حوار: مصطفى عبد العظيم 
أكد محمد جمعة المشرخ، المدير التنفيذي لمركز الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر «استثمر في الشارقة»، أن الاستثمار الأجنبي المباشر يلعب دوراً محورياً في دعم النمو الهيكلي لاقتصاد إمارة الشارقة، التي باتت تشكل اليوم حاضنة استثمارية ضخمة لشركات عالمية من مختلف القطاعات.
وكشف المشرخ، زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى إمارة الشارقة خلال النصف الأول من العام الجاري 2023 بنسبة تصل إلى 15%، مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي، مشيراً إلى نجاح الإمارة في استقطاب 34 مشروع استثمار أجنبي مباشر جديد خلال النصف الأول من العام الجاري 2023، بقيمة إجمالية تزيد على 1.2 مليار درهم، في القطاعات الاستثمارية المختلفة، ما يعكس الجاذبية الاستثمارية التي تتمتع بها الشارقة.
وأوضح أن تنوع اقتصاد الإمارة عزز من متانة ومرونة الهيكل الاقتصادي، الذي تساهم فيه القطاعات المختلفة بنسب تكاد تكون متساوية ولا يتجاوز أي منها نسبة 20%، حيث بلغ إجمالي مساهمة القطاعات غير النفطية في عام 2022 نحو133.4 مليار درهم، مقارنة بـ 126.8 مليار درهم في العام 2021، الأمر الذي يفتح الباب واسعاً لاستقبال الاستثمارات الأجنبية المباشرة في كافة القطاعات الإنتاجية والحيوية.
وأكد المشرخ في حوار مع «الاتحاد» أن إمارة الشارقة تسير بخطى واثقة، بمشروعها التنموي الشامل حاصدةً النجاحات عاماً بعد عام، ما ينعكس أمناً واستقراراً وارتفاعاً متواصلاً في مستويات المعيشة وجودة الحياة ونصيب الفرد من الناتج المحلي الذي سجل نمواً في العام 2022 بنسبة 5.2%، ليصل إلى 136.9 مليار درهم، مقارنةً بـ130.1 مليار درهم في عام 2021.  

توجهات الاستثمار 
ويؤكد المدير التنفيذي لمركز الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر «استثمر في الشارقة»، أن عوامل الجذب الاستثماري، سواء كان استثماراً محلياً أو أجنبياً، وأن ثقافة الاستثمار وتوجهاته وتفضيلاته تستجيب بشكل طبيعي للتطورات والتحولات التي يشهدها العالم على كافة الصعد.
وأضاف المشرخ: «في الماضي كانت وفرة الموارد الطبيعية وفي مقدمتها المعادن تقود المستثمرين نحو الأسواق، وذلك بسبب طبيعة اقتصاد تلك المراحل التي كان يعتمد على تصنيع المنتجات من المعادن، ثم بدأ مركز ثقل الاقتصاد يميل لصالح التجارة بسبب وفرة الإنتاج بعد الثورة الصناعية، لتستقر التوجهات الاستثمارية اليوم في ساحة الابتكار والتكنولوجيا والبيانات والتدوير والاستدامة، بالإضافة إلى دمج آخر التقنيات في الصناعة، والزراعة والصحة والتعليم. 
وأشار إلى أن هذه التحولات في توجهات الاستثمار تسير لصالح الشارقة، حيث رسخت مكانتها في مقدمة أهم اقتصادات المنطقة، ومكوناً أصيلاً من منظومة الأعمال والاستثمار الإماراتية، لما تمتلكه من ميزات تجعل منها حاضنة اقتصادية عالمية بارزة. 
اهتمامات المستثمرين الدوليين
وأوضح المشرخ، أن الشارقة تشكل نموذجاً للوجهات الاستثمارية الحديثة من خلال تجسيدها لثلاثة عوامل مركزية باتت تشكل جوهر اهتمامات المستثمرين من حول العالم منذ مطلع القرن الحالي، مشيراً إلى أن العامل الأول من عوامل الجاذبية الاستثمارية المستدامة والمؤثرة للشارقة هي سمعتها الدولية، فالشارقة بفضل قيادة وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، وبفعل تعاون وتوافق كافة هيئاتها ومؤسساتها حققت سمعة دولية مميزة وبارزة، فهي حاضرة بقوة في كافة الفعاليات ذات البعد الثقافي والإنساني، كما تعرف الشارقة بأنها العاصمة الثقافية للدولة، إلى جانب أنها جاءت ضمن قائمة أفضل الأماكن عالمياً للزيارة في العام الحالي 2023، هذا يلعب دوراً كبيراً في اختيارات المستثمرين وفي جذب الاستثمارات إلى قطاعات اقتصاد المعرفة مثل النشر والأبحاث والابتكار والفنون والتكنولوجيا والتعليم، وغيرها من القطاعات الواعدة. 
