حسام عبدالنبي (أبوظبي) 

تكتسب العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الإمارات وتشيلي زخماً جديداً في ظل سعى البلدين إلى زيادة التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والتنموية لخدمة أولويات التنمية والازدهار المستدام، في ظل امتلاك البلدين مقومات لتمكين القطاع الخاص من الاستفادة من الروابط التجارية بين أميركا الجنوبية والشرق الأوسط، حيث تشكّل المنطقتان سوقين حيويين ومتناميين بتعداد يفوق 800 مليون مستهلك. 
وتستهدف الإمارات وتشيلي تعزيز التجارة الثنائية عبر اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، حيث تشكّل التجارة الخارجية ركناً أساسياً في الأجندة الاقتصادية لدولة الإمارات، لاسيما بعد أن وصلت التجارة غير النفطية في السلع لدولة الإمارات إلى أعلى مستوياتها عام 2023، بإجمالي 701 مليار دولار، بزيادة تصل إلى 12.6% عن عام 2022، و34.7% عن عام 2021. 
كما يمثّل برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة ركيزة أساسية ضمن جهود دولة الإمارات لتنويع وتنمية اقتصادها والوصول بالتجارة غير النفطية إلى 4 تريليونات درهم بحلول 2031. 
شراكة شاملة
وخلال شهر أبريل الماضي، أنجزت دولة الإمارات، وجمهورية تشيلي، بنجاح مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة. ووقع كل من معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، ومعالي ألبرتو فان كلافيرين، وزير الخارجية في تشيلي، بياناً مشتركاً لإعلان نجاح المحادثات والتوصل للبنود النهائية لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الدولتين. 
وستقوم الاتفاقية عقب البدء بتنفيذها، بإزالة أو تخفيض الرسوم الجمركية على غالبية السلع والخدمات، وإزالة الحواجز غير الضرورية أمام التجارة، مع تبسيط الإجراءات الجمركية، وتحسين وصول المصدّرين والمستثمرين إلى الأسواق، بالتوازي مع تعميق التعاون بين الدولتين عبر قطاعات الطاقة والتجارة الرقمية والتعدين والسياحة والزراعة وإنتاج الغذاء، وغيرها. 
وستتيح الاتفاقية وصول الشركات والمصدرين في الإمارات إلى الاقتصادات سريعة النمو في كل من تشيلي ودول أميركا اللاتينية، كما ستساعد على تحفيز النمو المستدام والمفيد للطرفين في تجارة السلع والخدمات، والاستثمار، والتعاون الاقتصادي. 
ووفق تصريحات لمعالي ألبرتو فان كلافيرين، وزير الخارجية في تشيلي، فإن الإمارات وتشيلي تشتركان في رؤيتهما للتجارة المنفتحة المبنية على القوانين، وستضيف الاتفاقية مزيداً من الزخم للتجارة الثنائية، إلى جانب توليد فرص جديدة غير محدودة لعلاقة اقتصادية أكثر ازدهاراً وحداثة وحيوية بين تشيلي والإمارات. 
وخلال زيارة معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، لدولة تشيلي، ناقشت المباحثات الرسمية سبل استكشاف الفرص المتاحة لتعزيز العلاقات الثنائية في القطاعات الرئيسية مثل الطاقة المتجددة والسياحة والبنية التحتية، وأيضاً لتحفيز التعاون بين القطاع الخاص في البلدين مع التركيز على مجالات التعاون المحتملة.
علاقات تجارية 
يظهر تقرير التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات وتشيلي، أن حجم التجارة غير النفطية لدولة الإمارات مع تشيلي بلغ نحو 305.1 مليون دولار عام 2023، مما يمثل نمواً ضخماً بنسبة 23.6% منذ عام 2019. 
وفي عام 2023 بلغ إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين 1.123 مليار درهم منها 1.06 مليار درهم تجارة مباشرة و63.2 مليون درهم تجارة عبر المناطق الحرة وبلغت الصادرات غير النفطية للإمارات 142.1 مليون درهم منها 128.5 مليون درهم صادرات غير نفطية مباشرة و13.6 مليون درهم صادرات غير نفطية عبر المناطق الحرة، في حين بلغ حجم إعادة التصدير 252.4 مليون درهم متضمنة 215.8 مليون درهم مباشرة و36.7 مليون درهم إعادة تصدير عبر المناطق الحرة. 
وبلغت الواردات الإماراتية من تشيلي نحو 728.7 مليون درهم في عام 2023 متضمنة 715.7 مليون درهم واردات مباشرة و13 مليون درهم واردات عبر المناطق الحرة. وكشف تقرير التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين، أن حجم التجارة غير النفطية للإمارات مع تشيلي، حقق طفرات خلال العقد الماضي حيث كانت لا تتجاوز 435.9 مليون درهم في عام 2010، وارتفعت إلى 751 مليون درهم في 2011، ثم 835.4 مليون درهم في عام 2012، و965.5 مليون درهم في العام التالي لتتجاوز حاجز المليار درهم في عام 2014، ثم 1.2 مليار درهم في عام 2019، ونحو 1.436 مليار درهم في عام 2021. 
