حسونة الطيب (أبوظبي)

تحتضن منطقة جنوب شرق آسيا أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، وفي حين زاد الطلب على الطاقة اتجهت المنطقة نحو الطاقة المتجددة، بُغية تأمين احتياجاتها منها. 
وارتفع الطلب في المنطقة بمتوسط قدره 3% سنوياً، وذلك على مدى العقدين الماضيين، في توجه ربما يستمر حتى حلول عام 2030، في ظل السياسات القائمة حالياً، بحسب الوكالة الدولية للطاقة. 
لكن لا يزال الوقود الأحفوري يشكل القدر الأكبر من مزيج الطاقة في المنطقة، حيث استحوذ على 83% في عام 2020، بالمقارنة مع الطاقة المتجددة التي لم تتعد حصتها سوى 14.2% خلال الفترة نفسها، وفقاً لمركز آسيان للطاقة.
وبحلول عام 2050، من المتوقع أن يشكل النفط والغاز الطبيعي والفحم، 88% من الإمدادات الأولية للطاقة.
ويزيد هذا الاعتماد الكبير على أنواع الوقود الأحفوري من تعرض المنطقة لتذبذبات أسعار الطاقة ولقيود المعروض.
وتوسعت قطاعات توليد الكهرباء بالغاز والفحم في جنوب شرق آسيا، في الوقت الذي زاد فيه استهلاك الكهرباء في المنطقة، ما عرض تلك الأسواق لعدم استقرار أسعار الوقود الأحفوري في السوق العالمية. لكن يبدو عموماً، أن سياسات المنطقة وتوجهاتها، تُوحي بشغفها للتحول وتبني الطاقة المتجددة.
وفي حال عدم حصول المنطقة على اكتشافات جديدة أو إضافة معدلات جديدة لبنية الإنتاج التحتية القائمة، تصبح مستورداً صافياً للغاز الطبيعي بحلول عام 2025 وللفحم عند عام 2039، بحسب تقديرات مركز آسيان للطاقة، وينتج عن ذلك ارتفاع في أسعار الوقود الأحفوري، والمزيد من الضغوطات على المستهلك. 
وللتصدي لذلك، يترتب على المنطقة، تنويع مصادر الطاقة من أجل تحقيق النمو الاقتصادي والتأمين.
وإن لم يكن جميعها، اتخذت بعض أسواق جنوب شرق آسيا، خطوات لإعلان أهداف الطاقة المتجددة وتحديد الخطط المتعلقة بالتحول، لتبني طاقة أقل انبعاثات كربونية.
وفي ماليزيا، أطلقت السلطات مبادرة خريطة الطريق الوطنية لتحول الطاقة في يوليو الماضي التي تساهم في زيادة سعة البلاد من الطاقة المتجددة، مع تقليل اعتمادها المتزايد على واردات الغاز الطبيعي، بحسب وزارة الاقتصاد الماليزية.
وتتضمن خريطة الطريق 10 مشاريع رئيسية، بما فيها بناء محطة طاقة كهروضوئية بسعة واحد جيجاواط، الأكبر من نوعها في جنوب شرق آسيا. 
وتعتبر الطاقة الشمسية أكثر فئات الطاقة المتجددة انتشاراً في ماليزيا، حيث يقدر نموها السنوي بنحو 48%.
وأعلنت فيتنام الخطة الـ 8 لتنمية الطاقة، وهي بمثابة التزام لإنعاش طاقتي الرياح والغاز، في الوقت ذاته الذي تقلل فيه اعتمادها على الفحم. 
ومن المنتظر، أن تشكل طاقة الرياح و«الشمسية»، 31% من الاحتياجات المحلية للكهرباء بحلول عام 2030، نقلاً عن «رويترز».
وبموجب هذه الخطة، ينبغي تحويل كل المحطات العاملة بالفحم لأخرى تعمل بوقود بديل أو وقف تشغيلها بحلول عام 2050. 
ورغم أن الفحم سيظل ضمن المصادر الرئيسة لتوليد الكهرباء على المدى القريب، حيث يشكل 20% من مزيج كهرباء البلاد في 2030، يعتبر ذلك تراجعاً مما قارب 31% في 2020. 
أما في سنغافورة، فتشير خطة الطاقة الخضراء 2023، لمُضي البلاد قُدماً نحو تبني الطاقة النظيفة. 
وتهدف سنغافورة لزيادة سعة الطاقة الشمسية لما لا يقل عن 2 جيجا واط بحلول عام 2030، ما يعني الإيفاء بنحو 3% من طلب الكهرباء المتوقع، وفقاً لوزارة الاستدامة والتنمية.
ويتم توليد 95% من الكهرباء في سنغافورة، عبر محطات تعمل بالغاز الطبيعي. ومع أن طبيعة البلاد الجغرافية، تقلل من خيارات الطاقة المتجددة، فإن الخطة تنتهج معايير مثل نشر الألواح الشمسية على الأسقف، فضلاً عن استيراد كهرباء وهيدروجين من دول جنوب شرق آسيا الأخرى، لتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري. 
وفي حين يعتبر قطاع الطاقة المتجددة أقل تطوراً في جنوب شرق آسيا، بالمقارنة مع الصين والدول الغربية، تخطط هذه الدول لجذب الشركات الأجنبية ذات الخبرة في هذا المجال، بغرض النهوض بالقطاع.
وقررت الفلبين في نوفمبر الماضي، إلغاء متطلبات الملكية في مصادر محددة للطاقة المتجددة، للسماح للمستثمرين الأجانب بالملكية الكاملة لمشاريع تعمل في الطاقة الشمسية والرياح والمائية، أو مصادر طاقة المحيطات، بحسب مؤسسة بيكر ماكينزي للقانون الدولي. 
وانتهجت إندونيسيا ذات السياسة، حيث خففت بعض القيود التي كانت تفرضها على ملكية الأجانب، بغرض خلق نوع من الزخم في مجال استثمارات الطاقة المتجددة، وتسمح البلاد في الوقت الحالي بملكية 100% في المشاريع الخاصة، بنقل الكهرباء وتوزيعها وتوليدها، وفقاً لموقع «سي أن بي سي».