حسام عبدالنبي (أبوظبي)
يواصل مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، الحفاظ على استقرار النظام المصرفي التقليدي وتشجيع البنوك على تعزيز جهود التحول الرقمي، ما جعل دولة الإمارات مركزاً للخدمات المصرفية الرقمية، حسب تقرير وكالة إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية، مؤكداً أن اعتماد البنوك الافتراضية، والخدمات الرقمية للبنوك التقليدية في دولة الإمارات يتزايد، ومن المتوقع أن تستمر في ذلك، نظراً لتفضيل السكان الواضح للتحول الرقمي وقوة البنية التحتية الرقمية.
وقال التقرير، الصادر بعنوان «مستقبل الخدمات المصرفية»، إن البنوك الافتراضية ستقدم قيمة إضافية للعملاء إلى جانب ما تقدمه البنوك التقليدية في دولة الإمارات (ولن تحل محلها)، منوهاً بأن الخدمات الحالية للبنوك الافتراضية تقتصر على الخدمات المصرفية للأفراد وتركز بصورة أساسية على زيادة الودائع وإصدار بطاقات الائتمان.
وأضاف التقرير أن السنوات القليلة الماضية، شهدت ظهور البنوك الافتراضية وزيادة في الخدمات الرقمية التي تقدمها البنوك التقليدية في دولة الإمارات، حيث تحاول البنوك الافتراضية جذب عملاء البنوك التقليدية من خلال تقديم المنتجات والخدمات برسوم أقل. وأكد أن البيئة التنظيمية للتكنولوجيا المالية في دولة الإمارات تدعم إلى حد ما ظهور البنوك الافتراضية، موضحاً أن البنوك الافتراضية لا تزال في المراحل الأولى من تطورها في السوق المحلية لدولة الإمارات، وتركز منتجاتها وخدماتها الحالية المحدودة بشكل أساسي على زيادة الودائع وإصدار بطاقات الائتمان، ولذا يفضل معظم العملاء في دولة الإمارات البنوك التقليدية، التي نجحت في التحول الرقمي، خاصة أن منتجاتها وخدماتها الرقمية تتفوق على تلك التي تقدمها البنوك في العديد من الأسواق الناشئة الأخرى، مستبعداً في الوقت ذاته هجرة كبيرة من البنوك التقليدية إلى البنوك الافتراضية في المستقبل المنظور.
وأكد التقرير أن الجهة التنظيمية الداعمة في دولة الإمارات ساهمت في إطلاق العديد من البنوك الافتراضية على مدى السنوات القليلة الماضية، منوهاً بأن المصرف المركزي يدعم البنوك الافتراضية من خلال توفير التراخيص والموافقات اللازمة، مع ضمان استيفائها للمعايير التنظيمية اللازمة، وقد سهّل ذلك نسبياً على البنوك الافتراضية دخول سوق دولة الإمارات والابتكار فيه، مقارنة بالاقتصادات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط.
تحويلات مالية
ولفت تقرير إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية، إلى أن العدد الكبير من الوافدين في دولة الإمارات، لاسيما العمال ذوي الدخل المنخفض الذين يرسلون الأموال إلى وطنهم الأم، يساهم بصورة كبيرة في الطلب على شركات تحويل الأموال ذات التكلفة المنخفضة والسرعة العالية. وذكر أنه يمكن للبنوك الافتراضية أن تجذب جزءاً من عمليات تحويل الأموال في البنوك الإماراتية ومكاتب الصرافة من خلال خفض رسوم التحويل وتوفير أسعار صرف أفضل وتقليل الفترة الزمنية للتحويل، منبهاً إلى أنه على الرغم من ذلك، لا تزال مكاتب الصرافة تهيمن على التحويلات المالية وتعالج أكثر من ثلاثة أرباع التحويلات المالية الدولية في دولة الإمارات، حيث بلغت 145.7 مليار درهم في عام 2022.
هوس التكنولوجيا
ووفقاً لتقرير «مستقبل الخدمات المصرفية»، فإن التقارب التكنولوجي بين السكان في دولة الإمارات يدعم زيادة الطلب على البنوك الافتراضية، وقد أدى إلى ظهور نظام جذاب للبنوك وشركات التكنولوجيا المالية، التي تقدم أحدث الخدمات التي تجذب جيل الألفية والعملاء المهووسين بالتكنولوجيا. وقال: إن السنوات القليلة الماضية شهدت ظهور بنوك «افتراضية مستقلة» في دولة الإمارات، مثل «زاند» و«ويو» و«المارية المحلي»، في حين أطلقت البنوك التقليدية خدماتها الرقمية، على سبيل المثال «ليف» و«E20» التابعتان لبنك الإمارات دبي الوطني، و«المشرق نيو» التابع لبنك المشرق. وأشار إلى أن تقديرات موقع «فايندر للمقارنة» تشير إلى أن عدد البالغين الذين لديهم حسابات في البنوك الافتراضية في دولة الإمارات ارتفع إلى 19% في عام 2022، مقارنة بـ17% في عام 2021، متوقعاً أن يرتفع اعتماد البنوك التي تقدم خدمات رقمية فقط إلى نحو 35%-40% بحلول عام 2027، بما يتماشى مع المتوسط العالمي.
هجرة جماعية
وبين تقرير إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية، والذي أعده كل من بونيت تولي، محلل الائتمان الأول، والدكتور محمد دمق، محلل الائتمان الثاني بالوكالة، أنه على الرغم من حرص البنوك الافتراضية على الاستحواذ على حصة سوقية في فئات معينة من المنتجات، على سبيل المثال الودائع وبطاقات الائتمان والتحويلات المالية، فإنه من المستبعد حدوث هجرة جماعية من البنوك التقليدية إلى البنوك الافتراضية، لاسيما في قطاعات مثل الخدمات المصرفية للشركات والرهون العقارية للأفراد. وأضاف أن ولاء العملاء والبيئة التنظيمية والوجود غير المادي للبنوك الافتراضية، تمثل عوائق كبيرة أمام تبني البنوك الافتراضية على نطاق واسع، لافتاً إلى أنه مع استمرار تطور قطاع الخدمات المصرفية في دولة الإمارات، أصبح التعايش بين البنوك التقليدية والبنوك الافتراضية أكثر احتمالاً - حيث يلبي كل منها احتياجات شرائح محددة من العملاء ويوفر لهم مزايا فريدة.
أعلى المعدلات
ووفقاً لبيانات شركة الأبحاث GWI، فإن عدد عملاء البنوك في دولة الإمارات مرتفع ويستمر في التوسع، وقاعدة العملاء المستهدفة لديها ميل لتبني الخدمات المصرفية الرقمية، مفسراً ذلك بأن معدل انتشار الهواتف الذكية في الإمارات وصل إلى 96.2% في عام 2022، وهو من بين أعلى المعدلات على مستوى العالم ويتجاوز قليلاً متوسط معدل الانتشار البالغ 95% في أوروبا.
188 مليون عميل
قدر تقرير لـ«ستاتسيا»، عدد عملاء البنوك الافتراضية في جميع أنحاء العالم بنحو 188 مليوناً في عام 2022، مرتفعاً من نحو 19 مليوناً في عام 2017، مرجحاً أن يتجاوز هذا الرقم 350 مليوناً بحلول عام 2026. ورافق الارتفاع في أعداد العملاء زيادة في عدد البنوك الافتراضية إلى أكثر من 500 في عام 2022.