حسونة الطيب (أبوظبي)

قبل 5 سنوات فقط، لم تتعد صادرات الصين من السيارات سوى 25% من مجموع صادرات اليابان، لكنها تحولت الآن لأكبر مصدر للمركبات في العالم. 
وبلغت صادرات الصين، خلال العام الماضي، أكثر من 5 ملايين سيارة، متفوقة على نظيرتها اليابان.
ويبدو أن الصين على وشك إطلاق موجة أخرى من إضعاف نشاط التصنيع في الدول الغنية.
وليس بعيداً عن الأذهان فقدان مليون من العاملين في أميركا لوظائفهم في الفترة بين 1997 إلى 2011، عند اندماج البلاد في نظام التجارة العالمي وبدئها في تصدير سلع بأسعار زهيدة حول أرجاء العالم المختلفة. 
وفي حين يعيش قطاع السيارات الصيني حالة من الانتعاش الكبير، ربما يشكل ذلك نوعاً من التهديد لاتحادات العمال في الدول الغربية وأميركا، لكن وفي واقع الأمر ينبغي بدلاً من هذا التخوف الترحيب بهذا الانتعاش والنمو.  وبلغت مبيعات «بي واي دي» أكبر شركة لصناعة السيارات في الصين، 200 ألف سيارة تعمل بالكهرباء خلال الربع الأخير من العام الماضي 2023، متفوقة على شركة تسلا.
وتتميز السيارات الصينية بجمال تصميمها وأناقتها، فضلاً عن أسعارها المعقولة، لدرجة أن ما يقف أمام زيادة صادراتها ليس السعر بل شح السفن التي تقوم بنقلها للخارج. وبما أن العالم يتجه نحو تقليص انبعاثات الكربون، من المرجح ارتفاع طلب السيارات الكهربائية.
وتخطط الصين بحلول عام 2030 لمضاعفة حصتها في السوق العالمية لنحو 35%، ما يعني نهاية هيمنة شركات صناعة السيارات الوطنية الكبيرة خاصة في الدول الغربية.
وتمتعت الشركات الصينية بالحصول على قروض حكومية بأسعار فائدة مخفضة وعلى الأسهم وإعانات الشراء والعقود الميسرة.  وبلغ إجمالي الإنفاق العام على قطاع السيارات ما يزيد على 30% من مبيعات السيارات الكهربائية، في نهاية العقد الأول من الألفية الثانية. 
وتأتي هذه الإعانات على رأس استفادة الصين من التقنيات عبر المشاريع المشتركة مع شركات صناعة السيارات الأوروبية وشركات تصنيع البطاريات الغربية والكورية الجنوبية. 
وللتصدي للموجة الصينية، فتحت المفوضية الأوروبية تحقيقاً بشأن السيارات الصينية في شهر أكتوبر الماضي، بينما يواجه قطاع السيارات في أميركا، ضغوطاً أقل وطأة، نتيجة للإعفاءات الضريبية المقدمة بموجب قانون خفض التضخم.
ويبدو أن سوق السيارات مقبلة على تغييرات جذرية، بصرف النظر عن التجارة مع الصين، وفي عام 2022 شكلت السيارات الكهربائية ما بين 16 إلى 18% من جملة السيارات الجديدة التي تم بيعها حول العالم، بينما يعتزم الاتحاد الأوروبي حظر بيع السيارات الجديدة التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي، بحلول عام 2035. ورغم احتفاظ الشركات بالعاملين لديها إبان فترة التحول نحو تبني السيارات الكهربائية، إلا أن هذا القطاع لا يتطلب أيدي عاملة كثيرة.
وبالأخذ في الاعتبار مزايا الترحيب بالموجة الصينية، نجد أن السيارات تشكل 7% من جملة استهلاك الأميركيين؛ لذا يساعد انخفاض أسعار السيارات في توفير المال لإنفاقه في سلع أخرى، خاصة في ظل تراجع الأجور الناتج عن التضخم، كما أن السيارات الصينية ليست رخيصة فحسب، بل تتميز بجودة أفضل، خاصة فيما يتعلق بالمواصفات الذكية في السيارات الكهربائية. 
كما ينبغي التفكير في الفوائد التي تعود على البيئة نتيجة استخدام السيارات الكهربائية، وبالتالي فإن تبني السيارات الصينية الأقل سعراً، يسهل تحقيق صفر من الانبعاثات الكربونية. 
وبلغ سعر أرخص سيارة كهربائية من إنتاج شركة «بي واي دي» نحو 12 ألف دولار، بالمقارنة مع 39 ألف دولار من شركة «تسلا». 
ومن المؤكد أن المخاطر التي تنجم عن استيراد السيارات الأقل سعراً، مبالغ فيها، حيث أدت طفرة الإنتاج من اليابان وكوريا الجنوبية، في ثمانينيات القرن الماضي، لتحفيز شركات الإنتاج المحلية ولإنشاء الشركات الأجنبية، مصانع بالقرب من المستهلك.