مصطفى عبد العظيم (دبي)

رسخ اقتصاد دولة الإمارات خلال عام 2022 انتعاشه القوي، بتسجيل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة، أعلى معدل نمو نصف سنوي في عشر سنوات بلغ 8.5%، ما دفع المؤسسات المالية المحلية والدولية، لرفع توقعاتها للنمو السنوي بنسبة تتراوح بين 5.9% إلى 6.5%، رغم ما يمر به العالم من أوضاع اقتصادية متقلبة، ومخاوف ركود وتضخم عالمية سببتها التداعيات الجيوسياسية وأزمات سلاسل التوريد حول العالم.
ووفقاً لتقرير «أرقام الإمارات» الصادر عن المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، واصل الاقتصاد الوطني انتعاشه في عام 2022، بعد التعافي الذي شهده خلال عام 2021 من آثار جائحة كوفيد-19، وعودة القطاعات الاقتصادية المختلفة إلى تسجيل معدلات نمو قوية، خاصة في القطاعات غير النفطية.
وأفادت البيانات الأولية الواردة في التقرير بأن الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات نما بقوة خلال النصف الأول من العام الجاري بالأسعار الثابتة بمعدل بلغ 8.5%، مقارنة مع النصف الأول من عام 2021، وهو أعلى معدل نمو نصف سنوي خلال العقد الماضي، بعد نموه بمعدل بلغ 3.9% في عام 2021، ليصل الناتج الاسمي في النصف الأول إلى أكثر من 817 مليار درهم.
وأظهرت بيانات التقرير الأولية، ارتفاعاً قياسياً هو الأعلى كذلك في السنوات العشر الأخيرة، في نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بالأسعار الجارية خلال النصف الأول من العام الجاري، بمعدل بلغ 7.8% عن النصف الأول من عام 2021، ليصل إلى 591.3 مليار درهم.

تصويت بالثقة
وخلال شهر نوفمبر الماضي، رفع المصرف المركزي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات إلى 6.5% في 2022 للمرة الثانية بعد توقعات سابقة عند 5.4% وقبلها 4.2%، وفقاً للتقرير الاقتصادي ربع السنوي للربع الثاني 2022 الذي أشار إلى فرص متزايدة ليصبح النمو أقوى في عام 2022 بسبب ارتفاع إنتاج النفط والأداء الأفضل من المتوقع في قطاعات مثل السياحة، والضيافة والنقل والتصنيع.

المؤسسات الدولية
كما رفع صندوق النقد الدولي مؤخراً توقعاته لمعدل نمو إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات خلال العام الجاري إلى أكثر من 6%، متوقعاً أن تظل الآفاق الاقتصادية لدولة الإمارات موجبة مستقبلاً بدعم من النشاط المحلي، وأن يسجل النمو غير النفطي نحو 4% في عام 2023، مع تسارع وتيرته على المدى المتوسط بفضل تنفيذ الإصلاحات الجارية.
ورفع البنك الدولي كذلك توقعاته لنمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى 5.9% في نهاية العام الجاري 2022، مقابل نمو بنسبة 4.7% في توقعاته السابقة الصادرة في مايو الماضي، فيما قدر أن يصل النمو إلى 4.1% في العام المقبل 2023.

المساهمات القطاعية
ووفقاً لبيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء ضمن تقرير «أرقام الإمارات»، تصدر قطاع تجارة الجملة والتجزئة قائمة أعلى 5 أنشطة اقتصادية مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في النصف الأول من العام الجاري بنسبة بلغت 12.9%، تلاه قطاع الصناعة التحويلية بنسبة 10.8%، والأنشطة المالية والتأمين بنسبة 8.1%، والتشييد والبناء بنسبة 8%، والأنشطة العقارية بنسبة 5.5%.

القطاعات الأعلى نمواً
وأشار التقرير إلى تسجيل قطاع خدمات الإقامة والطعام أعلى نمو بين الأنشطة الاقتصادية الرئيسة المساهمة في الناتج المحلي بالأسعار الثابتة، بنسبة بلغت 31.3% بالمقارنة مع النصف الأول من عام 2021.
كما حقق قطاع النقل والتخزين نمواً كبيراً بلغ 26.8%، مستفيداً من زيادة عدد ركاب الرحلات الدولية وارتفاع عائدات قطاع الطيران الدولي ليحقق بذلك أعلى نسبة نمو يشهدها هذا القطاع المرتبط بالسياحة خلال النصف الأول من العام. 
كما حققت أنشطة الصحة والخدمات الاجتماعية نمواً لافتاً خلال الفترة نفسها بلغ 20.1% مستفيدة من نموها غير المسبوق في الربع الثاني بنسبة بلغت 23.6% لتعلن عن أكبر نسب نمو يبلغها هذا القطاع الحيوي خلال هذه الفترة من العام.

انتعاش القطاعات غير النفطية
أسهمت القطاعات غير النفطية في دعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز نمو الناتج المحلي للدولة، إذ حققت الأنشطة العقارية في النصف الأول من العام نمواً قدره 8.7% مساهمةً في الناتج المحلي بالأسعار الثابتة بما قيمته 45.2 مليار درهم خلال  الشهور الـ 6 الأولى من العام، كما انضمت أنشطة المالية والتأمين إلى قائمة النمو اللافت، حيث حققت نمواً بلغ 5.5% لتتجاوز مساهمتها 65.8 مليار درهم خلال النصف الأول من عام 2022.
وأكدت بيانات الناتج المحلي الإجمالي مستوى التنويع الاقتصادي، والأهمية النسبية للأنشطة الاقتصادية غير النفطية، حيث أسهمت القطاعات غير النفطية في نمو الناتج المحلي الإجمالي، حيث تجاوزت مساهمة تجارة الجملة والتجزئة 105.6 مليار درهم، محققة نسبة نمو بلغت 7.2% خلال النصف الأول من العام، وكذلك الأمر بالنسبة لقطاع الصناعات التحويلية الذي يسهم بنحو 88.6 مليار درهم وبما نسبته 10.8% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة، ومحققاً نمواً بلغ 4.5%، وهو ما ينسجم مع سياسات الدولة الاقتصادية في تقليص الاعتماد على اقتصاد النفط، وترسيخ الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار، وتعزيز الصناعات الوطنية غير النفطية.