حسام عبدالنبي (دبي)
حفزت الارتفاعات المتتالية في أسعار الفائدة المصرفية، أفراد المجتمع على التوجه إلى المنتجات والبرامج الادخارية، بحسب مصرفيين.
وقال هؤلاء لـ «الاتحاد» إن البنوك رصدت توجهاً من قبل العملاء الأفراد إلى تحويل الأموال من الحسابات الجارية إلى حسابات التوفير للاستفادة من ارتفاع العائد إلى نحو 5.5%، إلى جانب زيادة الإقبال على الودائع قصيرة المدى (لمدة تقل عن العام) بسبب وجود توقعات بمزيد من الزيادة في أسعار الفائدة في الإمارات بالتزامن مع قرارات الفيدرالي الأميركي برفع الفائدة.
وأكدوا أن ارتفاع سعر الفائدة المصرفية شجع على زيادة المدخرات بأكبر قدر ممكن، والمشاركة في البرامج الادخارية التي تؤمن الاحتياجات الأساسية من تعليم الأبناء والتقاعد.
وأشاروا إلى أن تقلبات الأسواق العالمية وزيادة مخاطر الاستثمار بشكل عام، دعمت التوجه نحو الودائع وحسابات التوفير في البنوك لضمان عائد آمن بعيداً عن الضغوط النفسية من تداعيات الأزمات العالمية، كاشفين أن البنوك زادت من عروضها الترويجية لاستقطاب المزيد من السيولة من خلال ودائع المقيمين، فضلاً عن العروض التي تستهدف زيادة وعي الجمهور بالبرامج الادخارية التي تتيحها تجنباً لانتقال العملاء الحاليين إلى بنوك تطرح منتجات وودائع بعائد أعلى.
وكان مصرف الإمارات المركزي قد رفع «سعر الأساس» على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة بـ 75 نقطة أساس من 3.15% إلى 3.90%، وذلك اعتباراً من يوم الخميس 3 نوفمبر 2022.
وجاء هذا القرار إثر إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي رفع سعر الفائدة على أرصدة الاحتياطي بـ75 نقطة أساس في اجتماعه الذي عُقد بتاريخ 2 نوفمبر 2022.
كما قرر المصرف المركزي الإبقاء على السعر الذي ينطبق على اقتراض سيولة قصيرة الأجل من المصرف المركزي من خلال التسهيلات الائتمانية القائمة كافة عند 50 نقطة أساس فوق سعر الأساس.
ويحدد سعر الأساس الذي يرتبط بسعر الفائدة على أرصدة الاحتياطي المعتمد من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الموقف العام للسياسة النقدية للمصرف المركزي. كما يوفر حداً أدنى لسعر الفائدة الفعلي لأسعار سوق النقد لليلة واحدة في الدولة.
عروض البنوك
توالت إعلانات البنوك وحملاتها الترويجية بهدف زيادة الوعي بشأن الودائع وحسابات التوفير الخاصة بها، فعلى سبيل المثال أعلن بنك أبوظبي التجاري عرضاً ترويجياً على حساب «توفيري» الذي يمكن العملاء من الاستمتاع بواحد من أفضل معدلات الادخار في الدولة بحيث يكتسب العميل فائدة بنسبة 4.5% سنوياً على الأموال الجديدة المودعة في حساب «توفيري» الخاص به بين 1 أكتوبر و31 ديسمبر 2022.
كما أعلن البنك عرضاً لفترة محدودة على حساب التوفير الإسلامي لمواطني دولة الإمارات والمقيمين بالدولة، بحيث يمكنهم فتح حساب توفير إسلامي مع أفضل معدّل ربح متوقّع في السوق يصل إلى 4.5% في السنة، يُدفع شهرياً على الأموال الجديدة للدرهم الإماراتي فقط، ويمكن لمواطني الدولة فقط الحصول على فرصة للدخول في سحب الإماراتي الأول للفوز بجائزة كبرى قيمتها 1 مليون درهم، مقابل كل 25 ألف درهم كمتوسط رصيد شهري في حساب التوفير الإسلامي، فضلاً عن الحصول على استرداد نقدي يصل إلى 5 آلاف درهم على شكل مكافآت عند تحوّيل الراتب.
وإلى ذلك، أعلن بنك الإمارات دبي الوطني، توفير 8 أنواع من الودائع، هي الوديعة الثابتة، الوديعة ذات العوائد المنتظمة، وديعة فليكسي، حساب توفير ثابت، وديعة فليكسي سويب، ودائع الهدف المتكررة، وديعة استثمار المضاربة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، ودائع الوكالة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وتتفاوت متطلبات تلك الودائع من حيث مبلغ الوديعة بحيث تبدأ من درهم واحد حتى 4 ملايين درهم أو مليون دولار أميركي، كما تتفاوت فترة الإيداع المتاحة، حيث تبدأ بسبعة أيام كحد أدنى وصولاً إلى 5 سنوات كحد أقصى، فضلاً عن اختلاف إمكانية السحب الجزئي من الوديعة والسحب المبكر والإغلاق، وكذا العملات المتعددة للوديعة مثل الدرهم والدولار الأميركي أو الجنيه الإسترليني.
كما يوفر البنك ذاته 5 أنواع من حسابات التوفير هي حساب التوفير العادي، حساب التوفير العائلي، حساب التوفير بالعملات الأجنبية، حساب التوفير مانشستر يونايتد، حساب توفير الذهب.
