مصطفى عبد العظيم (دبي)
بينما تتجه أنظار العالم ومجتمع التجارة الدولي للعاصمة أبوظبي لمتابعة أعمال المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية الذي ستنطلق أعماله اليوم، وما سينتج عنه من مخرجات مأموله لتحسين النظام التجاري متعدد الأطراف، تبرز تساؤلات عديدة حول مستقبل هذا النظام وقدرته على الصمود في مواجهة التحديات العديدة التي تواجهه سواء على صعيد إصلاح المنظمة، أو إثبات قدرته على الصمود أمام موجة التفكك ومؤشرات تراجع عولمة التجارة الدولية، التي تضع منظمة التجارة العالمية أمام اختبار صعب.
ومع انطلاق المؤتمر الوزاري الثالث عشر للمنظمة في أبوظبي، توجهت «الاتحاد» لقادة وخبراء سياسات تجارية دولية ومسئولين في المنظمات والهيئات الدولية المعنية بالتجارة، للتعرف على اتجاهات مستقبل النظام التجاري العالمي، وما هي التحديات التي تحيق به، وما هو المطلوب لتعزيز قدراته والانتقال به إلى مرحلة جديدة تواكب متطلبات القرن الحادي والعشرين، وماذا يحمل «إعلان أبوظبي المتوقع» لمستقبل التجارة العالمية؟
واتفق هؤلاء على أنه رغم التحديات والمخاطر التي تهدد مستقبل التجارة العالمية، فإنها ما زالت قادرة على تحقيق الرخاء، إذ تُظهِر الأدلة والتحليلات الاقتصادية أن السياسات التجارية المفتوحة والمستقرة والشفافة تظل أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي والقدرة على الصمود ولمواجهة التحديات العالمية الرئيسية.
وأكد هؤلاء أن الآمال منعقدة على أن يخرج المؤتمر الوزاري الثالث عشر للمنظمة الذي تترأسه دولة الإمارات بخارطة طريق واضحة ومحددة لأجندة إصلاح منظمة التجارة العالمية التي تحظى بالأولوية القصوى وخاصة فيما يتعلق بإصلاح نظام تسوية المنازعات.
اختبار صعب
يرى الخبير والمستشار الاقتصادي الدكتور ناصر السعيدي، عضو المجموعة الاستشارية الإقليمية لصندوق النقد الدولي لشؤون الشرق الأوسط، أن ما يشهده النظام التجاري العالمي من مؤشرات متزايدة على التفكك وتراجع عولمة التجارة الدولية، يضع منظمة التجارة العالمية أمام اختبار صعب، الأمر الذي يتطلب من المشاركين في المؤتمر الوزاري الـ13، ضرورة صياغة خريطة جديدة لمستقبل التجارة العالمية وإيجاد حلول للتحديات الجسام التي تعصف بها.
ويشير السعيدي إلى أن من بين هذه التحديات ضرورة معالجة ومنع الزيادة المستمرة والسريعة في القيود التجارية منذ عام 2016 نتيجة للحرب التقنية والتجارية بين أميركا والصين منذ إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، فضلاً الضغوط التي تقوم بها الولايات المتحدة على حلفائها مثل الاتحاد الأوروبي لتبني سياسات مناهضة للصين، مما أدى إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد العالمية وانخفاض الإنتاجية وزيادة التكاليف وزيادة الضغوط التضخمية.
تزايد القيود
ويلفت السعيدي إلى عاملين آخرين وراء تزايد القيود والحواجز التجارية والاستثمارية، تمثلا في جائحة كوفيد-19 التي أدت إلى تفاقم المخاوف بشأن الطاقة والأمن الغذائي، قيام عدد كبير من الدول بالتوسع في اتخاذ تدابير حمائية غير مسبوقة، فيما تمثل العامل الثاني في الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى فرض عقوبات واسعة النطاق على التجارة والاستثمار مع روسيا وتعطيل سلاسل التوريد العالمية.
ويعتبر السعيدي أن غالبية هذه الحواجز والقيود التجارية والاستثمارية تشكل انتهاكاً صريحاً لقواعد واتفاقيات منظمة التجارة العالمية وتحتاج إلى معالجتها من خلال الاجتماع الوزاري، إلى جانب قضايا أخرى ذات أهمية كبيرة تتعلق بإصلاح المنظمة وتحديداً قضية إصلاح نظام تسوية المنازعات وإعادة تفعيل وإصلاح هيئة الاستئناف، إذ يوجد نحو 30 نزاعاً في منظمة التجارة العالمية في مأزق قانوني حالياً لأنه لا توجد وسيلة لتسويتها.
