يوسف البستنجي (أبوظبي)
عقد مصرف الإمارات المركزي اجتماعاً ثنائياً مع سلطة النقد في هونغ كونغ لبحث سبل تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، وذلك في العاصمة أبوظبي، أمس الأول، بحسب بيان صادر عن «المركزي» الإماراتي أمس. 
وأوضح «المركزي» أنه خلال الاجتماع، ناقش الجانبان عدة مبادرات من شأنها أن تسهم في الارتقاء بالخدمات المالية وتحقيق المصالح المشتركة، حيث اتفقا على تعزيز التعاون في ثلاثة مجالات رئيسة تركز على تطوير البنية التحتية المالية، والربط المشترك بين أسواق الخدمات المالية لدى الطرفين، وتطوير تنظيم الأصول الافتراضية. بالإضافة إلى تكثيف المباحثات بين مراكز الابتكار في الجانبين بشأن المبادرات المشتركة لتطوير التكنولوجيا المالية وتبادل الخبرات، على أن يتم تشكيل فريق عمل مشترك لمتابعة جميع المبادرات المتفق عليها.
وعقب الاجتماع الثنائي، نظّم المصرف المركزي وسلطة النقد في هونغ كونغ، ندوة حول الفرص المتاحة في دولة الإمارات وهونغ كونغ، بحضور كبار المسؤولين التنفيذيين في البنوك العاملة من الجانبين. وتناولت الندوة، المباحثات الثنائية بشأن الترتيبات التي يمكن اتخاذها لتسهيل تسوية المعاملات التجارية العابرة للحدود بطريقة أفضل، وإمكانية الاستفادة المثلى للشركات الإماراتية من منصات البنية التحتية المالية في هونغ كونغ للوصول إلى أسواق آسيا وجمهورية الصين الشعبية، والحلول المالية والفرص الاستثمارية المتاحة في أسواق رأس المال في منطقة الخليج الكبرى في الصين (Greater Bay Area) والتي تضم مقاطعة قوانغدونغ، ومقاطعة ماكاو، وهونغ كونغ.

جلسات الملتقي
وخلال جلسات الملتقي، ناقشت البنوك المشاركة عدة محاور رئيسة لعمليات التسوية باستخدام عملة الرنمينبي، ولاسيما الفوائد والتحديات.
حيث أكد المتحدثون أن الاقتصاد الصيني يعتبر اقتصاداً متكاملاً، في حين تبدو فرص الاستثمار في هونغ كونغ جذابة للغاية، لأنها تمثل بوابة دولية للوصول إلى السوق الصيني.
كما أكد المشاركون على أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد أحد مراكز السيولة الرئيسية في العالم.
ولذا فقد أنشأت معظم الشركات متعددة الجنسيات مراكز خزينة لها في الإمارات، في حين تشهد ممرات التجارة والعملات توسعاً متواصلاً.
ولفت المتحدثون إلى حجم الصادرات المتبادلة والاستثمارات والتجارة بين الصين والإمارات وأكدوا أنها تنمو باستمرار، لافتين إلى أنه توجد 6000 شركة صينية في الإمارات حالياً، وتم إنشاء 2000 شركة منها في الأشهر الثمانية عشر الأخيرة.
وأوضح المتحدثون أنه نتيجة لذلك، سيؤدي تعزيز التعاون إلى زيادة فرص اعتماد الرنمينبي كإحدى عملات التسوية، وبالتالي المزيد من السيولة للرنمينبي.
وأما التحديات التي تواجه زيادة اعتماد الرنمينبي للتسويات فقد لخصها المتحدثون في عدة محاور أهمها    استخدام العملات الأخرى في العادة، وعدم وضوح فوائد وميزات استخدام الرنمينبي والحاجة إلى كمية أكبر من المنتجات والخدمات لدعم التسوية بالرنمينبي.
البنوك المشاركة
وشارك في الندوة من دولة الإمارات كل من بنك أبوظبي الأول، وبنك الإمارات دبي الوطني، وبنك دبي الإسلامي، وبنك أبوظبي الإسلامي، بنك الصين المحدود، وبنك اتش اس بي سي، وبنك ستاندرد تشارترد، ومن جانب هونغ كونغ كل من بنك الصين المحدود، وبنك ستاندرد تشارترد وبنك اتش اس بي سي وسيتي بنك.
وتعقيباً على مخرجات الاجتماع، قال معالي خالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات المركزي: «يسعدنا الترحيب بوفد سلطة النقد في هونغ كونغ في دولة الإمارات، حيث نتطلع إلى البناء على العلاقات القوية القائمة لتعزيز التعاون بين مصرف الإمارات المركزي وسلطة النقد في هونغ كونغ. لقد بحثنا في اجتماعات اليوم تعميق نطاق التعاون الثنائي عبر العديد من المجالات المهمة والحيوية، بما في ذلك تطوير البنية التحتية للأسواق المالية، والفرص المشتركة لتحقيق النمو في الرقمنة والتقدم التكنولوجي».
