سيد الحجار (أبوظبي) أكد لاندون ديرينتس، مدير مركز الطاقة العالمي بالمجلس الأطلسي، أن الإمارات رسخت مكانتها كدولة رائدة عالمياً في مجال الطاقة النظيفة من خلال اتخاذ إجراءات عدة تشمل جميع جوانب قطاع الطاقة والاستثمار بها، موضحاً أن الإمارات أدركت مبكراً أهمية تنويع مصادر الطاقة النظيفة، بما في ذلك الطاقة النووية، ومصادر الطاقة المتجددة، والوقود الحيوي، وغيرها.
وقال ديرينتس في حوار مع «الاتحاد»: ستؤدّي الإمارات دوراً مهماً هذا العام بصفتها الدولة المضيفة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28) نهاية العام الحالي، حيث أظهرت الإمارات للعالم كيفية نشر مواردها وتطبيق خبراتها لتمكين التحوّل في مجال الطاقة النظيفة، ويمكنها استخدام رئاستها للمؤتمر في تشجيع الدول الأخرى على اتخاذ إجراءات مماثلة.

ويُنظم المجلس الأطلسي الدورة السابعة من منتدى الطاقة العالمي، يومي 14 و15 يناير الحالي في أبوظبي، والذي يجمع تحت مظلّته قيادات الطاقة الأكثر تأثيراً على مستوى العالم، لتحديد أجندة الطاقة العالميّة للعام الحالي، ودراسة أثر المنتدى في تغيير منظومة الطاقة على المدى البعيد.
ويقام المنتدى في إطار أسبوع أبوظبي للاستدامة، المنصّة العالمية الهادفة إلى تحفيز ودفع عملية التنمية المستدامة في العالم، والتي تدعم جهود العمل من أجل المناخ.

  • لاندون ديرينتس

 


استراتيجيات المناخ
وقال ديرينتس: إن دورة العام الحالي للمنتدى تحظى بأهمية خاصة، حيث تشغل القضايا الحرجة المتعلّقة باستراتيجيات المناخ والطاقة صدارة الاهتمام خلال الفترة التي تسبق انعقاد (كوب 28) نهاية 2023.
وأضاف: سيجمع منتدى هذا العام قادة القطاع لمناقشة كيفية تلبية احتياجات أمن الطاقة، ودعم سبل تسريع انتقال العالم نحو مستقبل خالٍ من الانبعاثات، ويؤدّي المنتدى دوراً أساسياً في جمع أبرز صنّاع القرار في العالم لتوفير حلول لأكثر الأسئلة إلحاحاً حول كيفية التوصّل إلى نظام طاقة عالمي نظيف وآمن وموثوق بأسعار مناسبة.


الطاقة النووية

وأوضح ديرينتس أن الإمارات حققت نجاحاً لافتاً في بناء برنامج نووي سلمي، ويجب أن تتخذه الدول الأخرى الراغبة في نشر الطاقة النووية لتحقيق أهدافها في إزالة الكربون كنموذج عالمي.

وأضاف أن الدولة قدمت تجربة متميزة في مجال الطاقة النظيفة وتنويع مصادر الطاقة، مشيراً إلى أهمية برنامج الإمارات للطاقة النووية السلمية، حيث ستلبي محطة براكة للطاقة النووية عند تشغيل الوحدات الأربع نحو 25% من احتياجات الطاقة بالإمارات من خلال طاقة خالية من الانبعاثات.
وأضاف: من المتوقع أن يتضاعف الطلب العالمي على الطاقة النووية مرّة على الأقل بحلول منتصف القرن، إذا أراد العالم تحقيق أهداف إزالة الكربون.
وأشار ديرينتس إلى أهمية استثمارات الإمارات في مجال الطاقة النظيفة من خلال الشراكات الاستراتيجية، مثل الشراكة الأميركية الإماراتية التي تم الكشف عنها مؤخراً بهدف استثمار 100 مليار دولار في تنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة تبلغ طاقتها الإنتاجية 100 جيجاواط في كل من دولة الإمارات والولايات المتحدة ومختلف أنحاء العالم بحلول عام 2035، وذلك بهدف تعزيز أمن الطاقة ونشر تطبيقات التكنولوجيا النظيفة ودعم العمل المناخي.

