مصطفى عبد العظيم (دبي)

رفعت بعثة صندوق النقد الدولي إلى دولة الإمارات في ختام مشاورات المادة الرابعة، توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي هذا العام إلى 4%، مقارنة بالتوقعات الأخيرة للصندوق في أبريل الماضي والتي جاءت بحدود 3.8%، مدفوعاً بزخم انتعاش القطاعات غير النفطية.
ووفقاً للبيان الختامي للبعثة، من المتوقع تواصل فوائض المالية العامة والحساب الخارجي ارتفاعها على خلفية أسعار النفط المرتفعة، وأن يبلغ رصيد المالية العامة حوالي 5% من إجمالي الناتج المحلي في 2023، مدفوعاً بالإيرادات النفطية والنشاط الاقتصادي القوي، وأن يبلغ فائض الحساب الجاري نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024.
وأجرى فريق من خبراء صندوق النقد الدولي، بقيادة علي العيد، مناقشات مع السلطات الإماراتية بشأن مشاورات المادة الرابعة لعام 2024 في الفترة من 2 إلى 16 مايو 2024، شملت التطورات الاقتصادية والمالية، والآفاق الاقتصادية في الإمارات والأولويات في مجال السياسات والإصلاحات. 
وفي ختام الزيارة قال العيد، إن النمو الاقتصادي المتسارع في دولة الإمارات العربية المتحدة جاء مدفوعاً بزخم انتعاش القطاعات غير النفطية، لاسيما في أنشطة السياحة والبناء والتصنيع والخدمات المالية، والطلب الخارجي على العقارات، فضلاً عن توسيع الشراكات الاقتصادية الثنائية والمتعددة الأطراف وترسيخ مكانة دولة الإمارات وجهة جاذبة للاستثمار، مع وفرة السيولة المحلية.
وأضاف العيد: «من المتوقع أن يرتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الهيدروكربوني هذا العام، بما في ذلك ارتفاع إنتاج النفط الخام من زيادة حصة دولة الإمارات العربية المتحدة في أوبك +، ومن المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي الإجمالي بنحو 4.0% في عام 2024، وأن يظل متوسط التضخم تحت السيطرة عند مستوى قريب من 2%».
ووفقاً لتقرير البعثة، لا تزال فوائض المالية العامة والحساب الخارجي مرتفعة على خلفية أسعار النفط المرتفعة، ومن المتوقع أن يبلغ رصيد المالية العامة نحو 5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2024، كما من المتوقع أن يواصل الدين انخفاضه إلى أقل من 30% من إجمالي الناتج المحلي، مستفيداً من الاستراتيجيات النشطة لإدارة الديون، كما أن تطبيق ضريبة دخل الشركات سيدعم الإيرادات غير النفطية، ومن المتوقع أن يبلغ فائض الحساب الجاري نحو 10% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2024.
وقال العيد: «تخضع التوقعات لعدم اليقين والمخاطر الخارجية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالتوترات الجيوسياسية، والنمو العالمي والظروف المالية، وتقلب أسعار السلع الأساسية. وتؤدي التأثيرات غير المؤكدة الناجمة عن تغير المناخ وسرعة الجهود العالمية لإزالة الكربون إلى زيادة المخاطر. ومع ذلك، تساعد الاحتياطيات المالية العامة الكبيرة في دولة الإمارات العربية المتحدة على تخفيف المخاطر، في حين أن تسريع الاستثمار العام والخاص والإصلاحات الهيكلية، بما في ذلك تحقيق أهداف مناخية أكثر طموحاً وتطوير الطاقة والتكنولوجيا منخفضة الكربون والمتجددة، يمكن أن يحفز النمو أكثر من المتوقع». 

جودة الأصول
وأضاف العيد: «تمتلك البنوك احتياطيات كبيرة من رأس المال والسيولة بشكل عام، كما تحسنت جودة الأصول العامة، في حين يتسم نمو الائتمان بالمرونة على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة المحلية. ويعتزم البنك المركزي إعادة متطلبات الاحتياطي إلى المستوى التاريخي البالغ 14% للودائع تحت الطلب. ونرحب باستخدام الإطار النقدي بالدرهم لكبح جماح السيولة المحلية وتشجيع بذل المزيد من الجهود، فضلاً عن التنسيق المستمر مع وزارة المالية بشأن تطوير سوق رأس المال المحلي. وينبغي الاستمرار في مراقبة المخاطر الناجمة عن النشاط في القطاع العقاري عن كثب، بهدف تشديد السياسات الاحترازية الكلية ذات الصلة، إذا لزم الأمر». 

التحول الرقمي
وأشار إلى «أن الجهود المبذولة لتسريع التحول الرقمي في النظام المالي ومشهد الدفع هي موضع ترحيب ويجب أن تستمر في اتباع نهج واعٍ بالمخاطر. ينبغي أن تسترشد المبادرات الرامية إلى تطوير وتنظيم صناعة الأصول الافتراضية بتقييم دقيق لمخاطر الاقتصاد الكلي والاستقرار المالي». 
ورحبت البعثة بالجهود الكبيرة في إطار الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي أدت إلى خروج دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً من المراقبة المعززة في مجموعة العمل المالي «فاتف»، منوهة بالتقدم المستمر في هذا الجانب.
وأضاف العيد: «ينبغي دعم الجهود الرامية إلى الحفاظ على الحيطة المالية من خلال ضبط أوضاع المالية العامة تدريجياً، وإجراء المزيد من الإصلاحات الهيكلية المالية لضمان الاستدامة على المدى المتوسط. وستكون الفوائد الاقتصادية لضريبة دخل الشركات تدريجية»، مشيراً إلى: «أن التحسينات في تحصيل الضرائب وإدارتها، بما في ذلك من خلال الوسائل الرقمية والذكاء الاصطناعي، موضع ترحيب وينبغي دعمها بمزيد من التقدم في إنفاذ الامتثال وبناء القدرات».

أجندة طموحة
حول أجندة التطوير، قال العيد: «ينبغي أن يستمر دعم أجندة الإصلاح الهيكلي الطموحة في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال استراتيجيات حكومية متكاملة، وتوفير أطر حوكمة قوية، وتشجيع تنمية القطاع الخاص والنمو الأخضر. 
وفي هذا الصدد، ستكون الجهود المنسقة لمواصلة تعزيز اتفاقات الشراكة الاقتصادية والاجتماعية، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر والمواهب، والتنفيذ الكامل لاستراتيجيات الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي والاستراتيجيات الخضراء، أمراً أساسياً».