شريف عادل (واشنطن)
بدأ اتحاد عمال شركات السيارات الأميركية إضراباً يوم الجمعة الماضي، توقف على إثره العمل في بعض المصانع، بينما استمر في البعض الآخر، مع الاستعداد للانضمام إلى الإضراب في أي لحظة. 

ولما كان الاقتصاد الأميركي يعاني بالفعل من عدة كدمات، فقد بدأ المحللون في التساؤل عن المدى الذي يمكن أن يساهم فيه هذا الإضراب في دفع الاقتصاد الأكبر في العالم إلى الدخول في ركود.واستبعد غابرييل إرليتش، الخبير الاقتصادي في جامعة ميشيغان، أن يكون للإضراب تأثير كبير على النشاط الاقتصادي، مشيراً، في لقاء مع شبكة «سي أن أن»، إلى أن الجزء النقابي من الصناعة، رغم أنه لا يزال كبيراً، إلا أنه لم يعد جزءاً كبيراً من الاقتصاد الأميركي كما كان من قبل.
ولكن إرليتش أكد أن التأثير النهائي للإضراب يعتمد على أشياء مثل مدة الإضراب، وإذا ما قامت الشركات بتسريح العمال في مصانع أخرى، وعدد العمال الذين تركوا وظائفهم، والمدة التي تستغرقها النقابات والشركات للتفاوض على صفقة.
وعلى الجانب الآخر، يقول رئيس اتحاد عمال السيارات شون فاين، إن النقابة لن تقوم بتدمير الاقتصاد، ولكنها في الحقيقة ستدمر اقتصاد المليارديرات.
وعلى الرغم من أن تقديرات التأثير الاقتصادي للإضراب لا تشير إلى «تدمير الاقتصاد»، إلا أن الأضرار قد تكون كبيرة.
فعلى سبيل المثال، إذا أضرب جميع العمال المنتمين للاتحاد في شركات فورد وجنرال موتورز وستيلانتس لمدة 10 أيام، فإن ذلك سيكلف الاقتصاد الأميركي 5 مليارات دولار، وفقاً لتقديرات مجموعة أندرسون الاقتصادية.
لكن إرليتش لديه تقدير مختلف، حيث توقع تأثيراً فورياً بفقدان دخل بقيمة 440 مليون دولار على المستوى الوطني إذا أضرب جميع أعضاء الاتحاد لمدة أسبوعين. فإذا استمر الإضراب ثمانية أسابيع، فإنه يتوقع خسارة 9.1 مليار دولار من الدخل في جميع أنحاء البلاد.
وعلى الرغم من أن أعضاء النقابة المضربين سيحصلون على 500 دولار أسبوعياً كأجر إضراب، فمن المحتمل ألا يكون ذلك كافياً لهم لمواصلة إنفاقهم الطبيعي، وهذا يعني أن الشركات المحلية القريبة من مواقع الضربات ستخسر أيضاً جزءاً من إيراداتها.
وقال تايلر ثيل، نائب الرئيس ومدير السياسة العامة في مجموعة أندرسون الاقتصادية، إنه إذا استمر الإضراب لفترة كافية، فقد يدفع ذلك الشركات القريبة من مصانع السيارات المتضررة إلى تسريح بعض العمال.
وقال إرليتش، إن مخزون السيارات على المستوى الوطني لا يزال أقل من مستويات ما قبل الوباء، وستكون شركات صناعة السيارات الثلاثة الكبرى حريصة على استئناف الإنتاج بمجرد انتهاء الإضراب. ولهذا السبب يتوقع منهم تأخير إلغاء الطلبات من الموردين للحصول على الأجزاء الضرورية لأطول فترة ممكنة.
ولكن عندما تبدأ شركات صناعة السيارات في نهاية المطاف في إلغاء الطلبات، سيكون لذلك تأثير مضاعف في كامل شبكة موردي قطع الغيار. 

وفي البداية، يقول ثيل، سيحاول الموردون الذين يعملون بشكل مباشر مع شركات صناعة السيارات، أو ما يسمى بموردي المستوى الأول، إبقاء العمال على كشوف المرتبات لأنهم يشكون في قدرتهم على إعادة التوظيف إذا سمحوا للناس بالرحيل.ولكن مع استمرار الإضراب، فلن يكون أمامهم خيار سوى تسريح العمال، وبعدها قد يضطر موردو المستوى الثاني، أي أولئك الذين يوردون للشركات من المستوى الأول، إلى تسريح العمال هم أيضاً، وفقاً لثيل.
ويضيف: «إن انخفاض عدد الأشخاص الذين يعملون سيعني أن الحكومة لن تتمكن من تحصيل نفس القدر من عائدات الضرائب، وهو ما قد يؤدي إلى إلغاء عدد من البرامج التي تم تخصيص الأموال لها من قبل».
وعلى مستوى الولاية، قدر إرليتش أن ميشيغان، مركز العديد من الإضرابات، ستشهد انخفاضاً قدره 10.6 مليون دولار في عائدات الضرائب، إذا استمر الإضراب لمدة أسبوعين.
وقدرت مجموعة أندرسون الاقتصادية أنه لن يتم إنتاج 25 ألف مركبة إذا استمر الإضراب لمدة 10 أيام. وقال ثيل إن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار السيارات، خاصة أن المخزون الحالي محدود.
ومع ذلك، فإن تأثير الإضراب لن يكون مثل جائحة كوفيد أو نقص رقائق الكمبيوتر اللذين أديا إلى إغلاق صناعة السيارات الأميركية تقريباً في السنوات الأخيرة، كما قال جوناثان سموك، كبير الاقتصاديين في شركة كوكس أوتوموتيف.
ويشار إلى أن أسعار السيارات الجديدة قد ارتفعت بنسبة 3% تقريباً عن العام الماضي، وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك لشهر أغسطس.