* بقلم: عمر الهاشمي
** المدير التنفيذي لعمليات النقل والتوزيع في شركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة»

بدأت وكالة الطاقة الدولية منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بمراقبة التأثير البيئي للنشاط الصناعي بانتظام. وخلال ذلك الوقت، لاحظت الوكالة ارتفاعاً بنسبة 70% في الانبعاثات الصناعية، وبينما انخفضت المستويات مؤقتاً في السنوات الأخيرة بسبب جائحة كوفيد-19، فقد انتعشت منذ ذلك الحين بل وتجاوزت مستويات ما قبل الجائحة مع نمو بنسبة 3% في العام 2021.
وقد أشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أنه وللتوافق مع الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في صافي انبعاثات صفري بحلول العام 2050، يجب أن ينخفض إجمالي الانبعاثات المباشرة من الصناعة بنحو 25% بحلول العام 2030، أو ما يعادل 3% سنوياً في المتوسط.

إزالة الكربون 
إذاً، ما الذي يمكننا عمله لتسريع عملية إزالة الكربون؟
بصفتنا داعمين وطنيين للطاقة والمياه منخفضة الكربون في أبوظبي، تتبنى مجموعة «طاقة» مسؤوليتها بشكل كامل لدفع جدول أعمال خفض الانبعاثات الكربونية.

تعكس استراتيجيتنا الخاصة بالمعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وأهداف الحد من الانبعاثات الكربونية التي تم الإعلان عنها مؤخراً هذا الالتزام. وبموجب هذه الاستراتيجية، التزمنا بتخفيض بنسبة 25% في النطاقين الأول والثاني للانبعاثات بحلول العام 2030 عبر المجموعة، بما في ذلك خفض انبعاثات محفظة أعمال المجموعة في دولة الإمارات بنسبة 33% مقارنة الأرقام المسجلة في العام 2019. وكجزء من استراتيجيتنا، نحن ملتزمون بزيادة توليد الطاقة المتجددة لتشكل أكثر من 30% من محفظتنا لتوليد الطاقة بحلول العام 2030.

ونلتزم في مجموعة «طاقة» كجزء من استراتيجيتنا أيضاً بتقليل استهلاك الطاقة اللازمة لتحلية المياه من خلال توسيع تقنيات التناضح العكسي عالية الكفاءة لتعويض ثلثي عمليات التحلية بحلول العام 2030. وستكون محطة الطويلة لتحلية المياه بالتناضح العكسي، والتي بدأت العمليات التجارية مبكراً في شهر ديسمبر 2021، في نهاية المطاف أكبر محطة من هذا النوع في العالم، وستساهم طاقتها الإنتاجية في توفير الطلب على المياه لأكثر من 350.000 منزل.

من جهة أخرى، فقد نجحنا من خلال شركة ترانسكو، الشركة التابعة لنا في مجال النقل، بدمج كل من الطاقة الشمسية والنووية في شبكة أبوظبي الحالية، بما في ذلك مشروع محطة نور أبوظبي للطاقة الشمسية، والتي تعد أحد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية في موقع واحد في العالم، بالإضافة إلى محطة براكة للطاقة النووية.

المزيج المتنوع من الطاقة

وتعد الشراكات عبر القطاعات حيوية أيضاً لتحقيق إزالة الكربون من الصناعة. ومن خلال شراكتنا الأخيرة مع شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، ستربط شركة ترانسكو أصول الطاقة الخاصة بشركة الإمارات العالمية للألمنيوم بالشبكة، مما يمنحها إمكانية الوصول إلى مزيجنا المتنوع من الطاقة.

وكانت مجموعة «طاقة» قد أعلنت في العام الماضي عن الإغلاق المالي لمشروع بقيمة 3.8 مليار دولار يهدف إلى دعم جهود أدنوك لإزالة الكربون من عملياتها البحرية. ويشمل هذا المشروع الرائد نشر أول شبكة نقل تحت البحر للتيار عالي الجهد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وستتصل هذه الشبكة مباشرةً بشبكة الكهرباء الأرضية في أبوظبي لتوفير طاقة نظيفة وخالية من الانبعاثات لعمليات الإنتاج البحرية في أدنوك.

