يوسف العربي (أبوظبي)

ارتفعت أسعار تأجير المساحات المكتبية «المكاتب» في الإمارات بنسب تصل إلى 27% خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، كما زادت أسعار بيع هذه المساحات على أساس سنوي بنسب تتراوح بين 10% و20%، حسب خبراء عقاريين.
وعزا هؤلاء ارتفاع أسعار المساحات المكتبية في الإمارات إلى زيادة الطلب عليها بسبب زيادة تدفق الشركات الجديدة لتأسيس عملياتها في الإمارات وتوسع شركات قائمة في الدولة، بهدف الاستفادة من الانتعاش الاقتصادي والمبادرات المحفزة لقطاع الأعمال محلياً.
وأشاروا إلى أن إتاحة التملك الكامل للشركات من قبل المستثمرين الأجانب، وقوانين تأشيرة الإقامة الطويلة للمستثمرين، إلى جانب الاهتمام الكبير بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والدعم المقدم لتأسيس الشركات في هذا المجال، شكل محركات قوية لنمو الطلب على العقارات المكتبية خلال الفترة الماضية.
وتوقعوا استمرار وتيرة الارتفاعات في أسعار المساحات المكتبية في الدولة خلال النصف الثاني من العام الجاري، بسبب استمرار الطلب على المكاتب، مشيرين أن أكثر الشركات طلباً على المساحات المكتبية في الدولة هي الشركات التي تعمل في قطاعات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات والذكاء الاصطناعي والروبوتات والرعاية الصحية والشؤون القانونية.
طلب قوي 
ومن جانبه قال إسماعيل الحمادي، المؤسس والرئيس التنفيذي للرواد للعقارات المتخصصة في الاستشارات والتسويق العقاري، لـ «الاتحاد»: إن ارتفاع أسعار المساحات المكتبية في الإمارات وفي دبي على وجه الخصوص يأتي نتيجة زيادة الطلب عليها، بسبب زيادة تدفق الشركات الجديدة لتأسيس عملياتها في السوق المحلية وتوسع الشركات القائمة في الإمارات للاستفادة من الانتعاش الاقتصادي والمبادرات المحفزة لقطاع الأعمال محلياً، وفي مقدمتها إتاحة التملك الكامل للشركات من قبل المستثمرين الأجانب، وقوانين تأشيرة الإقامة الطويلة للمستثمرين، إلى جانب الاهتمام الكبير بالتكنولوجيا والدعم المقدم لتأسيس الشركات في هذا المجال.
وأضاف الحمادي أن دبي شهدت في العام الماضي تسليم نحو 92 ألف متر مربع من المساحات المكتبية، ومن المتوقع دخول 44 ألف متر مربع جديدة خلال العام الجاري، حسب إحصاءات السوق، ورغم هذه الزيادة فإن نسبة الاشغال والطلب كانت مرتفعة، خاصة في المناطق الرئيسية مثل مركز دبي العالمي وأبراج بحيرات جميرا والخليج التجاري ووان سنترال. 
وأشار إلى أن أسعار الإيجارات ارتفعت في هذه المناطق إلى أكثر من 29% خلال العام الماضي، ومازالت عند هذا المستوى خلال العام الجاري، كما ارتفعت أسعار البيع إلى أكثر من 10% في مناطق مختلفة.
وتوقع الحمادي استمرار وتيرة الارتفاعات خلال العام الجاري بسبب استمرار الطلب على المكاتب، موضحاً أن أكثر الشركات طلباً على المساحات المكتبية في دبي حالياً، وفي الدولة بشكل عام، هي شركات تعمل في قطاعات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات والذكاء الاصطناعي والروبوتات والرعاية الصحية والشؤون القانونية.
وأكد أن الاستثمار في المساحات المكتبية يعد من الأنواع الاستثمارية المثمرة في القطاع العقاري حالياً، كما لفت الحمادي إلى أن تزايد الاعتماد على الحلول الرقمية والعمل الهجين كان له تأثير على الطلب على المساحات المكتبية التقليدية، لذا من المتوقع أن الطلب سيتركز على المساحات عالية الجودة والمجهزة بأحدث التقنيات لمواكبة توجهات العمل الحديثة للشركات الجديدة، وهذا ما سيدفع إلى تطوير مناطق أعمال جديدة الدولة.
انتعاش اقتصادي
ومن ناحيته قال مهند الوادية، المدير الإداري لشركة «هاربور العقارية»: إن ارتفاع أسعار بيع وتأجير المساحات المكتبية في الإمارات يأتي نتيجة نقص المعروض مقابل زيادة الطلب.
 وأشار إلى أنه منذ عام 2008 تباطأت عمليات ضخ مساحات مكتبية جديدة للسوق العقارية، وتركزت عمليات طرح المشروعات العقارية على المشاريع السكنية والمحال التجارية، نتيجة تطور مفاهيم مساحات العمل لمشتركة والعمل عن بُعد.
