حسام عبدالنبي (أبوظبي) 
يستعد القطاع المالي في دولة الإمارات لدخول مرحلة جديدة من النمو عبر التحسينات الاستراتيجية المتمثلة في تشجيع التكنولوجيا المالية لتتولى الريادة في مجال الخدمات المصرفية الرقمية وتكنولوجيا، مع إعطاء الأولوية للتمويل الأخضر لجذب الاستثمارات المستدامة، بحسب تقرير لجامعة هيريوت وات دبي. 
وأكد التقرير أن دولة الإمارات برزت كمركز مالي عالمي يجذب المستثمرين والشركات من جميع أنحاء العالم، متوقعاً أن يبلغ صافي دخل الفوائد في القطاع المصرفي نحو 45.11 مليار دولار أو ما يعادل 165.5 مليار درهم بنهاية العام 2024.
وأشار التقرير إلى أن الدولة عززت إطارها القانوني للتكيف مع أفضل الممارسات والمعايير الدولية، وتنفيذ تشريعات تقدمية لمعالجة التقنيات الناشئة والتطورات في القطاع المالي، لافتاً إلى أن هناك اتجاهاً متزايداً نحو الخدمات المصرفية الرقمية، حيث يختار المزيد من العملاء الخيارات المصرفية عبر الهاتف المحمول والإنترنت.

بيئة شفافة
ووفقاً لتقرير «هيريوت وات دبي»، فإن التزام دولة الإمارات بتعزيز بيئة مالية قوية وشفافة، يطمئن المستثمرين وأصحاب المصلحة على حد سواء، إذ إن النهج الاستباقي الذي تتبعه الدولة في الإصلاح التنظيمي لا يعزز مكانتها في المشهد المالي العالمي فحسب، بل يعزز أيضاً الثقة في اقتصادها، مما يشجع المزيد من الاستثمار والنمو.  وقال التقرير إن من الأمور المركزية في النظام البيئي المالي ممارسة التمويل غير المضمون، وهو أداة حاسمة لتسهيل النمو الاقتصادي، ويشمل العديد من المنتجات المالية، بما في ذلك القروض الشخصية وبطاقات الائتمان وتسهيلات السحب على المكشوف، المقدمة للأفراد والشركات دون اشتراط ضمانات. 
وأضاف أن دولة الإمارات اكتسب فيها التمويل غير المضمون أهمية كبيرة بسبب مرونته وسهولة الوصول إليه، مما يلبي الاحتياجات المالية المتنوعة، منبهاً أن البنوك والمؤسسات المالية تقدم تمويلاً غير مضمون للأفراد لتغطية النفقات الشخصية، مثل التعليم والرعاية الصحية وتحسينات نمط الحياة، وكذلك للشركات لأغراض رأس المال العامل والتوسع.
متطلبات احترازية
وحددت مُعدة التقرير، الدكتورة يلينا جانجوسيفيتش، أستاذ مشارك في العلوم المالية بجامعة هيريوت وات دبي، الأدوات التشريعية الرئيسية التي تحكم التمويل غير المضمون، فقالت إنها تشمل قانون مصرف الإمارات المركزي، وقانون المعاملات التجارية. 
وأضافت أن مصرف الإمارات المركزي، باعتباره السلطة التنظيمية الرئيسية، يلعب دوراً حاسماً في الإشراف على الأنشطة المصرفية، بما في ذلك التمويل غير المضمون، فهو يمكّن الجهة التنظيمية من صياغة السياسات واللوائح والمبادئ التوجيهية لحماية مصالح المودعين والمقترضين والمؤسسات المالية.  وتابعت: «كما أن المصرف المركزي يضع متطلبات احترازية للبنوك التي تقدم تمويلاً غير مضمون، بما في ذلك نسب كفاءة رأس المال، ومعايير السيولة، وممارسات إدارة المخاطر، لضمان استقرار وملاءة النظام المصرفي. 