ويبين المشرخ أن سمعة ومكانة الشارقة العالمية، تشكل جزءاً من مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام، والتي احتلت المرتبة الأولى عالمياً في تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال لعام 2022، موضحاً أن استراتيجية دولة الإمارات في تنويع القطاعات ورفع مساهمة الصناعية والإنتاجية منها في الناتج المحلي الإجمالي، ورفع مستوى جاذبية مناخها الاقتصادي لتأسيس الأعمال واستقطاب الشركات الناشئة والعريقة، سيكون لها انعكاسات إيجابية تراكمية على إمارة الشارقة التي تحتضن نحو 60 ألف شركة صغيرة ومتوسطة و6 مناطق حرة و33 منطقة صناعية، إلى جانب أنها تحتضن أكثر من 2900 مصنع، وتساهم الصناعة بنسبة 20% في ناتجها الإجمالي المحلي، مؤكداً أن الشارقة مهيأة للاستفادة من التحولات الاقتصادية الإيجابية التي ستشهدها المنطقة خلال السنوات المقبلة.
عوائد الاستدامة العالمية
وحول العامل الثاني من عوامل جاذبية الشارقة الاستثمارية، قال المشرخ: «تتبنى الشارقة معايير الاستدامة بشكل راسخ، فالمستثمرون اليوم يمضون أكثر من أي وقت مضى باتجاه المزيد من الالتزام بمعايير الاستدامة، خاصة في ظل تنامي عدد الاتفاقيات الدولية الموقعة في هذا الإطار، ومساهمات الاستدامة في الاقتصاد العالمي.
وأضاف:«نحن في الشارقة لا نتعامل مع الاستدامة وكأنها ضريبة على مجتمعات الأعمال، أو ضوابط تحد من خيارات الاستثمار، بل بوصفها مناخاً استثمارياً ومجالاً استثمارياً في الوقت ذاته، فهي مناخ للمستثمرين الذين يبحثون عن الاستثمار في بيئة ملتزمة بمعايير الاستدامة، ومجال استثماري كبير للباحثين عن الاستثمار في حلول الطاقة النظيفة والمجتمعات المستدامة والنقل المستدام والاستثمار الزراعي والاقتصاد الدائري والأخضر».
الاستثمار والتنمية الاجتماعية 
وفي حديثه عن العامل الثالث من عوامل جاذبية الشارقة، ربط المشرخ بين التنمية الاجتماعية بكافة تجلياتها وبين رغبات المستثمرين، موضحاً أن من أهم سمات التنمية الاجتماعية في الشارقة هي الاستثمار في الصحة والتعليم وتنمية المهارات.
وأوضح أن مساهمة قطاع «أنشطة الصحة البشرية والخدمة الاجتماعية» في الناتج الإجمالي المحلي للإمارة ارتفعت بنسبة 7.9% خلال العام الماضي 2022، أما الاستثمار في التعليم فيشهد نموا مطرداً في الإمارة، إذ وصلت موازنة جامعة الشارقة لعام 2022 - 2023 إلى أكثر من مليار درهم، ما يعكس قابلية هذه القطاعات لاستقبال الاستثمارات بشكل دائم، خاصة أن 23% من الموازنة العامة للعام للإمارة للعام 2023، موجهة لقطاع التنمية الاجتماعية دعماً للخدمات العلمية والثقافية والتراثية وتحفيزاً للإبداع والابتكار والبحث العلمي وضمان بيئة صحية مثالية. 
وأوضح أنه في حين تعكس معدلات النمو المرتفع للناتج المحلي الإجمالي وتوازن المساهمات الهيكلية، قوة اقتصاد الإمارة وتنوعه، فهي أيضاً تشكل كذلك مؤشرات هامة تعكس المكانة المستقبلية للإمارة في مجتمع الاستثمار العالمي، لاسيما فيما يتعلق بالنمو المتوازن لقطاعات الإمارة، ما يعني أن كافة القطاعات قادرة على تقديم نصيبها من الخدمات للمجتمع المحلي ومجتمع الأعمال، وبشكل خاص للمستثمرين والمشاريع والشركات الناشئة ورواد الأعمال الجدد، و هو ما يعني أيضاً تنويع مصادر الدخل المحلي وإطلاق المزيد من المشاريع السيادية التنموية.