اقتصاد الهيدروجين

يوفر اقتصاد الهيدروجين أيضاً فرصاً عبر القطاعات التي كان من الصعب تقليدياً إزالة الكربون فيها، مثل الصناعات الثقيلة والنقل. لقد وضعتنا مكانة مجموعة «طاقة» الرائدة عالمياً في مجال الطاقة الشمسية منخفضة التكلفة وتحلية المياه بكفاءة في وضعٍ فريدٍ يتيح لنا لعب دورٍ مركزي في تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر في أبوظبي. نساهم في مجموعة «طاقة» بتمهيد الطريق أمام البحث والتطوير في مجال الهيدروجين الأخضر وتعزيز الشراكات مع العديد من الجهات الرئيسية في أبوظبي، ويشمل ذلك العمل على مشروعٍ هو الآن في مراحله النهائية مع شركة حديد الإمارات، ويهدف لتمكين إنتاج أول فولاذ أخضر في المنطقة.

علاوة على ذلك، وبفضل استثمارنا في شركة مصدر، فقد دخلنا في شراكة مع أدنوك ومبادلة تهدف إلى تطوير مصدر لتصبح لاعباً عالمياً في مجال الطاقة النظيفة، وتعزز هذه الشراكة جهودنا الجماعية في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.

في نهاية المطاف، سيتطلب إزالة الكربون وتحقيق أهداف الحياد الكربوني أن تلعب جميع الأطراف في المجتمع دورها، بدايةً من الأفراد والقطاعات إلى الشركات.

وأنشأت مجموعة «طاقة» لهذا السبب شركة أبوظبي لخدمات الطاقة في العام 2020، تماشياً مع استراتيجية أبوظبي لإدارة جانب الطلب وكفاءة الطاقة للعام 2030. وتعد أبوظبي لخدمات الطاقة شركة متخصّصة بخدمات الطاقة لإمارة أبوظبي وتسهم في عمليات إعادة تأهيل المباني من خلال تغيير أنظمتها بهدف ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الماء والكهرباء في المشاريع واسعة النطاق عبر القطاعات الاستراتيجية في أبوظبي. 

 

الوفورات في الاستهلاك 

ومن شأن خفض معدلات استهلاك الطاقة والمياه أن يسهم في الحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وفي هذا الإطار، تتحمّل شركة أبوظبي لخدمات الطاقة مسؤولية كافة العمليات من البداية حتى النهاية، بما في ذلك تحديد فرص تحقيق الوفورات في الاستهلاك وتوفير الخيارات الملائمة للتمويل وتكليف المقاولين الأنسب في السوق بمهام تنفيذ المشاريع. ويتم تغطية تكاليف التحسينات أكثر من خلال التخفيض في فواتير العملاء، ويتم سدادها من خلال المدخرات في فواتير الخدمات. وهذا يضمن أن مشاريع شركة أبوظبي لخدمات الطاقة مجدية اقتصادياً وتخلق قيمة لعملائها، الذين هم في الغالب جهات حكومية وتجارية.
وتقدم هذه الشراكات فائدة أخرى تتمثل في أنها تعزز فرص النمو، كما يمكن لها أن تحفز على خلق فرص العمل والتوسع الاقتصادي. وعندما تكون الشراكات مدعومة بسياسات قوية وذات مصداقية من الحكومات ومع شركاء راغبين بالتطبيق وملتزمين بالتعاون، سيكون بإمكاننا إنشاء مسارات للنجاح.

في الختام، وبصفتنا شركة خدمات مرافق رائدة على مستوى العالم، فإننا ندرك مسؤوليتنا في لعب دورٍ حاسمٍ في حماية أمن الطاقة العالمي وتعزيز أهداف العمل المناخي. ومن خلال توفير المزيد من التعاون بين القطاعات، سنضمن الاستفادة من خبرتنا لتسريع إزالة الكربون من الصناعات وتخفيض الانبعاثات الكربونية بشكل كبير وزيادة الاستثمارات، ويتزامن كل ذلك مع مواصلتنا في تحقيق هدفنا والسعي لتحقيق الحياد الكربوني العالمي.