سيد الحجار (أبوظبي)
شارك في مسيرة تطوير محطات براكة للطاقة النووية منذ بدايتها أكثر من 2000 من الكفاءات الإماراتية، إلى جانب نحو 1800 من الكفاءات الكورية، فضلاً عن حصول أكثر من 190 من المهندسين المتخصصين على ترخيص الهيئة الاتحادية للرقابة النووية كمديري تشغيل ومشغلي مفاعلات نووية، بينهم 69 من الكفاءات الإماراتية، إلى جانب العشرات من المتخصصين الكوريين.
وبحسب تقرير صادر عن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، حصلت «الاتحاد» على نسخة منه، فإنه في إطار العلاقات الراسخة بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا لعقود طويلة، والتي وصلت إلى شراكة استراتيجية خاصة، يأتي قطاع الطاقة النووية كأحد المقومات الرئيسية لهذه الشراكة التي أصبحت نموذجاً على الساحة الدولية، مع التطوير المشترك لمحطات براكة للطاقة النووية السلمية.
وتمثل محطات براكة قصة نجاح عالمية في قطاع الطاقة النووية اعترفت بها أهم المنظمات الدولية، ولاسيما فيما يتعلق بالإدارة المثالية للمشاريع وفعالية التكلفة، فضلاً عن الجدول الزمني الطموح، حيث برزت أهم ميزات تطوير أربع محطات متطابقة في ذات الآن من خلال تطبيق الدروس المستفادة من إنجاز كل محطة على التي تليها، وهو ما أدى إلى تحسين الجدول الزمني التشغيلي للمحطات بنسبة وصلت إلى 40%.
وعام 2009، بدأت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، والشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو) في مسيرة تطوير محطات براكة، ثم انتقل هذا التعاون إلى مرحلة الشراكة مع توقيع الجانبين في عام 2016 اتفاقية الائتلاف المشترك التي أسست لشراكة غير مسبوقة في قطاع الطاقة النووية على مستوى العالم، وتم في التوقيت ذاته إبرام اتفاقية لتمويل محطات براكة عبر صندوق تمويل تصل قيمته إلى 89.8 مليار درهم (ما يعادل 24.4 مليار دولار)، وذلك بإدارة شركة براكة الأولى، التي تم تأسيسها في إطار هذه الاتفاقية وتتبع الائتلاف المشترك إلى جانب شركة نواة للطاقة المكلفة بتشغيل وصيانة المحطات.
وقادت مسيرة تطوير محطات براكة للطاقة النووية إلى تقديم نموذج جديد في قطاع الطاقة النووية العالمي، إذ ساهم تشغيل محطات براكة في إنجاز أحد أكبر وأسرع مشاريع خفض البصمة الكربونية في جميع أنحاء العالم، حيث أضافت دولة الإمارات العربية المتحدة نصيباً لكل فرد من الكهرباء النظيفة أكثر من أي دولة أخرى على مستوى العالم في السنوات الخمس الماضية، وتم إنتاج 75% من هذه الكهرباء النظيفة من محطات براكة.
وأكد التقرير أنه استناداً إلى نجاح مؤسسة الإمارات للطاقة النووية و«كيبكو» في تقديم نموذج جديد لإنشاء وتشغيل محطات جديدة للطاقة النووية، فإن هناك آفاقاً محتملة لحقبة جديدة من العلاقات الاستراتيجية بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا، ولاسيما بعد انضمام البلدين إلى التعهد العالمي بزيادة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية ثلاثة أضعاف بحلول عام 2050، والذي ضم إلى جانب البلدين أكثر من 20 دولة، وذلك خلال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي (كوب 28).
وبما أن محطات براكة تمثل البداية فقط للبرنامج النووي السلمي الإماراتي والمهمة الأوسع لها، تتطلع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية إلى استكشاف فرص جديدة في مجالات تطوير واستخدام المفاعلات المتقدمة سواء داخل الدولة أو خارجها، وذلك في موازاة النهضة العالمية التي يشهدها هذا القطاع على مستوى العالم، وذلك طبقاً للحاجة والموافقات الضرورية. وتقوم الخبرات المكتسبة طيلة فترة التعاون بين المؤسسة و«كيبكو» في تطوير محطات براكة بدور محوري في هذه الخطط المستقبلية المحتملة والتي تخص تنفيذ مشاريع الطاقة النووية الضخمة وتطوير واستخدام التكنولوجيا في هذا القطاع.
وباعتبار محطات براكة منصة ابتكار لتسريع مسيرة الوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050، فإن ذلك يسهم في تعزيز التعاون المشترك لإمكانية تصدير مشاريع الطاقة النووية للعالم، واستكشاف فرص تطوير أنواع الوقود النظيف، مثل الهيدروجين والأمونيا، إلى جانب تطوير نماذج المفاعلات المصغرة، بالإضافة إلى مختلف مجالات البحث والتطوير.