وأشارت إلى أن قانون المعاملات التجارية يحكم المعاملات التجارية، بما في ذلك ممارسات الإقراض والعقود، ما يوفر إطاراً قانونياً لاتفاقيات التمويل غير المضمونة، وهو يحدد حقوق والتزامات الأطراف المشاركة في معاملات الإقراض، مثل حقوق المقرضين في استرداد الديون والتزامات المقترضين بسداد القروض، منوهة إلى أن القانون يتناول أيضاً أسعار الفائدة والرسوم وعقوبات التخلف عن السداد، ما يعزز الشفافية والعدالة في ممارسات الإقراض. وأفادت جانجوسيفيتش، بأنه علاوة على ذلك، يصدر مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، لوائح ومبادئ توجيهية خاصة بالتمويل غير المضمون، تغطي مختلف جوانب الإقراض، بما في ذلك تقييم الائتمان، ومعايير الاكتتاب، وممارسات تحصيل الديون. 
وأكدت أن هذه اللوائح تهدف إلى التخفيف من المخاطر المرتبطة بالإقراض غير المضمون، مثل مخاطر الائتمان والمخاطر التشغيلية، من خلال فرض متطلبات عملية على البنوك وتعزيز تدابير حماية المستهلك. 
وأشارت إلى أن الأطر القانونية للتمويل في دولة الإمارات تتمتع بالعديد من الفوائد التي تساهم في استقرار ونمو القطاع المالي، وتعمل هذه الأطر على ترسيخ الثقة بين المستثمرين والمقرضين، وتشجيعهم على المشاركة في أنشطة التمويل، منوهة إلى أن الأحكام القانونية توفر اليقين فيما يتعلق بالحقوق والالتزامات وآليات حل النزاعات، وتالياً يجذب ذلك المستثمرين المحليين والدوليين إلى القطاع المصرفي في دولة الإمارات.
وشددت جانجوسيفيتش، على أن اللوائح وآليات الرقابة الصارمة تعمل على حماية المقترضين من الممارسات غير العادلة من قبل المؤسسات المالية، بما يضمن معاملتهم بشكل عادل وإمكانية اللجوء إليهم في حالة حدوث نزاعات، مبينة أن اللوائح الاحترازية والمبادئ التوجيهية لإدارة المخاطر تعمل على تعزيز مرونة البنوك التي تقدم تمويلاً غير مضمون، مما يقلل من احتمالية المخاطر النظامية وعدم الاستقرار المالي، ويساهم في الاستقرار العام للنظام المصرفي.
خطوات تنظيمية 
ويرى تقرير «هيريوت وات دبي» أنه على الرغم من أن دولة الإمارات قد خطت خطوات كبيرة في إطارها التنظيمي المالي، إلا أنه لا تزال هناك العديد من التحديات، أهمها أن إمكانية الوصول إلى الائتمان للشركات الصغيرة والمتوسطة والمغتربين محدودة بسبب معايير الاقتراض الصارمة، بما في ذلك الحاجة إلى ضمانات ودرجات ائتمانية عالية، مما يؤثر سلباً على نمو ريادة الأعمال. 
وذكر التقرير أن ارتفاع أسعار الفائدة على القروض غير المضمونة، على الرغم من الحدود القصوى التي يحددها المصرف المركزي، يمنع الشركات من البحث عن التمويل اللازم، ما يؤثر على الشركات الناشئة والمؤسسات الصغيرة ذات الأهمية الحيوية للتنويع الاقتصادي. 
وقال التقرير إن العديد من المغتربين يواجهون صعوبات في تأمين القروض بسبب عدم وجود تاريخ ائتماني ثابت، ما يظهر أن دولة الإمارات تحتاج إلى أساليب تقييم ائتماني أكثر شمولاً تأخذ في الاعتبار الخلفيات المالية المتنوعة، مختتماً بالتأكيد على أنه من شأن معالجة هذه القضايا، أن تعزز شمولية النظام المالي وإمكانية الوصول إليه، مما يسمح لجميع القطاعات الاقتصادية بالمساهمة في النمو والاستفادة منه.