أكد معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية أن توجه الإمارات نحو المزيد من الشراكات الاقتصادية العالمية انعكس على قيمة التجارة الخارجية غير النفطية للدولة والتي سجلت أرقاماً تاريخية غير مسبوقة في الأشهر التسعة الأولى من عام 2022، بتخطيها 1.637 تريليون درهم بنمو 19% مقارنة مع ذات الفترة من 2021، وبزيادة 50% مقارنة مع الفترة نفسها من 2020، وبارتفاع 30% مقارنة مع الفترة ذاتها من 2019 .
وقال إنها رسخت تعافيها من تداعيات جائحة كوفيد 19 وعودتها إلى تسجيل معدلات أعلى مما كانت عليه قبل الجائحة.
وقال الزيودي في مقال رأي إن ذلك تزامن مع زيادة ملحوظة في الصادرات غير النفطية للدولة والتي بلغت مساهمتها من إجمالي التجارة الخارجية إلى 20 % مقابل 12 % قبل 5 سنوات، وكذلك عمليات إعادة التصدير التي تساهم حالياً بنسبة 45%، فيما تراجعت حصة الواردات لتشكل ما نسبته 55% مقارنة مع أكثر من 62% قبل 5 سنوات.
وأضاف أن هذا يؤكد أن استراتيجية التنويع الاقتصادي تسير بنجاح جنباً إلى جنب مع نمو وتوسع تجارتنا الخارجية، وهو ما يبرهن أيضاً أن خطط مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي إلى 3 تريليونات درهم بحلول 2030، والتي تمثل التجارة جزءاً أصيلاً منها.. تسير أيضاً في الاتجاه الصحيح، بالتزامن مع الجهود الرامية لترسيخ مكانة الدولة مركزاً عالمياً للأعمال ووجهة مفضلة للموهوبين والمبتكرين وأصحاب الأفكار الخلاقة وملاذاً لتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة الباحثة عن فرص واعدة.
ونوه إلى أن الانفتاح على العالم نهج إماراتي أصيل تمارسه الدولة منذ تأسيسها باعتبارها عضوا فاعلا وموثوقا في المجتمع الدولي، وتحرص على المساهمة والعمل على تخطي ما يطرأ من تحديات عالمية، وفي القلب منها التحديات الاقتصادية التي أصبحت أكثر إلحاحاً حالياً أكثر من أي وقت مضى.
وأشار الزيودي في هذا الصدد إلى الأولويات التي حددها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" لدى ترؤسه الاجتماع الأول لمجلس الوزراء في العام الجديد وهي 5 أولويات حكومية خلال 2023 من بينها الشراكات الاقتصادية الدولية لدولة الإمارات وتوسيعها.
وتحدث معاليه في مقال رأي عن أنه في الوقت الذي يتزايد توجه بعض الدول حول العالم نحو الحمائية والانعزالية، تواصل دولة الإمارات تعزيز حضورها العالمي بالمزيد من الانفتاح على العالم من خلال توسيع شبكة شركائها التجاريين عبر اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة مع مجموعة مختارة بعناية من الأسواق ذات الأهمية الاستراتيجية دولياً وإقليمياً.
وقال إن أهمية هذا التوجه من جانب دولة الإمارات لاتتوقف على المنافع الاقتصادية والتجارية والاستثمارية لطرفي هذه الاتفاقيات، ولكنها تمتد إلى المساهمة في ترسيخ مكانة الدولة كمساهم رئيسي في جهود تعزيز التعاون الدولي لإعادة إنعاش الاقتصاد العالمي ومساعدته في تخطي التحديات الراهنة المتمثلة في تصاعد معدلات التضخم وحالة الركود المحتملة عبر الشراكات والعمل المشترك والجهود البناءة باعتبارهم أفضل وسائل لتأمين النمو المستدام والاستقرار والأمن في عالم معقد.
وأضاف أن حرص دولة الإمارات على الانفتاح على العالم والعمل على إزالة المعوقات أمام تدفق التجارة والاستثمارات بين أرجائه نهج ثابت إذ لطالما مثلت التجارة جزءاً أصيلاً من تاريخ وتراث الدولة التي كانت دائماً وما زالت جسراً يربط الشرق بالغرب.