الحرب التجارية
ويلفت السعيدي، كبير الخبراء الاقتصاديين والاستراتيجيين الأسبق لدى مركز دبي المالي العالمي، إلى أن مصدر القلق الرئيسي حول مستقبل التجارة العالمية يتمثل تهديد العوامل الجيوسياسية وما يتصل بها من مخاوف «الأمن القومي» للفوائد الرئيسية للعولمة على مدى السنوات الثلاثين الماضية، لاسيما وأن هناك حرباً باردة جديدة تتكشف، وفي هذه المرة بين الولايات المتحدة والصين وقد تكون عواقبها وخيمة على التجارة وعلى الاقتصاد العالمي، حيث حذر صندوق النقد الدولي من أن هذا قد يؤدي إلى انخفاض يتراوح بين 2.5% و7% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
يتفق ميشيل روتا، المشرف على مجال التجارة والسياسات التجارية ضمن إدارة مراجعة الإستراتيجية والسياسات لدى صندوق النقد الدولي، ومؤلف كتاب «اقتصاديات اتفاقيات التجارة العميقة»، مع طرح الدكتور ناصر السعيدي، من توقف وتيرة الإصلاح التجاري منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتزايد القيود التجارية، مؤكداً أن النظام التجاري متعدد الأطراف بات في حاجة ماسة إلى إصلاح جذري، بعد ما شهده العالم في السنوات الأخيرة التي أعقبت الوباء، وحرب روسيا في أوكرانيا، ووسط التوترات الجيوسياسية المتزايدة، واتساع نطاق القيود التجارية وتزايد مؤشرات تعرض التجارة العالمية لخطر التفتت، مع نمو أسرع في التجارة داخل الكتل المتحالفة سياسيا مقارنة بالنمو بين الكتل بعضها البعض.
ويشدد روتا الذي عمل سابقاً لدى البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية في تعليقه لـ«الاتحاد» على ضرورة أن تحافظ البلدان على سياسات تجارية مفتوحة وشفافة، ودعوة المنظمات الدولية الأخرى البلدان إلى تجنب تقديم الإعانات والتعريفات الجمركية المشوهة للتجارة، وفي الوقت نفسه، هناك حاجة إلى روح تعاون أقوى لدعم أجندة طموحة لإصلاح قواعد التجارة في مجالات مثل السياسة الصناعية، حيث تتدخل الحكومات بشكل أكبر في الاقتصاد لتحقيق الأهداف الاقتصادية وغير الاقتصادية مثل مرونة سلسلة التوريد والتغير المناخي.
تزايد المخاطر
ويشير روتا الذي من بين مؤلفاته كذلك كتاب «منظمة التجارة العالمية، الإعانات والتدابير التعويضية»، إلى ما يشكله التفكك العالمي من خطر كبير على التجارة العالمية وما له من تكاليف حقيقية تلحق الضرر بالناس العاديين في كل البلدان الغنية والفقيرة، خاصة أن عدداً كبيراً للغاية من البلدان الفقيرة لا يملك الاحتياطيات اللازمة لتحمل الصدمات المحتملة، لافتاً إلى أنه على المدى الطويل، يمكن أن تؤدي القيود المتزايدة على التجارة في السلع والخدمات عبر البلدان إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تصل إلى 7%، أو 7.4 تريليون دولار أميركي بأسعار اليوم، وهذا يعادل الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا وألمانيا مجتمعتين، وأكثر من ثلاثة أضعاف حجم منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا.
التجارة البحرية
ويلفت روتا إلى موجة جديدة من المخاطر الجيوسياسية والمناخية التي بدأت مع نهاية العام 2023، والتي يُخشى أن تعيد ضغوط سلاسل التوريد إلى متوسطها على المدى الطويل، وهي تلك الناجمة عن الأحداث في قناتي بنما والسويس، حيث انخفضت عمليات عبور البحر الأحمر بشكل أكبر في النصف الثاني من شهر يناير الماضي، حيث تظهر منصة PortWatch التابعة لصندوق النقد الدولي انخفاض حجم الشحن عبر قناة السويس بما يقدر بنحو 57% على أساس سنوي حتى تاريخ (11 فبراير) الجاري، مقارنة بانخفاض قدره 45% على أساس سنوي في يناير، في حين ارتفع في المقابل حجم النقل عبر طريق رأس الرجاء الصالح بنحو 75% عن مستوى العام الماضي لتجنب مرور السفن عبر البحر الأحمر.
