أكد مشاركون في ملتقى «استدامة السياحة الثقافية في عصر التواصل الرقمي» أهمية استعداد صناعة السياحة للتحولات المتسارعة للتكنولوجيا الرقمية والاستفادة منها في تعزيز استدامة القطاع، خاصة السياحة الثقافية التي تشكل 40% من سوق السياحة العالمية الذي يزيد على 1.7 تريليون دولار.

وأشار المشاركون في الملتقى الذي تنظمه دائرة التنمية السياحية في عجمان، بالتعاون مع الشبكة العربية للتواصل والعلاقات العامة في المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية، إلى الدور المحوري الذي يلعبه الإعلام الحديث في ترسيخ مفهوم السياحة الثقافية في المجتمعات العربية التي تزخر بتنوع فريد في منتجاتها الثقافية، خاصة في دولة الإمارات التي حققت خلال العقود الماضية نهضة ثقافية شاملة أسهمت في تعزيز مكانة الدولة كوجهة عالمية للسياحة الثقافية بمختلف أنماطها.
ويجمع الملتقى الذي انطلقت فعالياته اليوم في فندق راديسون بلو عجمان، ويستمر على مدار يومين، نُخبة من كبار المسؤولين وصناع القرار من القطاعين الحكومي والخاص، من داخل الدولة وخارجها، إلى جانب مختصين بقطاع السياحة في الوطن العربي وتطوير الوجهات، بالإضافة إلى الخبراء الاقتصاديين ورواد الأعمال في قطاع السفر والطيران والنقل والضيافة والفنادق ومستشاري التواصل الرقمي والعلاقات العامة والإعلام. 

الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة

وناقش الملتقى، العديد من الأهداف والمحاور، ومنها أثر التكنولوجيا الرقمية التفاعلية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة، وأدوات الرصد، وقياس الأداء في القطاع السياحي، ودورها في التواصل مع الجمهور لتحقيق التنمية السياحية الثقافية المستدامة، وإدارة السياحة الثقافية واستدامتها من خلال وسائل التواصل الرقمية، إلى جانب كيفية قياس أثر المنصات الرقمية على مستقبل السياحة الثقافية.
وسلط الملتقى الضوء على العديد من المحاور المتعلقة ببناء مستقبل مستدام لقطاع السياحة الثقافية، والوقوف على أهم المتغيرات التي طرأت على أدوات التواصل الرقمية، وأثر ذلك على تنمية السياحة الثقافية، وأثر أدوات التواصل الرقمية على إدارة القطاع السياحي والثقافي، وفعالية منظومة التواصل المؤسسي بها.
كما استشرفت جلسات الملتقى مستقبل السياحة الثقافية، وأفضل الممارسات المستدامة في الوطن العربي لتحقيق تجربة سياحية أفضل، وأهمية تآزر السياحة المستدامة من جهة والثقافية من جهة أخرى للتحول إلى السياحة المستدامة، والتحديات التي تقف عائقاً أمام تطوير وجهات سياحية مستدامة، والركائز الاستراتيجية لتوجيه التنمية السياحية، والدروس المستفادة من تطبيق السياحة المستدامة.
من جانب آخر، ناقش الملتقى أثر السياحة الثقافية على الاقتصاد، من خلال استعراض نماذج واقعية لتجارب بعض الدول بهذا المجال، كما تناول ضمن جلساته العديد من المحاور حول مستقبل السياحة، والأفكار المبتكرة لتطويرها، مع التركيز على آليات الذكاء الاصطناعي وابتكارات الجيل القادم من التقنيات ومختلف الخيارات الذكية التي تساهم في خلق بيئة سياحية مستدامة، واستعراض الفرص المتاحة لتوسيع الاستثمار في قطاع السياحة الثقافية وضمان استدامته، حيث شهد الملتقى جلسة مهمة تتعلق بالإمكانيات الكبيرة التي يحملها عالم الميتافيرس لصناعة السياحة، وتجربة عيش التجارب السياحية في العالم الافتراضي.

 


محفظة متنوعة من التجارب والمعالم السياحية

وأكد محمود خليل الهاشمي، مدير عام دائرة التنمية السياحية، في عجمان، في كلمته خلال الافتتاح، حرص الإمارة على العمل مع شركائها كافة من مختلف القطاعات الحيوية من أجل وضع خططٍ استراتيجية لتطوير وتنمية القطاع السياحي في الإمارة، بما في ذلك قطاع السياحة الثقافية، وذلك من خلال استثمار الوسائل كافة والموارد المتاحة، التي تعزز حضور عجمان على خريطة السياحة العربية، تماشياً مع رؤى وتوجيهات صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي، عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، حيث أصبحت الإمارة تحظى بمحفظة متنوعة من التجارب والمعالم السياحية والمشاريع التنموية النوعية، خاصة فيما يرتبط بقطاع السياحة الثقافية.
 وقال الهاشمي إن الملتقى تناول محاور ونقاط تهم قطاع السياحة الثقافية، وأثر التكنولوجيا في تنميتها، والمتغيرات التي يمر بها قطاع السياحة، حيث يسعى الملتقى من خلال نخبة من الخبراء والمتحدثين في الجلسات الحوارية إلى عرض أفضل الممارسات والتوجهات العربية والعالمية في قطاع السياحة، والتقنيات الحديثة واستخداماتها في هذا القطاع المهم، والاطلاع على الخبرات والممارسات الجديدة التي من شأنها أن تدعم الخطط الدائمة لتنمية قطاع السياحة الثقافية، وتطوير البنى التحتية ذات الصلة المباشرة فيه مثل قطاعات التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، ومناقشة أبرز المتغيرات والتطورات العالمية، وأحدث الفرص المتاحة لتحقيق الاستدامة في القطاع السياحي.

 

السياحة والتكنولوجيا الرقمية

من جهته، قال الدكتور ناصر الهتلان القحطاني، مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية - جامعة الدول العربية، إن دولة الإمارات بين أوائل الدول في العربية التي استثمرت بشكل متميز في صناعة السياحة، وفي مجال التكنولوجيا الرقمية، مشيراً إلى أن الملتقى يهدف إلى التعرف على التجارب والممارسات المثلى في مجال تطبيق التكنولوجيا الحديثة في بناء صورة ذهنية إيجابية تنافسية واستدامة سمعة المؤسسات العاملة في مجال السياحة الثقافية، وكذلك توفير الخدمات بأعلى كفاءة مطلوبة، بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية السياحة بأنماطها كافة.
وقال إن المنظمة العربية للتنمية الإدارية تولي اهتماماً متواصلاً بقضايا الاتصال والتواصل في الوطن العربي لتعزيز التبادل المعرفي والثقافي والاقتصادي وبناء جسور التعاون، خاصة في المجال الثقافي والسياحي، مشيراً إلى أن الملتقى يشكل فرصة مهمة لزيادة الوعي بالمساهمة المحتملة للتقنيات الرقمية في تنمية السياحة المستدامة، مع توفير منبر للاستثمار والشراكات والتعاون من أجل قطاع سياحي أكثر شمولية، خاصة أن التطورات الرقمية تغير طريقة تواصلنا.