وأكد أن وضع توسيع الشراكات الاقتصادية العالمية للدولة على رأس الأولويات الحكومية في عام 2023 يمنح المزيد من الزخم للجهود الدؤوبة لإبرام المزيد من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، بعدما نجحت دولة الإمارات خلال 2022 في إنجاز 3 اتفاقيات مع كل من الهند وإسرائيل وإندونيسيا، وقد دخلت الأولى بالفعل حيز التنفيذ مطلع مايو الماضي وظهر أثرها الإيجابي بوضوح في بيانات التجارة الخارجية غير النفطية للدولة عن الأشهر التسعة الأولى من العام، فيما جرى اعتماد الثانية من جانب حكومتي البلدين تمهيداً لبدء تطبيقها قريباً، وستلحق بهما الاتفاقية الثالثة في القريب العاجل
.وتفتح اتفاقيتا الشراكة الاقتصادية الشاملة لدولة الإمارات مع كل من الهند وإندونيسيا ..وفقا لمعاليه..آفاقا واسعة أمام المنتجات والخدمات الإماراتية وتطلق العنان لفرص هائلة للمصدرين إلى سوقي هاتين الدولتين التي يسكنهما أكثر من 1.750 مليار نسمة بواقع 1.4 مليار في الهند و350 مليوناً لإندونيسيا، كما أن الهند تعد سادس أكبر اقتصاد في العالم ومن المتوقع أن يتحسن ترتيبها لتحتل مراكز أعلى خلال السنوات المقبلة، والأمر نفسه بالنسبة إلى إندونيسيا التي تسجل معدلات نمو جيدة.
وقال معاليه :بالتزامن مع ذلك، تواصل دولة الإمارات محادثاتها المتقدمة لإنجاز المزيد من الاتفاقيات مع 5 دول أخرى. وقريباً سيتم إطلاق محادثات مثيلة مع دول أخرى في إفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا الجنوبية.
ويرافق ذلك استمرار المسار التفاوضي تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية مع كل من الصين وكوريا والمملكة المتحدة، ومجموعة من التكتلات الاقتصادية.وأكد أن اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة تهدف إلى بناء شراكات تجارية واستثمارية وطيدة قائمة على تحقيق المصالح المتبادلة مع مجموعة من أهم الأسواق الاستراتيجية حول العالم، وذلك لضمان تدفق التجارة والخدمات والاستثمارات لكونها الحافز الأكبر لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
وهذه الدول والتكتلات التي تستهدف الدولة إبرام اتفاقيات معها تمثل حجم تجارتها الخارجية مجتمعة نحو 95% من التجارة العالمية، وهذا التوجه يخلق المزيد من فرص النمو والازدهار للتجارة غير النفطية للدولة لتحقيق مستهدفات "مشاريع الخمسين" و"رؤية نحن الإمارات 2031" الهادفة إلى زيادة التجارة الخارجية الإماراتية إلى 4 تريليونات درهم، وزيادة الصادرات غير النفطية إلى 800 مليار درهم.وأكد أن إبرام هذه الشراكات الاقتصادية الشاملة يتوافق مع الاتجاهات الحديثة في التنمية الاقتصادية، وتحديداً سياسة الانفتاح الإيجابي وبناء الشراكات الدولية المثمرة التي تتبناها دولة الإمارات، وخصوصاً أن هذا النوع من الاتفاقيات يشكل وسيلة وأداة مثالية لتسريع عملية التعافي الاقتصادي عالمياً، والتغلب على محدودية حجم الأسواق المحلية والإقليمية واستيعاب المشاريع الصناعية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
كما تدعم جهود التنويع الاقتصادي، عبر تعزيز الصادرات الوطنية وتنمية التبادلات التجارية وتطويرها نحو مخرجات تساهم في دعم استراتيجيات التنمية المستدامة للدولة، وتساهم في دعم البيئة الاستثمارية في الدولة، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لتحتل الدولة مكانة رائدة على مستوى تدفقات الاستثمار الأجنبي، وبالتالي دعم المكانة التجارية والاقتصادية لها كمركز تجاري عالمي.
وأكد أن اختيار دولة الإمارات لاستضافة المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية يعبر عن المكانة العالمية المرموقة لدولة الإمارات على خريطة التجارة الدولية حالياً، وخصوصاً أن هذا المؤتمر، الذي يٌنظر إليه على أنه سيكون نقطة تحول في تاريخ المنظمة، سيعيد تشكيل مستقبل التجارة الدولية لتقوم بدورها المأمول في إنعاش الاقتصاد العالمي وتحفيز نموه المستدام مستشهدا بقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" إن الإمارات ستعمل إلى جانب 164 دولة خلال هذا الحدث العالمي المهم من أجل"إطلاق حقبة جديدة من حرية التجارة لخير الإنسانية".