ويوضح روتا أن إعادة توجيه التجارة بين آسيا وأوروبا حول أفريقيا، بدلاً من قناة السويس، من شأنه أن يزيد نحو 3200 ميل إضافية على المسافة وتسعة أيام إضافية لزمن الرحلة، وهو ما قد يدفع تكاليف التجارة العالمية إلى الارتفاع، والتي ظهرت بوضوح على مؤشر Freightos Baltic لشحن الحاويات العالمية من خلال تسجيل زيادة بالتكاليف بنسبة 174% في الشهرين الماضيين، على الرغم من أنه لا يزال أقل بكثير من التكاليف المسجلة خلال ذروة كوفيد-19.
التجارة والرخاء
ويرى روتا أنه على الرغم من التحديات والمخاطر التي تهدد مستقبل التجارة العالمية، فإنها ما زالت قادرة على تحقيق الرخاء، إذ تُظهِر الأدلة والتحليلات الاقتصادية أن السياسات التجارية المفتوحة والمستقرة والشفافة تظل أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي والقدرة على الصمود ولمواجهة التحديات العالمية الرئيسية، وهي النقطة التي أبرزتها المراجعة التجارية الأخيرة للصندوق.
ويشير إلى أن الانفتاح التجاري شكل لسنوات طويلة جزءاً أساسياً من أجندة السياسات العالمية لتعزيز النمو، مما سمح للملايين من الناس برفع مستوى معيشتهم والخروج من الفقر، كما يشكل التنويع من خلال التجارة أيضا أهمية بالغة لتحسين مرونة الاقتصاد الكلي، كما تبين خلال جائحة كوفيد-19.
ويؤكد أنه لمواصلة ذلك فإنه لا يزال يتعين تحقيق مكاسب عالمية كبيرة من خلال إجراء المزيد من الإصلاحات التجارية، بما في ذلك الخدمات والسلع البيئية اللازمة لمكافحة تغير المناخ، مشيراً إلى أنه إلى جانب السياسات المحلية للمساعدة في تشاطر المكاسب على نطاق أوسع، يمكن للتجارة المفتوحة -مع إيلاء الاهتمام الواجب لآثارها الجانبية السلبية المحتملة- أن تعزز النمو المتوازن وتدعم التعاون بشأن الأولويات العالمية الأخرى، مثل تغير المناخ، والأمن الغذائي والصحي، وخفض الفقر.
آمال وفرص
ويشدد المشرف على السياسات التجارية لدى صندوق النقد الدولي، على أهمية تعزيز التعاون الدولي لدعم نظام تجاري قوي ومستقر وقائم على القواعد وأكثر فعالية، متوقعاً أن يوفر المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، «MC-13»، فرصة مهمة لتحقيق تقدم مأمول نحو إصلاح منظمة التجارة العالمية، خاصة إعادة تفعيل جهاز الاستئناف وإصلاح نظام تسوية المنازعات، والاتفاق على قواعد لضمان فتح الأسواق في القطاعات الحديثة بالاقتصاد العالمي، بما في ذلك تمديد الوقف الاختياري للرسوم الجمركية على عمليات النقل الإلكترونية، وإجراء مناقشات مثمرة للمضي قدماً بجدول أعمال مفيد بشأن السياسات الزراعية والصناعية، بما يعزز قدرة منظمة التجارة العالمية على خدمة مصالح الأعضاء، وتحسين قدرتها على الاستجابة للتغيرات المعاصرة في التجارة العالمية.
ويلفت إلى أن صندوق النقد الدولي سيلعب دوراً نشطاً من خلال الدعوة المستمرة لسياسات تجارية مفتوحة ومستقرة وشفافة، ومن الممكن أن تساعد مشورة صندوق النقد الدولي وبياناته وتحليلاته في مجال السياسات سلطات البلدان على مواجهة تحديات التجارة.
