شريف عادل (واشنطن)
استهلت الشركات الأميركية العام الجديد بالاندفاع نحو إصدار السندات في سوقٍ بدأت تعود إلى الحياة، بعد أن ظهرت علامات تراجع التضخم في الاقتصاد الأكبر في العالم، الأمر الذي قلص المخاوف من استمرار معدلات الفائدة المرتفعة لفترات مطولة في العام الجديد، وبدا كأنه رسالة إلى سوق الأسهم بتراجع احتمالات الدخول في ركود.
وأظهرت بيانات شركة ديلوجيك، التي تقدم خدماتها للعشرات من المؤسسات المالية في أميركا، أن الأيام السبعة الأولى من العام شهدت إصدار أوراق دين تتجاوز قيمتها 63 مليار دولار، قدمتها شركات كبيرة مثل بنوك كريدي سويس ويو بي إس وسوسيتيه جنرال، ومُصنع السيارات فورد، مقارنة بمبلغ لم يتجاوز 37 مليار دولار في الأسابيع الخمسة الأخيرة من العام المنتهي.
ورغم انخفاض المبلغ مقارنة بأكثر من 73 مليار تم إصدارها خلال الأسبوع الأول من العام الماضي، إلا أن تغير معدل العائد بين الفترتين كان مؤثراً، حيث اقترضت الأسبوع الماضي الشركات المصدرة لتلك الأوراق في وقتٍ أصبح فيه معدل الفائدة الأساسية عند نطاق 4.25% - 4.5% بينما كانت الأسعار مطلع العام الماضي قريبة من صفر.
وكانت النسبة الأكبر من إصدارات الأسبوع الماضي من بنوك أجنبية لها تواجد كبير في السوق الأميركية، بالإضافة إلى شركة فورد، التي تعد سنداتها من نوع «الخردة»، أو ما يطلق عليه Junk bonds، التي تضطر الشركات المصدرة لها لدفع معدل عائد مرتفع، وفقاً لبيانات ديلوجيك. ومع الارتفاع الكبير في الفائدة الأساسية على أموال البنك الفيدرالي، تراجعت عوائد السندات في السوق الأميركية، مقارنة بأعلى مستوى وصلت إليه خلال شهر أكتوبر الماضي، بعد أن بدأت تلوح في الأفق علامات تراجع التضخم الأميركي.
وبعد أن تجاوزت عوائد سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات معدل 4.25%، في أكتوبر الماضي، انخفضت إلى مستوى يقترب من 3.5% حالياً.
وفي محضر آخر اجتماع للبنك الفيدرالي، والذي عقد منتصف ديسمبر الماضي، حذر مسؤولو البنك الفيدرالي من أن «التيسير غير المبرر في السياسة النقدية من شأنه أن يعقد جهود اللجنة لاستعادة استقرار الأسعار».
وتراجعت العوائد التي تدفعها الشركات بوتيرة أكبر من تراجع عوائد سندات الخزانة، ليتقلص الفارق بين النوعين، أي العلاوة التي يطلبها المستثمرون للاحتفاظ بسندات الشركات الأكثر خطورة فوق عائد سندات الخزانة الخالية من المخاطر، منذ أكتوبر.
وتشير تلك التغيرات إلى أن المستثمرين يرون تراجعاً في مخاطر التخلف عن السداد، وهو ما يعني أن بعضهم قد قلص توقعاته لحجم التباطؤ في الاقتصاد الأميركي هذا العام.