وأضاف أنه مع شح المعروض من المساحات المكتبية، وبالتزامن مع الانتعاش الاقتصادي واجتذاب الإمارات للشركات ورؤوس الأموال، ارتفعت معدلات الطلب على المكاتب، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار الإيجارات بنسب تتراوح بين 27% و30% في بعض المناطق الرئيسة مثل شارع الشيخ زايد، ومركز دبي المالي العالمي، ومنطقة وسط مدينة دبي، ودبي مارينا، وأبراج بحيرات جميرا.
وتوقع الوادية أن تستمر وتيرة الطلب على المساحات المكتبية في الارتفاع خلال المرحلة المقبلة، نتيجة استمرار العديد من العوامل التي تتسبب في هجرة رؤوس الأموال إلى الإمارات، بالإضافة إلى دور المبادرات المبتكرة التي تتبناها الدولة لجذب المبدعين والمبرمجين والأثرياء وتطوير بيئة جاذبة لقطاع الأعمال.
ونوه بأن نسب الأشغال في الأماكن الرئيسة للمكاتب في الوقت الحالي تتراوح بين 95% و100%، مشيراً إلى أن الطلب على المكاتب يتركز حالياً على شركات التكنولوجيا وإدارة الثروات وخدمات الاستشارات القانونية والتكنولوجية، فضلاً على زيادة الطلب على المساحات المكتبية المخدمة.
وقال: إن مدينة إكسبو في دبي تتمتع بمخزون مكتبي نادر وفاخر، متوقعاً أن تستحوذ المدنية على جزء كبير من الطلب على المساحات المكتبية، لاسيما مع إعلان العديد من الشركات العالمية تأسيس مكاتب لها هناك، فضلاً عن الكشف عن خطط تطوير مطار آل مكتوم.
الأصول الفاخرة 
 ومن ناحيته قال ستيفن فوربس، مدير «سفلز» في أبوظبي، إن سوق المبيعات والتأجير للمكاتب في أبوظبي شهد نمواً ملحوظاً منذ بداية العام 2024، وجاء ذلك النمو مدفوعاً بتوسع الأنشطة غير النفطية في الإمارة، والتي استحوذت على ما نسبته 52.8% من إجمالي الاقتصاد في العام 2023، وارتفع الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 7.7% في الربع الثالث من العام ذاته.
وأضاف: كان الطلب على المساحات المكتبية التجارية في أبوظبي قوياً، حيث حققت الأصول المكتبية الفاخرة، مثل سوق أبوظبي العالمي والبرج الدولي، نسبة إشغال اقتربت من 95% وسجل سوق أبوظبي العالمي وحده زيادة بنسبة 32% في الشركات العاملة، وزيادة بنسبة 22% في القوى العاملة في العام 2023، حيث يعتبر ذلك انعكاساً للطلب المتزايد على المساحات المكتبية.
وأضاف: تواصل المواقع الرئيسية مثل جزيرة المارية و «كابيتال سنتر» ومدينة مصدر والراحة استقطاب المزيد من الاهتمام نظراً لخصائصها الفائقة، مثل سهولة الوصول والبنية التحتية المتطورة وجودة البناء العالية. 
ووفق تقرير «سفلز»، يواجه سوق المكاتب في أبوظبي نقصاً في الأصول الفاخرة، حيث تؤدي معدلات الإشغال المرتفعة إلى زيادة الإيجارات ومع ذلك، ترجح التوقعات أن يتم طرح مساحات مكاتب جديدة تصل إلى 90 ألف متر مربع بحلول العام 2026، خاصة مع وجود مشاريع كبرى قيد التنفيذ، مثل «ذا لينك» في مدينة مصدر 
وHB Office Tower، ومن المتوقع أيضاً أن تلبي توسعة سوق أبوظبي العالمي في جزيرة الريم والمشاريع الجديدة في جزيرة السعديات الطلب المتزايد على المساحات المكتبية الرئيسية بحلول العام 2027. 
تأسيس الأعمال
ومن ناحيته قال محمد تركي، مدير العقارات في مجموعة الوليد العقارية، إن الطلب القوي على المساحات المكتبية نابع من الانتعاش الاقتصادي واجتذاب الإمارات لشركات عالمية تؤسس لعملياتها في الدولة، فضلاً عن اتجاه الشركات المحلية للتوسع.
ونوه بأن هذا الطلب القوي على المساحات المكتبية يتزامن مع نقص واضح في المعروض، نتيجة تركيز المطورين العقاريين على مدار السنوات العشر الماضية على طرح المشاريع السكنية، اعتقاداً منهم بتوافر المخزون الكافي من المساحات المكتبية، على عكس الحقيقة.
ولفت إلى أن نسبة ارتفاع أسعار ايجارات المساحات المكتبية في الإمارات بلغت نحو 27% خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، كما زادت أسعار البيع بنحو 20% على أساس سنوي.
وأوضح تركي أنه على الرغم من توجه المطورين مؤخراً لطرح مساحات مكتبية فاخرة، فإن الطلب على هذه المساحات سيبقى أعلى خلال المرحلة المقبلة، مع ازدهار الأعمال في الإمارات وتعزيز مكانتها العالمية في مجال جذب الأثرياء ورؤوس الأموال.