المدير السابق بمنظمة التجارة العالمية: النظام التجاري متعدد الأطراف يمر بمرحلة مفصلية
يرى عبدالحميد ممدوح، كبير مستشارين في شركة «كينج آند سبولدينج» للمحاماة ومقرها سويسرا، والمدير السابق بمنظمة التجارة العالمية، أن النظام التجاري متعدد الأطراف يمر بمرحلة حرجة وتزداد صعوبة كلما تأخرنا في اتخاذ قرارات حاسمة وفاعلة، لافتاً إلى أن أهم قضية ذات أولوية قصوى حالياً هي بدء تنفيذ خطة إصلاح المنظمة، بطريقة مؤسسية وجادة.
ويأمل ممدوح أن يتم التوصل خلال المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي إلى الاتفاق على رؤية وخارطة طريق للإصلاح الوزاري المقبل، مشيراً إلى أنه رغم تفاقم الخلافات والتحديات التي تواجه النظام التجاري العالمي، فإن الفرص ما زالت متاحة.
وأشار إلى أن استضافة دولة الإمارات، التي تتمتع بسياسة اقتصادية وتجارية مستنيرة، ولديها ثقل في الاقتصاد العالمي، لهذا المؤتمر وترؤسه، يمكن أن يسهما من خلال إدارتها لهذا الحوار الدولي متعدد الأطراف في إيجاد مسارات للحلول.
ويوضح أن الأجندة الخاصة بالإصلاح يجب أن تستهدف التحديات الحقيقية والتركيز على الوظائف الحيوية للمنظمة وهذا لن يتم إلا بنظام فاعل في كافة قطاعات المنظمة ووظائفها الأساسية وأهمها حل النزاعات والتفاوض والتي مرت بمرحلة إخفاق وتراجع واضح، كما يجب التركيز على الجانب المؤسسي للتعامل مع الدول النامية وتعظيم استفادة هذه الدول من النظام العالمي إلى جانب التركيز على تناسق السياسات.
وشدد على ضرورة إحداث إصلاح حقيقي للنظام التجاري العالمي متعدد الأطراف للاستمرار في تأدية مهامه والتي لا يمكن الاستغناء عنها، فرغم أن الصورة تبدو غير إيجابية، إلا أنه يجب التأكيد على أن النظام الحالي في منظمة التجارة العالمية هو نظام ذو قيمة عالية جداً، وأنه إذا انهارت البنية الأساسية في الاتفاقيات والبنية المؤسسية والقانونية الحالية، فإنه من الصعب إعادة بنائها مرة أخرى، فالنظام الذي تم بناؤه في أوائل التسعينيات في وقت اتجه فيه العالم أجمع نحو الانفتاح واقتصاديات السوق وسط تناغم في الفكر الدولي لا يمكن تكراره على مدى العقود المقبلة، مشيراً إلى أن أهمية العودة للتاريخ للاستفادة منه وعدم تكرار الأخطاء وإعادة اختراع العجلة خاصة في نظام شديد التعقيد كالنظام التجاري الدولي.
وقال في حديثه لـ«الاتحاد» عبر زوم، إن الوضع حرج لأن التجارة الدولية تعاني من تحديات مختلفة، منها ما هو متعلق بالتوترات الجيوساسية والحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتزايد القيود التجارية والحمائية، الأمر الذي فاقم التحديات أمام النظام التجاري متعدد الأطراف والقواعد التي تنطبق على التجارة الدولية.
ويشير إلى ضرورة أن يكون هناك وعي كامل بوجود إخفاق في النظام، لافتاً إلى أنه عند الحديث بتفاؤل عن مستقبل النظام التجاري العالمي، فإنه ينبغي أن يكون هذا التفاؤل حذراً، خاصة في ظل الأوضاع والتحديات الصعبة التي تواجه المنظمة من الداخل وأيضاً الأوضاع الجيوسياسية وتزايد الاحتقانات التجارية بين الدول.
المعاملة التفضيلية
تطرق عبدالحميد ممدوح، كبير مستشارين بشركة «كينج آند سبولدينج» للمحاماة، إلى آليات تطبيق مبدأ المعاملة التفضيلية للدول النامية، والذي ترى دول كثيرة ضرورة إعادة النظر فيه ووضع منهجية جديدة للتعامل في هذا الملف الذي تم الاتفاق عليه في أوائل التسعينات عندما كانت الدول النامية بذات الإمكانيات وفي نطاق واحد تقريباً، لكن اليوم ليست كل الدول النامية على مستوى واحد من الحجم والقدرة، فكيف يمكن معاملة الصين المصنفة بأنها دولة نامية نفس المعاملة التفضيلية الممنوحة لإحدى الدول النامية في أفريقيا على سبيل المثال.
