سيد الحجار (أبوظبي)
منذ ما يقارب الثلاثة قرون من الزمن.. لم يكن هناك من يتوقع كل هذه الإنجازات الكبرى التي تحققت على أرض المملكة العربية السعودية اليوم، فمع تأسيس الدولة السعودية الأولى، كانت الطموحات كبيرة، وكذلك التحديات.. ومع ذلك نجحت المملكة في أن تتجاوز كل التوقعات، لتصبح إحدى أكبر القوى الاقتصادية بالمنطقة والعالم كما نراها اليوم، فيما يشبه المعجزة التي تحققت على أرض الواقع، وفق رؤى استراتيجية بعيدة المدى تقوم على الإصرار وقوة الإرادة في بناء الاقتصاد الحديث. ويعد اقتصاد المملكة العربية السعودية اليوم من أقوى الاقتصادات في العالم، باعتبارها عضواً في مجموعة العشرين، وتأتي في الترتيب الثاني عالمياً، من حيث احتياطيات النفط، كما كانت المملكة تحظى بدور اقتصادي محوري منذ تأسيسها سواء على المستوى الإقليمي بالمنطقة، أو على مستوى العالم. وفيما تحتفي المملكة في 22 فبراير بيوم التأسيس الذي يصادف ذكرى تأسيس الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - للدولة السعودية الأولى في عام 1727، فإن الاقتصاد السعودي يواصل مسيرة النمو والتطور، فعلى مدى عقود شهدت المملكة تطورات اقتصادية إيجابية وقفزات نوعية، وسط مؤشرات لمزيد من النمو في ظل كفاءة الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها السعودية منذ إطلاق «رؤية 2030».
وسيتجاوز حجم الاقتصاد السعودي تريليون دولار لأول مرة اعتباراً من العام الجاري. وأقرت السعودية ميزانية بقيمة 1.114 تريليون ريال سعودي (296 مليار دولار) لعام 2023، مع توقعات بتحقيق فائض 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي. وسجلت الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2022 فائضاً بلغ 102 مليار ريال (27.1 مليار دولار)، أي ما يعادل 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الفائض الأول في ميزانيتها منذ 9 سنوات.
نمو اقتصادي
وأظهرت بيانات رسمية أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في السعودية خلال الربع الرابع من عام 2022 قد سجل نمواً بنسبة 5.4%، مقارنة بنفس الفترة من العام السابق 2021، فيما حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال عام 2022 نمواً بنسبة 8.7%، على أساس سنوي، وهو الأعلى منذ 11 عاماً عندما سجل نمواً بـ 10% في 2011.
وقالت الهيئة العامة للإحصاء السعودية في تقرير، إن الناتج المحلي الحقيقي للأنشطة النفطية حقق خلال الربع الرابع من عام 2022 نمواً إيجابياً بنسبة 6.1%، مقارنةً بنفس الفترة من العام 2021، كما حقق الناتج المحلي الحقيقي للأنشطة النفطية خلال عام 2022 نمواً إيجابياً بنسبة 15.4%، مقارنةً بالعام السابق 2021.
وأوضحت نتائج التقرير أن الناتج المحلي الحقيقي للأنشطة غير النفطية سجل ارتفاعاً بنسبة 6.2%، على أساس سنوي، كما حقق الناتج المحلي الحقيقي للأنشطة غير النفطية لعام 2022 نمواً إيجابياً بنسبة 5.4% على أساس سنوي. وأظهرت نتائج التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المعدَّل موسمياً حقق خلال الربع الرابع من عام 2022 ارتفاعاً بنسبة 1.5%، مقارنة بما كان عليه في الربع الثالث 2022.
وبحسب تقرير صندوق النقد عن آفاق نمو الاقتصاد العالمي الصادر مؤخراً، خفض الصندوق توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي 1.1 نقطة مئوية إلى 2.6% في 2023، وتوقع أن تحقق المملكة نمواً 3.4% في 2024.
تنويع اقتصادي
وتسعى السعودية إلى تنويع اقتصادها، عبر زيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي غير النفطي من 16% إلى 50% على الأقل، بما يتماشى مع «رؤية 2030».
وبلغت قيمة الصادرات غير النفطية 243.8 مليار ريال بحسب تقارير رسمية، خلال الفترة من بداية 2022 وحتى نهاية الربع الثالث، مسجلة بذلك نمواً على أساس سنوي يقارب 25%، وجاءت صادرات الربع الثالث عند 78.4 مليار ريال، مسجلة نمواً سنوياً 13.1%.
الاستثمار الأجنبي
وأظهرت بيانات لوزارة الاستثمار السعودية، أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للمملكة، ارتفعت 10.7% في الربع الثالث من عام 2022 مقابل الفترة نفسها من العام 2021. ووفقاً لأحدث نشرة شهرية للوزارة، فقد بلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر 7.2 مليار ريال (1.9 مليار دولار) في الربع الثالث من العام الماضي، مقابل 6.5 مليار ريال في الربع الثالث من 2021.
استراتيجيات وطنية
وشهد الفترة الأخيرة إطلاق عدة استراتيجيات وطنية شاملة في المجال الاقتصادي، منها الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية، والاستراتيجية الوطنية للصناعة، والاستراتيجية الوطنية للاستثمار، والاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، والاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، والاستراتيجية الوطنية لقطاع البحث والتطوير والابتكار.
وأطلقت السعودية، خلال شهر أكتوبر 2021، الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، التي تعد أحد الممكنات الرئيسة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030. وستسهم الاستراتيجية الوطنية للاستثمار في نمو الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره، الأمر الذي سيحقق العديد من أهداف رؤية المملكة 2030، بما في ذلك رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65%، وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إسهاماته إلى 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وتخفيض معدل البطالة إلى 7%، وتقدم المملكة إلى أحد المراكز العشرة الأوائل في مؤشر التنافسية العالمي بحلول عام 2030. وبالتالي، سيتم ضخ استثمارات تفوق 12 تريليون ريال في الاقتصاد المحلي حتى العام 2030.
شراكة استراتيجية
تشكل العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الإمارات، والسعودية، نموذجاً «استثنائياً» في منظومة التعاون الاقتصادي بين الدول والحكومات، وصولاً إلى الشراكة المتكاملة. وتشكل المملكة العربية السعودية الشريك التجاري الأول عربياً والثالث عالمياً لدولة الإمارات، بنحو 125 مليار درهم كما في نهاية العام 2021، فيما تعد الإمارات وجهة مفضلة للسياحة وللاستثمارات السعودية على مستوى المنطقة، باستقبالها ما يزيد على 1.5 مليون سائح سعودي سنوياً. ونمت التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات والسعودية بنسبة 92.5% خلال 10 سنوات لتصل إلى 124.69 مليار درهم بنهاية العام 2021، مقابل 64.79 مليار درهم في العام 2012، فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال النصف الأول من العام الماضي 65.7 مليار درهم، بحسب المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء.