حسونة الطيب (أبوظبي)

للّحاق بقطار التحول نحو الطاقة النظيفة، ينبغي على الدول النامية والناشئة، رفع معدل استثماراتها، بما لا يقل عن 70%، وذلك بحلول العام 2030، حيث تواجه هذه الدول معضلتين، الحاجة للالتزام بتخفيف الانبعاثات الكربونية والحصول على التمويل اللازم. 
ويتعلق الإيفاء بأهداف المناخ بمدى توافر المال المطلوب لإنشاء مشاريع الطاقة النظيفة، كما أن ما يُعرف بـ«التمويل الأخضر»، يتوافر لدول دون الأخرى حول العالم. 
وبصرف النظر عن تشكيلها 65% من سكان العالم، إلا أن الدول النامية والناشئة، باستثناء الصين، تشكل 20% فقط من استثمارات الطاقة الخضراء، بحسب منتدى الطاقة العالمي.
وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة، أن استثمارات الطاقة النظيفة في الدول النامية، ظلت على ما هي عليه منذ اتفاقية باريس في 2015، كما يترتب على هذه الدول، العمل على زيادة استثماراتها بنحو 70% بحلول نهاية العقد الحالي، ما يعني ضرورة حشد الأموال لهذه الدول، بهدف مواجهة تداعيات التغير المناخي، وفقاً لـ«فاينانشيال تايمز». 
وبحسب تقديرات الوكالة، من المتوقع إنفاق أقل من 20% من جملة الاستثمارات البالغة 1.7 تريليون دولار على الطاقة النظيفة خلال العام الجاري 2023، في الدول النامية والناشئة، باستثناء الصين. 
لكن من الضروري، رفع المبلغ من واقع 260 مليار دولار هذا العام، لنحو ما بين 1.4 إلى 1.9 تريليون دولار، مع مستهل العام 2030، بهدف تحقيق أهداف المناخ والإيفاء بطلب الطاقة، مع الوضع في الاعتبار المنافسة المتصاعدة من قبل الدول المتقدمة. 
وتتوافر فرصة كبيرة للغاية لاقتصادات الدول النامية في حال توفير رأس المال المطلوب، وعلى سبيل المثال، تملك أفريقيا 60% من أفضل موارد الطاقة الشمسية الكهروضوئية في العالم، لكن لديها 1% فقط من السعة العالمية، كما من المهم إتاحة الفرص للدول الناشئة للحصول على التمويل الذي يكفي لتحقيق تطلعات شعوبها وحكوماتها، في الوقت ذاته الذي تتمكن فيه من تقليص انبعاثاتها الكربونية.  ويقول فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية: «يتحرك عالم الطاقة بخطى سريعة للغاية، لكن مع مخاطر ترك العديد من الدول في مؤخرة الركب».
ويشير تقرير الوكالة إلى أن 60% من الاستثمارات المطلوبة، ينبغي أن تجيء من القطاع الخاص، إلا أن ارتفاع تكاليف رؤوس الأموال يقف حائلاً دون تحقيق ذلك، كما يمكن أن تكون تكلفة رأس المال لمشروع للطاقة الشمسية أعلى مرتين أو ثلاث مرات في الاقتصادات الناشئة الرئيسية عنها في اقتصادات الدول المتقدمة أو الصين.
وتتّسم مشاريع الطاقة المتجددة بتكاليف أولية عالية نسبياً، بيد أنه يتم تعويضها بمرور الوقت في ظل انخفاض تكلفة التشغيل ومصروفات الوقود، وبصرف النظر عن هذه الفوائد طويلة الأجل، فإن شح التمويل في الدول النامية يجعل قيام مشاريع الطاقة المتجددة أمراً بالغ الصعوبة، وتتضافر بعض العوامل مثل عدم اليقين السياسي والاقتصادي لعدم تشجيع استثمارات القطاع الخاص في بعض الدول. 
وتساعد السياسات المصممة لجذب الاستثمارات لأوروبا وأميركا، في النهوض بعمليات الابتكار، لكنها تزيد أيضاً من التحديات للأسواق الناشئة لتنافس للحصول على رأسمال القطاع الخاص. 
وتتطلع الوكالة في أن يشكل قانون خفض التضخم لإدارة الرئيس الأميركي بايدن الذي يتضمن 369 مليار دولار من الإعانات لتعزيز الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، حافزاً عالمياً إيجابياً بشكل عام. 
ويمكن أن تساعد السندات الخضراء الجديدة وائتمانات الكربون الطوعية والبيانات التي تعكس المخاطر الحقيقية وعائدات الاستثمار في أسواق الدول الناشئة، في ضخ الأموال في الاتجاهات الصحيحة. 
كما يمكن أن يمثل الإجراء الذي يهدف لتعزيز الاستثمار، فرصة هائلة للنمو والتوظيف، ما يشكل عاملاً محورياً لمستقبل الطاقة والمناخ في العالم.