منتدى الطاقة
قال لاندون ديرينتس: إن الدورة الحالية من المنتدى تعقد في ظل التوترات الجيوسياسية التي تهدّد أمن قطاع الطاقة الأوروبي وتسارع الطموحات العالمية للوصول إلى الحياد المناخي، موضحاً أن المنتدى سيتناول الجغرافيا السياسية لأزمة الطاقة الحالية وإمكانية تسريع النهج المشتركة بين قطاع الطاقة والسياسة المناخية والتجارة لإحداث تحوّل شامل في مجال الطاقة يعزز بدوره الوصول إلى الطاقة ويزيل الكربون من الاقتصاد العالمي.
وأوضح أن تركيز منتدى الطاقة العالمي لعام 2023 سيتوجه بصورة خاصة على الطريق إلى «صافي الصفر» في انبعاثات الكربون، ويلقي نظرة مستقبلية على التحديات والفرص المتاحة في ظل استضافة دولة الإمارات لمؤتمر «كوب 28»، مشيراً إلى أن «كوب 27» شكل دراسة حالة لافتة حول كيفية مواجهة العالم للتحديات المزدوجة لأزمة الطاقة على المدى القريب والتي تفاقمت عقب الأزمة الروسية الأوكرانية، والتحدي طويل الأجل المتمثّل بمواجهة كارثة المناخ.
وقال: نجحت الدول النامية بقيادة مصر بعد هذه الأزمة في إطلاق حملة ناجحة لمؤتمر «كوب 27»، ما عزز مجدداً التركيز على كيفية تأثير تغيّر المناخ على مجتمعاتها، بيد أن نتائج «كوب 27» لم تأت بحسب كثيرين من المهتمين بقضايا المناخ، على قدر إلحاح مسألة إرساء أسس مستقبل لا يتجاوز فيه ارتفاع درجة الحرارة الـ 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثروة الصناعيّة، حيث يبدو أن العمل المناخيّ يعاني من مشكلة تتعلق بأمن الطاقة.
وأضاف: يجب إيلاء الأولوية لمعالجة عدم المساواة في تخصيص مليارات الدولارات لتمويل البنية التحتية للطاقة النظيفة اللازمة لتجنب أسوأ آثار تغيّر المناخ، ففي مرحلة «يرتفع فيها عدد الأشخاص المحرومين من الوصول إلى الطاقة الحديثة لأول مرة منذ عقد» بحسب وكالة الطاقة الدولية، يتعيّن علينا تبنّي السياسات التي تعزّز الفرص الاقتصادية والنموّ في كافة أنحاء العالم.

كادر
أجندة عالمية
قال لاندون ديرينتس: لمعرفة كيفية تفكير قادة الطاقة حول العالم، يقوم المجلس الأطلسي بإعداد أجندة الطاقة العالمية السنوية الثالثة والتي تتضمن مقالات واستطلاعاً، ويرتكز الاستطلاع على آراء الأطراف المعنيّة بمجال الطاقة من أكثر من 50 دولة، حيث يمثل مجموعة متنوعة من المجالات المرتبطة بالقطاع، وقد بدأت نتائجه تتّضح ولا سيما أنّ الأزمة الروسية الأوكرانية أدّت إلى إحداث اضطرابات كبيرة في نظام الطاقة العالمي.
وتابع: تختلف توقّعات خبراء الطاقة حول العالم لعام 2023 اختلافاً كبيراً عن توقّعات العام السابق، وتتناول مقالات معدّي أجندة الطاقة العالمية لهذا العام الأزمة الحالية وأزمة المناخ، وتشكّل النتائج تحليلاً دقيقاً لكيفية تمويل صنّاع السياسات الدوليين لموارد وتكنولوجيات الطاقة ونشرها لتعزيز السلام والازدهار العالمي المستدام.