وشهد العام 2022 أعلى حجم للتجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات وتشيلي حيث بلغ 1.524 مليار درهم مشتملة على 1.288 مليار درهم تجارة مباشرة و 236 مليون درهم تجارة عبر المناطق الحرة. وأشار التقرير إلى تحقيق الصادرات غير النفطية الإماراتية إلى تشيلي زيادة مطردة على مدار السنوات الماضية، حيث كانت لا تتجاوز 69.1 مليون درهم في 2020 ، ثم زادت إلى 110.9 مليون درهم في 2021، وصولاً إلى 111 مليون درهم في العام التالي ومن ثم 142.1 مليون درهم صادرات غير نفطية في عام 2023. 
أهم الصادرات والواردات
تتضمن سلع الصادرات غير النفطية لدولة الإمارات إلى تشيلي، كلاً من بوليمرات الإيثلين بأشكالها الأولية، وألواح وصفائح وأشرطة أوراق من رصاص، وألواح وصفائح وأشرطة من لدائن غير خلوية، وبلاط ومكعبات فسيفساء، وأدوات من زجاج من الأنواع المستعملة للمائدة أو للمطبخ أو للعناية بالنظافة الشخصية. 
وتضم قائمة سلع إعادة التصدير سيارات نقل البضائع، والسيارات المصممة لنقل الأشخاص، وأجزاء ولوازم للمركبات، وأجهزة هاتف ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﻫﺎﺗﻒ ﻟﻠﺸﺒﻜﺎﺕ ﺍﻟﺨﻠﻴﻮﻳﺔ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﻜﺎﺕ ﺍﻟﻼﺳﻠﻜﻴﺔ، وﺃﺟﻬﺰﺓ ﻹﺭﺳﺎﻝ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺟﻬﺰﺓ للاتصال في ﺍﻟﺸﺒﻜﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻜﻴﺔ ﺃﻭ اﻟﻼﺳﻠﻜﻴﺔ. 
وفيما يخص الواردات الإماراتية من تشيلي، فتشمل الخشب المنشور أو المقطع، والثمار القشرية والطازجة أو الجافة بقشرها أو بدونه، والتفاح والكمثرى والسفرجل الطازجة، والأسماك المجمدة، والنحاس النقي والخلائط النحاسية غير المشغولة. 
نمو الناتج المحلي 
يبلغ إجمالي الناتج المحلي لدولة تشيلي نحو 335.53 مليار دولار في عام 2023 حسب بيانات مجموعة البنك الدولي، ويبلغ نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية 17009.3 دولار حيث يقدر تعداد سكان جمهورية تشيلي بنحو 19.62 مليون نسمة في عام 2023. 
تُصدر تشيلي النحاس والفواكه ومنتجات الأسماك بالإضافة إلى الكيماويات، كما إنها الأولى في العالم بتصدير سمك السلمون، وتمتاز بساحل بحري طويل يمتد إلى 6500 كلم. ويصنف الاقتصاد التشيلي بأنه الأكثر انفتاحاً على الاستثمار، ويدعم حرية التجارة بقوة والدولة لديها سياسات مرنة، ما خفف من حدة الصدمات الخارجية الأخيرة. ويأتي انضمام تشيلي إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كإحدى أبرز العلامات الفارقة في تاريخ الدولة والتي تبرهن على قوة المسار الاقتصادي حيث كانت أول دولة في أميركا الجنوبية تنضم إلى المنظمة. 
أسباب الازدهار
تُصنف دولة تشيلي باعتبارها من أكثر الدول التي تشهد استقراراً وازدهاراً اقتصادياً في أميركا الجنوبية، حيث تمتلك اقتصاداً ناشئاً ومتزايد الأهمية، وتعدّ رابع أكبر اقتصاد في أميركا الجنوبية، وأكبر الدول المنتجة للنحاس حول العالم، وثاني أكبر منتج لليثيوم، كما تزخر بالموارد الزراعية والثروة السمكية والغابات. 
ويتوقع تقرير حديث للبنك الدولي أن يصل النمو في تشيلي إلى 1.8% في عام 2024 ليتسارع إلى 2.3% في 2025. ويصنف البنك الدولي اقتصاد تشيلي ضمن الاقتصاديات ذات الدخل المرتفع إذ تعد من أكثر دول أميركا الجنوبية استقراراً وازدهاراً والتي تقود دول أميركا اللاتينية في مجال التنافسية، ودخل الفرد، والعولمة، والحرية الاقتصادية، وانخفاض معدل الفساد.
ونشرت شركة «Biz Latin Hub» تقريراً يتضمن أسباباً تجعل المستثمرين يرغبون في توسيع نشاطهم التجاري في تشيلي، لأسباب عدة من بينها الاستقرار السياسي والدخل المرتفع واحتواؤها على احتياطيات ضخمة من الموارد الطبيعية. 
وتهدف حكومة تشيلي إلى تعزيز اقتصاد السوق المفتوح وتعزيز السياسات المناسبة للأعمال، ففي عام 2007 أصدرت قانوناً خاصاً بإنشاء شركات الأسهم باعتبارها نوعاً جديداً من الكيانات القانونية، وتالياً أصبح من السهل على الشركات المحلية والأجنبية إنشاء كيان قانوني جديد، وبالإضافة إلى ذلك فإن تشيلي واحدة من الدول القليلة التي يساوي فيها الحد الأدنى لرأس المال اللازم لإنشاء كيان قانوني جديد صفراً. 
كما تقدم الحكومة التشيلية حوافز للشركات الأجنبية إذا ما قررت الاستثمار في أي من المجالات الثلاثة التي تشمل مجال البحث والتطوير، أو المشروعات التكنولوجية والعمليات التي تسبق الاستثمار، أو المناطق النائية.