مصطفى عبد العظيم (دبي)
أنهى الاقتصاد غير المنتج للنفط في دولة الإمارات عام 2023، مسجلاً أقوى انتعاش ربع سنوي منذ الربع الثاني من عام 2019، مدفوعاً بالزيادات الكبيرة في الإنتاج والطلبات الجديدة، وفقاً لمؤشر مديري المشتريات الرئيسي لشهر ديسمبر الماضي، الذي أكد قدرة القطاع على مواصلة النمو القوي في العام 2024.
وأفادت نتائج المؤشر، التابع لشركة ستاندرد آند بوزر جلوبال - في الإمارات - أن الاتجاهات الاقتصادية في القطاع غير المنتج للنفط ظلت قوية بشكل استثنائي في نهاية عام 2023، حيث سجل مؤشر مدراء المشتريات الإماراتي ثاني أفضل قراءة له منذ أربع سنوات ونصف، بعد أن أدى الارتفاع الحاد في الأعمال الجديدة إلى توسع ملحوظ في مستويات الإنتاج، وحجم الطلبات وتحسّن المبيعات.
وارتفع مؤشر مديري المشتريات الرئيسي - وهو مؤشر مركب يُعدل موسمياً تم إعداده ليقدم نظرة عامة دقيقة على ظروف التشغيل في اقتصاد القطاع الخاص غير المنتج للنفط - من 57.0 نقطة في شهر نوفمبر إلى 57.4 نقطة في شهر ديسمبر، وهي ثاني أعلى قراءة منذ شهر يونيو 2019.
وأظهرت نتائج المؤشر، أن توقعات النشاط المستقبلي كانت من بين أقوى التوقعات المسجلة منذ أوائل عام 2020.
تحسين الإنتاج
في الوقت نفسه، وبعد الإشارة إلى أسرع تراكم لمخزون مستلزمات الإنتاج منذ ما يقرب من ست سنوات في شهر نوفمبر، أشارت البيانات الأخيرة إلى اعتدال نمو المخزون في الشهر الأخير من العام، مما يعكس الجهود التي تبذلها بعض الشركات لتحسين حيازات مستلزمات الإنتاج والتكاليف، وساعد ذلك على تخفيف معدل تضخم أسعار المشتريات إلى أدنى مستوى له منذ عام تقريباً
وجدير بالذكر أن الارتفاع الأخير في حجم الطلبات الجديدة أكّد على تحقيق أفضل أداء ربع سنوي للمبيعات خلال أربع سنوات ونصف، ودعمت ظروف السوق المحلية القوية زيادة الأعمال الجديدة والمبيعات الجديدة، وفقاً لأعضاء اللجنة، على الرغم من وجود أدلة تشير إلى تباطؤ الزخم من الأسواق الخارجية.
وإلى جانب العمل في المشروعات الجارية والجهود التسويقية، أدى ارتفاع المبيعات إلى زيادة كبيرة في النشاط غير المنتج للنفط خلال شهر ديسمبر، حيث شهدت أكثر من ربع الشركات التي شملتها الدراسة توسعاً شهرياً.
وبحسب المؤشر جاء الارتفاع في الإنتاج مدعوماً إلى حد ما بقدرة الشركات على إنجاز العمل في الوقت المحدد، وهو ما يتضح من خلال زيادة طفيفة فقط في الأعمال المتراكمة.
وفيما استمر نشاط الشراء في الارتفاع بوتيرة حادة استجابة لمعدلات الطلب الإيجابية، إلا أن بعض الشركات اختارت تقليل المخزون بسبب اعتبارات التكلفة، ونتيجة لذلك، تباطأ معدل نمو المخزون في شهر ديسمبر، ووصل إلى أدنى مستوى له خلال ثلاثة أشهر، بعد أن سجل أعلى مستوى قياسي في ست سنوات تقريباً.
تضخم الأسعار
وتراجع تضخم الأسعار في القطاع غير المنتج للنفط جزئياً بسبب تراجع نمو المشتريات، وفقاً لأحدث بيانات الدراسة، حيث قام بعض المورّدين بخفض تكاليف المواد بعد مفاوضات مع العملاء. وارتفعت أسعار المشتريات بأقل معدل لها منذ يناير، مما أدى إلى انخفاض ضغوط التكلفة الإجمالية إلى أدنى مستوى لها في خمسة أشهر.
في الوقت نفسه، انخفضت أسعار المبيعات، حيث سعت الشركات إلى تقديم خصومات وفرض أسعار أقل من المنافسين، فيما كان الانخفاض الإجمالي هو الأسرع منذ شهر يوليو وإن كان متواضعاً، وتم تعويضه جزئياً من خلال قيام بعض الشركات بتمرير تكاليف مستلزمات الإنتاج المرتفعة إلى العملاء.
استمرار النمو
وقال ديفد أوين، خبير اقتصادي أول لدى ستاندرد آند بورز جلوبال ماركيت انتيلجانس، إن الاقتصاد غير المنتج للنفط في الإمارات أنهى عام 2023 بتوسع مُثير للإعجاب، ليؤكد على تحقيق أقوى انتعاش ربع سنوي منذ الربع الثاني من عام 2019، مما يضع القطاع غير المنتج للنفط في ظروف مواتية لعام 2024، مشيراً إلى أن الشركات لم تشهد زيادة كبيرة في الإنتاج فحسب، بل أشارت بيانات التوقعات المستقبلية إلى أن الشركات تتوقع استمرار هذا النمو، وكانت توقعات العام المقبل من بين أعلى المعدلات منذ ما قبل جائحة كوفيد- 19.
وأضاف أوين أن هذا التفاؤل ساعد على تراجع ضغوط الأسعار، حيث ارتفعت تكاليف المشتريات بأقل معدل خلال عام تقريباً، مشيراً إلى أنه ومع بقاء ضغوط الأجور معتدلة أيضاً، كانت الشركات في كثير من الأحيان على استعداد لتقديم عروض ترويجية وخفض الأسعار لتظل قادرة على المنافسة.
التفاؤل
تحسنت توقعات الإنتاج للأشهر الـ 12 المقبلة في شهر ديسمبر وكانت من بين أعلى المستويات المسجلة في السنوات الأربع الماضية، حيث أشارت تعليقات الشركات المشاركة في الدراسة إلى أن التفاؤل يعتمد إلى حد كبير على قوة المبيعات، ومع أخذ ذلك في الاعتبار، قامت الشركات بزيادة مستويات التوظيف لديها، حيث كانت وتيرة خلق فرص العمل مساوية للمتوسط طويل المدى.