وأضاف معاليه: «إننا نتطلع إلى مشاركة واسعة النطاق وطويلة المدى مع سلطة النقد وقطاع الخدمات المالية في هونغ كونغ، وسنواصل مع نظرائنا تعزيز التعاون وتبادل الخبرات في المجالات المشتركة».
بدوره، قال إيدي يو، الرئيس التنفيذي لسلطة النقد في هونغ كونغ: «تعزز اجتماعات اليوم بين مصرف الإمارات المركزي وسلطة النقد في هونغ كونغ التعاون الثنائي في عدد من المجالات المهمة، في حين توفر منصة للمؤسسات المالية والشركات في الجانبين لتسريع التبادل وتوسيع نطاق التعاون المشترك، نظراً لكون دولة الإمارات وهونغ كونغ، مركزين ماليين يتقاسمان العديد من نقاط القوة التكاملية والمصالح المشتركة، وهناك مجال واسع لدى المشاركين في السوقين لتعزيز الجهود وتوثيق الروابط المشتركة». وأضاف يو: «نسعى لمواصلة التعاون مع مصرف الإمارات المركزي، وتوسيع العلاقات بين القطاع المالي في دولة الإمارات وهونغ كونغ، ونرحب بزيارة شركائنا في الإمارات إلى هونغ كونغ في المستقبل القريب».
آفاق التعاون 
وبحث مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي وسلطة النقد في هونغ كونغ، سبل التعاون المشترك لتعزيز البنية التحتية المالية وتحفيز الاستثمارات والتجارة بين دولة الإمارات وهونغ كونغ، بهدف ربط الأسواق المالية بشكل أوسع لتسهيل المدفوعات عبر الحدود والتسويات التجارية. وتأتي هذه المباحثات في إطار سعي المصرف المركزي الحثيث لتحقيق الريادة ودعم تنافسية الدولة وفق أعلى المعايير الدولية وأفضل الممارسات المتبعة لدى نظرائه الدوليين. وقال معالي خالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي: «في إطار دعم الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات وجمهورية الصين، يسرُّنا استضافة وفد سلطة النقد في هونغ كونغ لتوسيع آفاق التعاون المشترك، والتي تشمل تعزيز الروابط الوثيقة في الأسواق المالية وتبادل الخبرات لتطوير التكنولوجيا المالية وسبل استخدامها».
وأضاف معاليه: «انطلاقاً من أهدافنا المشتركة لرسم مستقبل القطاع المالي للجانبين، كان من المهم بالنسبة لنا أن نتبادل الآراء والخبرات مع شركائنا في سلطة النقد في هونغ كونغ، خاصة أن الابتكار في القطاع المالي يحظى في الوقت الراهن باهتمام واسع وكبير، فيما تسهم التكنولوجيا المتسارعة في إيجاد العديد من الفرص المهمة».
خطوة مهمة 
تعد الاجتماعات الثنائية خطوة مهمة لترسيخ المكانة الاقتصادية الرائدة للإمارات وهونغ كونغ في الأسواق المالية العالمية، وخاصة في مجال الخدمات المالية، حيث بحث الطرفان في الاجتماعات الثنائية بشكل متعمق الفرص الاستثمارية الواعدة في الأسواق المالية في أبوظبي ودبي، وفي منطقة الخليج الكبرى في الصين (Greater Bay Area)، وهي منطقة اقتصادية تضم كلاً من مقاطعة قوانغدونغ، ومقاطعة ماكاو، ومدينة هونغ كونغ، والعوائد الإيجابية التي ستصّب في مصلحة الإمارات وهونغ كونغ مستقبلاً.
وفيما يخص الآراء والأفكار التي طرحت في الاجتماع، أبدى الجانبان اهتمامهما ببحث إمكانية مشاركة بعض برامج التكنولوجيا المالية الحالية بين الإمارات وهونغ كونغ، مثل برنامج Bond Connect وStock Connect وWealth Connect وذلك لسهولة الوصول للسوق المالي وتحقيق الاستفادة المرجوة لكلا الجانبين على حد سواء.
وسيسهم التعاون المستمر بين كل من دولة الإمارات هونغ كونغ في تطوير علاقات مالية وأسواق رأسمال أقوى، مما يمنح الشركات والمستثمرين الصينيين والإماراتيين القدرة على شراء وبيع الأسهم وسندات الدين في أسواق كل منهما بكلفة فعّالة، وكفاءة عالية.
البنية المالية
يذكر أنه في إطار برنامج تحول البنية التحتية المالية الذي أطلقه المصرف المركزي في العام الجاري، تم إطلاق مركز الابتكار في معهد الإمارات المالي، والذي يتوقع أن يكون بمثابة محرك لدفع التنافسية، وسيكون مركز الابتكار منصة للمشاركة والبحث والتطوير مع مراكز الابتكار والشركات الناشئة الأخرى.
وعلى صعيد ذي صلة، تجري محادثات بين مركز الابتكار في معهد الإمارات المالي ومركز هونغ كونغ السيبراني، ومجمع هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا، ويتم التركيز خلالها على استكشاف إمكانية إطلاق مبادرات مشتركة في مجال التكنولوجيا المالية والبحوث وتبادل الخبرات.