الأمين العام لغرفة التجارة الدولية: تزايد التدابير التجارية الأحادية والحمائية يضعف المرونة الاقتصادية
أما الأمين العام لغرفة التجارة الدولية جون دبليو دينتون، فتنطلق رؤيته لمستقبل النظام التجاري العالمي متعدد الأطراف من زاوية أن قواعد التجارة متعددة الأطراف ليست فقط محركاً للنمو الاقتصادي والتنمية.
لذا يحذر دينتون، الذي يقود واحدة من أهم الجهات الدولية المعترف بها لتمثيل صوت الشركات والدفاع عن مصالحها لدى مختلف المؤسسات الدولية المؤثرة في الشأن الاقتصادي منذ العام 1919، من أنه لا ينبغي اعتبار نظام منظمة التجارة العالمية أمراً مفروغاً منه، ولكنها أيضاً شبكة أمان أساسية.
ويلفت الأمين العام لغرفة التجارة الدولية، التي تعمل على تيسير التجارة الدولية، والإسهام في تقديم مقترحات تستجيب لتطلعات الفاعلين الاقتصاديين الدوليين، إلى أن تزايد انتشار التدابير التجارية الأحادية والحمائية يضعف المرونة الاقتصادية، ويمنع خلق فرص العمل، ويؤدي إلى تفاقم عدم المساواة، مشدداً في تصريحات خلال مشاركته في أعمال مؤتمر مراجعة التجارة العالمية (GTR) في دبي، قبيل انطلاق المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي، على الدعم الثابت الذي يقدمه مجتمع الأعمال العالمي للنظام التجاري متعدد الأطراف.
مجالات الإصلاح
وفي سبيل ذلك يعول دينتون على مخرجات المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي MC-13، للوصول إلى ملموسة لتعزيز النظام التجاري المتعدد الأطراف، في ثلاثة مجالات رئيسية يتصدرها جهود تعزيز منظمة التجارة العالمية من خلال حث أعضاء المنظمة على إعادة تأكيد التزامهم بالمبادئ الأساسية للمنظمة، ورسم رؤية شاملة للإصلاح تغطي جميع الركائز الثلاث للمنظمة المتمثلة في التفاوض والمداولات، وتسوية المنازعات، والتوصل لاتفاق على برنامج عمل ملموس للإصلاح، فيما يتمثل المجال الثاني في ضرورة تسريع المناقشات حول التجارة والاستدامة البيئية للقضاء على الاحتكاكات التجارية المتزايدة الناشئة عن انتشار سياسات الاستدامة الوطنية.
التجارة الإلكترونية
أما المجال الثالث فهو حتمية اتخاذ قرار تجديد الوقف الاختياري للرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية الذي فرضته منظمة التجارة العالمية، والذي يُعد ضمانة أساسية للشركات الصغيرة في جميع أنحاء العالم، وإدخال ضوابط التجارة الرقمية الطموحة التي تشتد الحاجة إليها في منظمة التجارة العالمية، بما في ذلك تدفقات البيانات، مشدداً على أنه من دون التجديد، فإن مستقبل التجارة الإلكترونية والتجارة الرقمية يظل على المحك، إذ يمكن للحكومات أن تبدأ في تجربة فرض تعريفات أحادية على كل شيء بدءاً من البرامج والكتب الإلكترونية والخدمات السحابية وحتى البيانات الأساسية لخدمات البث، مما يؤدي إلى تعطيل الاقتصاد الرقمي وإحداث الفوضى في الشركات في جميع أنحاء العالم التي تعتمد جميعها على الوقف الاختياري للجمارك على نمو أعمالهم.
الوقف الاختياري
قال الأمين العام لغرفة التجارة الدولية، إن انتهاء الوقف الاختياري للجمارك على النقل الإلكتروني سيكون بمثابة انتكاسة تاريخية لمنظمة التجارة العالمية، ويمثل إنهاء غير مسبوق لاتفاقية متعددة الأطراف سارية منذ عام 1998، وهو أمر أكثر أهمية من أي وقت مضى في وقت التحول الرقمي غير المسبوق.