الودائع القصيرة
وتفصيلاً، أكدت رحاب لوتاه، نائب الرئيس التنفيذي للمجموعة في شركة «الصكوك الوطنية»، أن الارتفاعات المتتالية في أسعار الفائدة المصرفية شجعت أفراد المجتمع على التوجه إلى الادخار، حيث تم رصد متغيرين أساسيين هما توجه غالبية الأفراد إلى تحويل الأموال من الحسابات الجارية إلى حسابات التوفير للاستفادة من ارتفاع العائد إلى نحو 5.5%، وكذلك زيادة الإقبال على الودائع قصيرة المدى (لمدة عام) بسبب وجود توقعات بمزيد من الزيادة في أسعار الفائدة في الإمارات، بالتزامن مع قرارات الفيدرالي الأميركي برفع الفائدة.
وأوضحت لوتاه، أن البنوك والمؤسسات المالية التي توفر برامج ادخارية توسعت في طرح المنتجات المتنوعة والعروض المشجعة على الادخار، بهدف الاستفادة من زيادة الإقبال على الودائع، خاصة أن أفراد المجتمع باتوا أكثر وعياً، ويقارنون بين المنتجات الادخارية المختلفة ومنتجات البنوك لتحقيق أكبر قدر من المنفعة.
وأشارت إلى أن ارتفاع سعر الفائدة المصرفية أوجد نوعاً من الاقتراض المسؤول، حيث أصبح الاقتراض فقط من أجل تلبية الحاجات الضرورية والملحة، مع الحرص على زيادة المدخرات بأكبر قدر ممكن، والمشاركة في البرامج الادخارية التي تؤمن الاحتياجات الأساسية من تعليم الأبناء والتقاعد وغير ذلك، لافتة إلى أن شركة الصكوك الوطنية توفر في الوقت الحالي عائداً سنوياً لا يقل عن 5.5% مع وصول العائد إلى 11% في بعض المنتجات حسب المدة والمبلغ المدخر.
عائد آمن
ومن جانبها، قالت عواطف الهرمودي، الخبيرة المصرفية، إن نسبة الربح على وديعة الوكالة بالاستثمار في المصارف الإسلامية بلغت 4% في المتوسط لمدة سنة، ما شجع الكثير من المتعاملين على التوجه إلى المنتجات ذات العائد المتميز، خصوصاً في الفترة الحالية التي تشهد تقلبات في الأسواق العالمية، وزيادة مخاطر الاستثمار.
وأضافت أن ارتفاع نسبة الربح شجعت فئة كبيرة من عملاء المصارف الإسلامية على التوجه للمنتجات الادخارية، بحيث يتمكنون من الاستفادة من العائد المرتفع في سداد زكاة المال مع ضمان عائد بعيداً عن الضغوط النفسية عند الاستثمار في القطاعات المختلفة، مؤكدة أن البنوك بشكل عام زادت من عروضها الترويجية للمنتجات المصرفية الخاصة بالتوفير والادخار من أجل تمكين أفراد المجتمع من المقارنة واختيار البنك الذي يوفر أفضل نسبة ربح.
وأشارت الهرمودي، إلى أن ارتفاع الفائدة على الودائع زاد من تكلفة الأموال، وجعل البنوك مضطرة إلى رفع الفائدة على الإقراض من أجل جذب المزيد من السيولة من خلال الودائع، وعدم اللجوء إلى الاقتراض من المصرف المركزي أو من البنوك الأخرى.
ولفتت إلى أن ارتفاع الفائدة ونسبة الربح على الودائع أثمرت زيادة حجم الودائع بشكل ملموس لدى غالبية البنوك، مع زيادة حرص البنوك على توفير البدائل والمنتجات الادخارية التي تمنح المتعاملين أفضل عائد تجنباً لانتقالهم إلى بنك آخر يعطي نسبة ربح أو فائدة أعلى، منوهة بأن تنافس البنوك على استقطاب الودائع عبر زيادة الوعي عن المنتجات ونسبة الربح الأفضل، يزداد بشكل عام في مثل هذه الفترة من العام، حيث نهاية السنة المالية، والرغبة في تحقيق أفضل النتائج في الميزانيات السنوية.
نمو الودائع
قال هشام المغربي، الخبير المصرفي، إن ارتفاع معدل الربح في المصارف الإسلامية، وزيادة الفائدة على حسابات التوفير والودائع في البنوك التجارية العاملة في الدولة، شجعا الكثير من أفراد المجتمع على توجيه السيولة المتوافرة لديهم إلى تلك المنتجات والبرامج الادخارية المختلفة.
وقال إن بيانات المؤشرات المصرفية لدولة الإمارات الصادرة عن المصرف المركزي، كشفت أن إجمالي الودائع المصرفية، ارتفع بنسبة %1.6 خلال شهر وبمقدار 34 مليار درهم من 2.132 تريليون درهم في نهاية يوليو الماضي إلى 2.166 تريليون درهم في أغسطس 2022، وذلك نتيجة لارتفاع ودائع المقيمين خلال الشهر بنسبة %2.8، بسبب زيادة ودائع القطاع الحكومي، وودائع القطاع العام (الجهات ذات الصلة بالحكومة)، وودائع القطاع الخاص، وودائع المؤسسات المالية غير المصرفية بنسب %7.1 و%3.3 و%1.5 و%0.8 على التوالي.
ونوه المغربي إلى أن البيانات أظهرت ارتفاعاً إجمالي الودائع المصرفية بنسبة %12.3 خلال عام نظراً لارتفاع ودائع المقيمين بنسبة %13.8 وزيادة ودائع الحكومة بنسبة %34.3.