حسام عبدالنبي (أبوظبي) 
يُمثل القطاع غير النفطي 74% من إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات، حسب معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، والذي أكد خلال «قمة إيكونومي ميدل إيست 2024» التي عقدت في سوق أبوظبي العالمي (ADGM)، أن ذلك الأمر يؤكد أننا نسير بخطوات متقدمة نحو التنوع الاقتصادي، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية «نحن الإمارات 2031»، و«مئوية الإمارات 2071». 
واستهل ابن طوق كلمته الافتتاحية في القمة التي أقيمت تحت شعار «تسريع النمو المستقبلي»، مؤكداً أن دولة الإمارات أظهرت مرونةً ملحوظةً في وجه التحديات العديدة التي شهدها العالم، ابتداء بالجائحة العالمية ومروراً بحالة عدم اليقين الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية، وذلك بفضل ما تمتلكه من منظومةٍ اقتصادية متنوعة وسياساتٍ اقتصادية استشرافية.
وأوضح معاليه أن الناتج المحلي لدولة الإمارات شهد نمواً قوياً مدعوماً بالاستثمارات الاستراتيجية في القطاعات الرئيسية مثل السياحة والتكنولوجيا والابتكار والطاقة المتجددة، وتجاوز الأداء الاقتصادي للدولة التوقعات بهامش كبير، ليسجل الناتج المحلي الإجمالي للإمارات نمواً مطرداً من عام لتالٍ، حيث بلغ 7.9% عام 2022 و3.4% عام 2023، ويتوقع المصرف المركزي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.2% عام 2024 ثم 5.2% عام 2025.

وبين معالي ابن طوق أن هذا النمو كان مدفوعاً بالمقام الأول بالقطاعات غير النفطية التي تضطلع بدور متزايد الأهمية في الاقتصاد المحلي، حيث أسهمت الاستثمارات الاستراتيجية لدولة الإمارات في القطاعات غير النفطية وفي ميادين الابتكار والتكنولوجيا والاستدامة في حماية الاقتصاد من تقلّبات أسعار النفط وتعزيز الريادة الإقليمية للإمارات في مختلف المجالات. ولفت إلى أن الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي شهد نمواً بنسبة 7.2%، بينما سجّل في عام 2023 نمواً بنسبة 5.9%، ويُتوقّع أن ينمو بنسبة 4.7% خلال العام الجاري والمُقبل، ما يُعدّ خير دليل على جهود التنويع الاقتصادي التي تقودها حكومة دولة الإمارات، ومنوهاً بأن مؤشر مديري المشتريات وصل في يناير 2024 إلى 56.6 نقطة، مدفوعاً بثقة الأعمال المستمرة في التوقعات الاقتصادية، وليعكس هذا التفاؤل التوقعات باستمرار الطلب والمبيعات، ويدعم التوسع المستمر في الإنتاج وإمكانية إقامة مشاريع جديدة وزيادة الاستثمار.

السياسات الاقتصادية
وفيما يخص السياسات الاقتصادية الأخيرة لدولة الإمارات أشار معالي ابن طوق إلى الالتزام بمبادئ التنويع الاقتصادي والانفتاح والقابلية للاختيار والاستدامة في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي. وأكد أن دولة الإمارات قدمت نموذجاً عالمياً ناجحاً في المجال الاقتصادي، إذ نواصل اليوم الرحلة الجريئة نحو التنويع الاقتصادي والاستدامة، تماشياً مع رؤيتنا للمستقبل. 
ودعا معالي ابن طوق إلى ضرورة التركيز بشكل أكبر على عملية إزالة الكربون والتدوير والرقمنة والابتكار والمنافسة في مجال الاقتصاد.  وشدد خلال كلمته على أنه على الرغم من أن دولة الإمارات خطت خطوات كبيرة في تعزيز العلاقات التجارية على نطاق عالمي، إلا أن هناك حاجة إلى بذل جهود متواصلة لتعزيز الشراكات وخلق تعاون أعمق مع الأسواق الدولية الرئيسية.

النمو الأخضر 
وأفاد معالي ابن طوق أن دولة الإمارات أصبحت رائدة على مستوى العالم في مجال الطاقة المتجددة، حيث تقود مبادرات للحد من تغير المناخ، والانتقال إلى مستقبل أخضر وأكثر استدامة، كما تؤمن الدولة بضرورة اتباع نهج متوازن لحل أزمة المناخ، عبر منهجية متنوعة، وإجراءات فعالة، وشراكات بين القطاعين العام والخاص، ومنافسة دولية. 
وكشف معالي ابن طوق أن الإمارات تعمل حالياً على وضع استراتيجية متوسطة المدى للاستفادة من المزايا التنافسية لدولة الإمارات، بما في ذلك الإمكانيات الهائلة للطاقة المتجددة في البلاد، وانخفاض تكاليف رأس المال، والبيئة المشجعة على الاستثمار، والبنية التحتية التجارية رفيعة المستوى.
ووفقاً لمعالي وزير الاقتصاد، فإن دولة الإمارات ملتزمة بتعزيز قطاع السياحة والضيافة كمحركين رئيسيين للنمو الاقتصادي. وأعلن أن قطاع السياحة يشكّل نحو 11.7% من الناتج المحلي الإجمالي ويوظّف 809 آلاف عامل، ما ساهم في دعم حوالي 12.3% من إجمالي اليد العاملة في العام 2023. 
وحسب معالي عبدالله بن طوق، تولي دولة الإمارات أهمية كبيرة للاستثمارات في القطاعات الاقتصادية الجديدة والصناعات الناشئة لما تؤديه من دوري محوري في دعم التزام الدولة بالنمو والتنوع الاقتصادي المستدام. 
وقال معاليه: «إن الدولة حرصت على دعم الاستثمارات في مختلف القطاعات مثل الطاقة المتجددة والاقتصاد الدائري والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والتصنيع المتقدّم، وقد نجحنا من خلال مبادرات الطاقة المتجددة في تعزيز دورنا كمركز عالمي رائد في هذا القطاع، والمساهمة في ضمان مستقبل أكثر استدامة للأجيال الحالية والقادمة، لا سيما من خلال مشاريع عديدة مثل مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية ومحطة براكة للطاقة النووية».

تنويع الإيرادات
من جهتها، توقعت روبرتا جاتي، رئيس الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي، أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي (GDP) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2.7% في عام 2024، وهي زيادة ضئيلة مقارنة بـ 19% في عام 2023، مؤكدة أن التحدي الذي يواجه الدول المصدرة للنفط، يتمثل في تنويع الإيرادات الاقتصادية والمالية، ويعزى ذلك إلى التغيير الهيكلي في أسواق النفط العالمية والطلب المتزايد على مصادر الطاقة المتجددة.