حسام عبدالنبي (أبوظبي)
حدد خبراء استثمار 4 مسارات ستحدد توجهات أسعار الذهب في الفترة المقبلة، بعد أن وصل المعدن الأصفر إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 2431.29 دولار قبل أن يتراجع إلى قرب مستوى 2344.64 دولار كما في إغلاق يوم الجمعة الماضي.
وبحسب الخبراء، فقد تضمنت تلك المسارات والتوجهات عودة الطلب من قبل المستهلكين الصينيين، واستمرار عمليات الشراء النشطة التي تقوم بها البنوك المركزية وصناديق التحوط العالمية، إلى جانب التطورات الجيوسياسية التي تدعم الطلب على الذهب كملاذ آمن، وكذلك المؤشرات الاقتصادية الرئيسية في الولايات المتحدة الأميركية، مثل مؤشر أسعار نفقات المستهلكين في الولايات المتحدة، وأرقام التضخم الاستهلاكي لشهر مارس والحصول على إشارات مؤكدة حول مسار خفض سعر الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي من حيث عدد مرات التخفيض المتوقعة في أسعار الفائدة.
التطورات الجيوسياسية
وتوقع فيجاي فاليشا، الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة «سنشري فاينانشال»، أن تلعب التطورات الجيوسياسية والمؤشرات الاقتصادية الرئيسية، مثل مؤشر أسعار نفقات المستهلكين في الولايات المتحدة والذي سيصدر هذا الأسبوع، دوراً رئيساً في تحديد مسار الذهب خلال الفترة المقبلة.
وقال، إنه على الرغم من تراجع أسعار الذهب في الأيام القليلة الماضية، فإنه تجدر الإشارة إلى أن الذهب قد حقق ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 16% تقريباً منذ منتصف شهر فبراير الماضي، وذلك على الرغم من قوة الدولار الأميركي وارتفاع عوائد السندات، موضحاً أن أسعار الذهب سجلت يوم الاثنين الماضي انخفاضاً بنسبة 2.7% ليغلق عند سعر 2327 دولاراً للأونصة، مسجلاً أكبر تراجع يومي له خلال العامين الماضيين، وذلك نتيجة تراجع علاوة مخاطر الحرب التي كانت تدعم الطلب على الذهب كملاذ آمن، بعد أن قررت إيران عدم الرد على الضربات الإسرائيلية الأخيرة، فضلاً عن ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية وعزوف المستثمرين عن المخاطرة في الضغط على أسعار المعدن النفيس.
وذكر أن الذهب يستمد دعماً من عودة الطلب عليه من قبل المستهلكين الصينيين، بالإضافة إلى عمليات الشراء النشطة التي تقوم بها البنوك المركزية العالمية.
الشراء الصيني
ومن جهتها، قالت رانيا جول، محلل أسواق الشرق الأوسط في شركة XS.com، إن أسعار الذهب حققت أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 2430 دولاراً في ظل تقارير عن مشتريات قوية محتملة من الذهب من قبل البنوك المركزية العالمية، إلى جانب حركة الشراء من البنك المركزي الصيني، والتوقعات غير الواضحة لأسعار الفائدة الأميركية وأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ في النهاية بخفض أسعار الفائدة في عام 2024، منوهة بأن الظروف المبالغ بها للغاية على الرسم البياني اليومي لأسعار الذهب قد تمنع ارتفاع الأسعار لمستويات جديدة وسط تخفيف التوترات الجيوسياسية ونغمة المخاطرة الإيجابية، والتي تميل للضغط سلباً على الذهب كملاذ آمن.
وأضافت أن تفاصيل التوظيف الشهرية المتفائلة في الولايات المتحدة والتي صدرت قبل أيام أشارت إلى أن الفيدرالي الأميركي قد يؤجل خفض أسعار الفائدة ويجبر المستثمرين على خفض توقعاتهم من ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة في عام 2024 إلى اثنين، معتبرة أن هذه التوقعات تحافظ على ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية وتعمل بمثابة قوة للدولار، وهي عوامل تأتي بدورها لتساهم بشكل أكبر في الحد من الاتجاه الصعودي لسعر الذهب الذي لا يدر عائداً إذ قد يفضل المستثمرون أيضاً التحرك على الهامش.
ولفتت جول، إلى أن خفوت التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، والدعم المتوقع للدولار الأميركي سيحدان من مكاسب السلع والذهب في المدى المتوسط، مؤكدة أن المتداولين والمستثمرين يتطلعون الآن إلى صدور أرقام التضخم الاستهلاكي الأميركي والحصول على إشارات مؤكدة حول مسار خفض سعر الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي وهذا ما سيحدد زخماً اتجاهياً جديداً طويل المدى يحدد مصير الأسواق.
خفض الفائدة
وبدوره، أفاد أولي هانسن، رئيس استراتيجيات السلع في «ساكسو بنك» بأن ارتفاع أسعار الذهب بدأ في أوائل أكتوبر الماضي بعد تصاعد التوتر الجيوسياسي في الشرق الأوسط، حيث حقق الذهب في شهر مارس الماضي مكاسب قياسية بلغت 8.3%، ثم ارتفع السعر بشكل ملحوظ دون وجود محفزات واضحة لهذه التحركات، ما أظهر استمرار قوة الطلب الأساسي على المعدن الأصفر.
وقال إن الذهب تجاوز مستوى 2300 دولار، جاء من دون ثلاثة عوامل رئيسية، وهي خفض أسعار الفائدة، حيث تراجعت التوقعات من أكثر من سبع مرات في بداية العام إلى أقل من ثلاث مرات حالياً، والتي كان من المفترض أن تضعف الدولار، وانخفاض العوائد الحقيقية الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى زيادة الطلب على صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة من قبل شركات إدارة الأموال، مؤكداً أن الذهب ارتفع بدعم من صناديق التحوط التي استفادت من الزخم القوي الذي أحدثه الطلب العالمي المتزايد على الذهب نتيجة للتوترات الجيوسياسية المتصاعدة والنمو الاقتصادي الممول بالديون.
ورجح هانسن، أن يشهد الذهب فترة استقرار، على المدى القصير، مع توقعات بأن يواصل الذهب ارتفاعه ليصل إلى 2500 دولار مع اقتراب موعد خفض أسعار الفائدة، والذي من المتوقع أن يؤدي إلى تحسن آفاق الدولار والعائد، لافتاً إلى أن أكبر التهديدات للأسعار تتمثل في انخفاض غير محتمل في حدة التوتر الجيوسياسي، وتوقف البنوك المركزية عن موجة شراء الذهب لديها بينما تتكيف مع الأسعار المرتفعة، وكذلك قيام صناديق التحوط بتخفيض جزء من حيازاتها الكبيرة من العقود الآجلة للذهب والتي بلغت تقريباً 300 طن الشهر الماضي.
واختتم هانسن بالإشارة إلى أنه باستخدام مستويات «فيبوناتشي» كدليل، فإن أي تصحيح محتمل في أسعار الذهب إلى 2245 دولاراً أو حتى 2225 دولاراً قد لا يكون كافياً لزعزعة المراكز الطويلة للبنوك المركزية وصناديق التحوط حيث من الممكن، بعد فترة من الاستقرار المتوقع، أن يؤدي احتمال خفض أسعار الفائدة واستئناف مشتريات البنوك المركزية إلى ارتفاع سعر الذهب إلى 2500 دولار في وقت لاحق من هذا العام لاسيما وأن مستوى الدعم الرئيسي للذهب يبقى عند 2075 دولاراً.