حسونة الطيب (أبوظبي)

بصرف النظر عن موجة الحر القاسية مع التغيرات المناخية، وجفاف العديد من مصادر المياه حول العالم، إلا أن قطاع الطاقة في القارة الأوروبية يحدوه تفاؤل كبير، بما يحمله عام 2023. 
وجسد نهر اللوار، الأطول في فرنسا، مشهداً يدعو للخوف والحذر خلال الصيف الماضي، بعدما تعرضت بعض روافد النهر، للجفاف تماماً في منتصف أغسطس الماضي، بينما تراجع منسوب البقية لحد كبير.
وفي أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، بدأت أسعار الطاقة في الارتفاع، في حين عانى قطاع توليد الكهرباء بالطاقة النووية في فرنسا، من مشاكل الصيانة وانحسار مستويات منسوب مياه الأنهار التي تستخدم لأغراض التبريد. 
وبحلول منتصف أغسطس، تراجعت سعة محطات التوليد الكهرومائية، التي تعتمد على الأنهار في فرنسا، لنحو النصف من الكهرباء التي كانت تنتجها في الظروف العادية، المشهد الذي تكرر في أنحاء مختلفة من قارة أوروبا. 
ومن المرجح، بقاء أسعار الغاز خلال عام 2023 على ارتفاعها، مع استمرار أزمة الطاقة، وتطلعات بمساعدة الطاقة الكهرومائية في حل الأزمة.

إنتاج محطات
وبلغ إنتاج محطات توليد الكهرباء العاملة بالطاقة الكهرومائية في أوروبا، 712 تيراواط في الساعة في 2021، أي ما يساوي نحو 16% من إجمالي إنتاج الكهرباء في القارة.
لكن انخفض معدل الإنتاج خلال العام الجاري حتى الآن، بأكثر من 112 تيراواط في الساعة، بالمقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، وذلك بسبب موجة الجفاف التي تعرضت لها أجزاء كبيرة من أوروبا، بحسب «فاينانشيال تايمز».
 كما تراجع منسوب هطول الأمطار في كل من، فرنسا وإسبانيا وإيطاليا والأجزاء الجنوبية من النرويج. 
وعانت محطات التوليد التي تعتمد على الأنهار، عدم كفاية المياه، بجانب تراجع المخزون، لدون المستويات العادية. وتوجد ثلاثة أنواع من محطات التوليد بالطاقة الكهرومائية. ويتميز النوع الأول، الذي يعتمد على مياه الأنهار، باستمرار سريان الكهرباء، لكن ولعدم تمكنها من تخزين المياه لفترات طويلة، توفر الكهرباء فقط تزامناً مع جريان مياه الأنهار. ويتسم النوعان الآخران، بالمرونة، حيث تشكل المياه الكائنة في أعالي الجبال في النوع الثاني، مخزوناً يمكن اللجوء إليه وقت الحاجة. وتعتبر المحطات التي تعمل بمخزون المضخات، بمثابة البطاريات القابلة للشحن عبر تشغيلها بالمياه، في النوع الأخير. لكن الطقس، ليس هو الوحيد المسؤول عن شح الطاقة خلال عام 2022، حيث تراجع المخزون في بداية السنة، لمستويات أقل من العادية. وعندما تقرر محطات الطاقة الكهرومائية، كمية المياه التي تطلقها من المخزون، تأخذ بعين الاعتبار أسعار الكهرباء الحالية والمستقبلية. 

أسعار الكهرباء
وارتفعت أسعار الكهرباء، بشدة في النصف الثاني من عام 2021، في الوقت الذي أخذت فيه أسعار الغاز في الارتفاع أيضاً. ودفع ذلك، مشغلو المحطات، لتوليد المزيد من الكهرباء لتحقيق أرباح أكثر، ما نجم عنه تراجع مخزون المياه لدون المستويات العادية وإمكانية توليد سعة أقل من الكهرباء على مدى عام 2022. وتبدو النظرة المستقبلية لعام 2023، مبشرة، في ظل هطول الأمطار التي ساعدت في ملء مخزون المياه في معظم البلدان الأوروبية، على الرغم من أن دول مثل، البرتغال وإيطاليا وإسبانيا، ما زالت تحتاج للمزيد من المياه. ومن المتوقع، أن تشهد فترة الـ 3 أشهر الأولى من عام 2023، القليل من الدفء وشتاء جاف قليلاً. وفي ظل هذا الوضع، لجأت حكومات، مثل سويسرا، لشراء جزء من مياه المخزون، لتوفير احتياطي في حال نقص إمدادات الغاز في فصل الشتاء. وأمرت حكومة البرتغال بتعليق إنتاج الكهرباء لإعادة ملء مخزون المياه في 15 سد مائي. 
وفي فرنسا، عادت مناسيب المياه في نهر اللوار وروافده، لمستوياتها العادية، للمساعدة في توليد أكثر قدر من الكهرباء خلال عام 2023.