة وإدارة البنية التحتية الحضرية في الوقت الفعلي، مما يعزز الاستدامة ويرتقي بمعايير جودة الحياة للسكان ككل.
 ونوه بأنه من الأمثلة البارزة على ذلك «مشروع الضوء الأخضر» في أبوظبي، وهو نظام تحليلي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتقليل الازدحام المروري، وتحسين عمل إشارات المرور، والحد من الانبعاثات بشكل عام، ويمتد تأثير الذكاء الاصطناعي إلى ما هو أبعد من التطبيق الفوري له، مما يساهم في الاستدامة طويلة الأجل وتحسين جودة الحياة.