حسام عبدالنبي (دبي) تمكن الرقمنة قطاع البناء من تحقيق أهداف الاستدامة، حيث يمكن أن يؤدي الترابط في صناعة البناء، الذي تم تمكينه بواسطة التكنولوجيا، إلى تحقيق العديد من الفوائد البيئية، حسب دراسة صدرت عن جامعة «هيريوت وات دبى»، والتي ذكرت أن صناعة البناء مسؤولة عن ثلث انبعاثات الكربون العالمية، ولذا تزداد أهمية الرقمنة في قطاع البناء في ظل تحرك دول مجلس التعاون الخليجي بشكل متزايد نحو مستقبل خال من الكربون، مؤكدة أن التكنولوجيا تلعب دوراً رئيسياً في مساعدة البلدان على أن تصبح أكثر حيادية للكربون.
وقالت الدراسة إن الرقمنة حولت العديد من الصناعات ولعبت دوراً محورياً في تعزيز نمو الأعمال على مدى السنوات القليلة الماضية. وأضافت أنه في قطاع البناء على وجه التحديد، تعمل التكنولوجيا على تغيير عملية التخطيط والمراقبة والتوظيف وغير ذلك، مشيرة إلى أن من أهم الأمثلة على الترابط في صناعة البناء، الذي تم تمكينه بوساطة التكنولوجيا، محطات شحن السيارات الكهربائية وحلول المنازل الذكية وخدمات إنترنت الأشياء وموارد الطاقة المتجددة.
وحسب دراسة جامعة «هيريوت وات دبى»، فإن قيمة سوق البناء في دول مجلس التعاون الخليجي بلغت 7.28 تريليون دولار في عام 2021، ومن المتوقع أن تصل إلى 14.41 تريليون دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 7.3% من 2022 إلى 2030 وفقاً لـ تقرير «جلوبال نيوز واير»، مشددة على أهمية تحقيق أهداف الطاقة النظيفة مع نمو القطاع. 
وبينت الدراسة أنه يمكن للتكنولوجيا في قطاع البناء أن تبسط طريقة العمل وتعزز التواصل بين الفرق المختلفة، لاسيما وأن قطاع البناء على وجه التحديد يتمتع بسير عمل معقد، حيث يعمل العديد من أصحاب المصلحة والمهندسين والمهندسين المعماريين والمقاولين معاً في مشروع واحد، منبهة بأنه يمكن لرقمنة القطاع أن تدمج هذه العمليات المختلفة والأشخاص في منصات ذكية وآمنة، كما يمكن أن يؤدي تبسيط تدفق البيانات بين الفرق المختلفة إلى تعزيز التعاون فيما بينها، والذي من شأنه أن يؤدي بدوره إلى تقليل الأخطاء بشكل كبير وتحسين الكفاءة التشغيلية.

البناء المعياري
وأفادت الدراسة التي أعدتها الدكتورة رُلى شرقي، أستاذ مساعد بكلية الهندسة والعلوم الفيزيائية بجامعة هيريوت وات دبي، بأنه يمكن للبناء المعياري أن يقلل من نفايات المواد بنسبة تصل إلى 30% ويحسن سلامة العمال بنسبة تصل إلى 70 %، مقارنة بالبناء التقليدي، مفسرة ذلك بأن البناء المعياري هو عملية يتم فيها تشييد المبنى خارج الموقع، في ظل ظروف المصنع الخاضعة للرقابة، وباستخدام نفس المواد، وتصميمه بنفس الرموز والمعايير مثل المرافق المبنية تقليدياً ( ولكن في حوالي نصف الوقت). وقالت إن البناء المعياري يمكن أن يكون حلاً مثالياً لنقص العمالة، ويمكن أن يقلل من التكاليف اللوجستية، حيث يُظهر بحث أجرته «ماكينزى» حول الإنشاءات المعيارية أن المشاريع المعيارية قد أنشأت بالفعل سجلاً حافلاً قوياً لتسريع الجداول الزمنية للمشروع بنسبة 20 إلى 50 %، منوهة بأن البناء المعياري ليس مفهوماً جديداً، لكنه كان موضع اهتمام في الآونة الأخيرة بسبب تطور الأدوات الرقمية مما يمنحها إمكانات أكبر.
وأشارت شرقي، إلى أن رقمنة قطاع البناء ستمكن من استخدام البيانات لخلق بيئة مستدامة، وعمليات أكثر كفاءة، وبالتالي تعزيز الرفاهية، وذلك رغم وجود تحديات تأتي مع الرقمنة مثل صقل المهارات والتعرف على التكنولوجيا الجديدة، ما يعني أن المستقبل سيعتمد على مدى سرعة التكيف مع هذه الاتجاهات وهذا التطور.

نماذج ثلاثية الأبعاد
وفيما يخص أهمية النمذجة ثلاثية الأبعاد للبناء، أوضحت الدكتورة رُلى شرقي، أنها تسهل على المهندسين المعماريين تجربة التصميمات وتقلل فرص بناء تصميم به عيوب خاصة وأنه بمجرد الدخول في عملية البناء، يمكن أن يستغرق تصحيح عيوب التصميم وقتاً طويلاً ومكلفاً إلى حد كبير، ويمكن أن يزيد من فرصة النفايات والانبعاثات.
ولفتت إلى أن النمذجة ثلاثية الأبعاد توفر الفرصة لتصور التصميم بشكل أفضل وبالتالي القدرة على إنشاء تصميمات معمارية فريدة وتشجيع الابتكار، فضلاً عن أنها تسهل على الفرق التعاون، حيث يتم تعيين مهام مترابطة مختلفة لكل فريق يعمل على تصميم ما، وفي النهاية يسهّل برنامج النمذجة ثلاثية الأبعاد للبناء تقديم التصميم المقترح أمام جميع المشاركين في المشروع.

دور «الدرونز» 
وعن استخدام الطائرات من دون طيار «الدرونز» في عملية البناء أجابت شرقي، بأن «الدرونز» تعزز كفاءة البناء من خلال تقليل المخاطر وتوفير الوقت وتقليل نسبة العمالة في الموقع. وقالت: إن تقليل القوى العاملة يعد مفيداً بشكل خاص، خصوصاً بعد جائحة «كوفيد -19»، كما أنه نظراً لإمكانية استخدام الطائرات من دون طيار بطرق مختلفة بما في ذلك التفتيش والمراقبة، فإنها يمكن أن تعزز بشكل كبير السلامة والأمن. وذكرت أنه باستخدام قدرة الأشعة تحت الحمراء، حلت الطائرات من دون طيار محل الحاجة إلى إبقاء مواقع البناء مضاءة في الليل لأغراض أمنية، ما يقلل بشكل كبير من استهلاك الكهرباء وبالتالي يساهم في تقليل الانبعاثات.