يوسف البستنجي (أبوظبي)

بدأت الأسهم الجديدة، تقود التداولات في أسواق المال المحلية، حيث تراجعت التداولات على الأسهم التقليدية مثل أسهم البنوك والاتصالات، وبعض الشركات القيادية الأخرى، لصالح مجموعة من الشركات الجديدة التي تتبنى أساليب استثمارية مبتكرة، تعتمد على سياسة التنويع، واقتناص الفرص، بجانب استثماراتها ذات الطابع الاستراتيجي، بحسب خبراء في أسواق المال المحلية.
وقال الخبراء لـ«الاتحاد»، إن الشركات الجديدة التي تمثل الوجه المبتكر لآليات الاستثمار الحديثة، المبني على عوامل غير تقليدية في التعامل مع آليات السوق، تمكنت خلال وقت قصير من «سحب البساط» من تحت أقدام الشركات التقليدية «ثقيلة» الحركة.
وتظهر البيانات الرسمية لسوق أبوظبي للأوراق المالية أن الشركات المدرجة تمكنت من جذب سيولة استثمارية ضخمة، خلال الشهر الماضي، الأمر الذي أعاد الحيوية والنشاط لأسواق الأسهم المحلية، ومكّنها من تحقيق مكاسب كبيرة في قيمتها السوقية.
وجاءت هذه التطورات مترافقة مع نتائج مالية مشجعة للاستثمار خلال الربع الثالث من العام الحالي، وفقاً لما أفصحت عنه الشركات المدرجة بأسواق المال الإماراتية.
وتظهر البيانات أن أسواق الأسهم المحلية زادت جاذبيتها للاستثمار الأجنبي، ما أدى لتدفق ما يقارب 5 مليارات درهم (صافي شراء) استثمارات جديدة دخلت سوقي أبوظبي للأوراق المالية ودبي المالي خلال شهر نوفمبر 2022. وبلغت قيمة التداول الإجمالية في سوق أبوظبي أكثر من 40 مليار درهم خلال الشهر نفسه، ما يمنح السوق عمقاً كبيراً، ويعزز جاذبيته للمحافظ الاستثمارية الكبيرة، والاستثمارات المؤسساتية عامة. 

نتائج الشركات
وقال محمد علي ياسين، الخبير الاقتصادي، إن نتائج الشركات المساهمة المدرجة بأسواق المال المحلية في الربع الثالث كانت ضمن حدود التوقعات بشكل عام، باستثناء عدد من الشركات القليلة التي أظهرت نسبة نمو عالية أكثر من المتوقع، بينما حافظ قطاع البنوك تقريباً على مستويات أرباحه في الربع الثالث مقارنةً مع الربعين الأول والثاني.
وأضاف: «شهد السوق العقاري بالدولة نمواً فيما يتعلق بحركة ونشاط سوق العقارات بالدولة، الأمر الذي رفع مستوى التفاؤل لدى المحللين، ولذا جاءت التوقعات لنمو أرباح الشركات العقارية، خاصة في دبي، أكبر من المتوقع، مقارنة بالنتائج التي تم الإعلان عنها».
وأضاف: «مع ذلك كانت النتائج جيدة عامة للشركات العقارية وحافظت الشركات على مستويات أسعارها تقريباً، ولكنها لم تقدم الدافع لتحريك أسعار الأسهم لمستويات أعلى. 
أما شركات الاتصالات فقد تأثرت أسعار أسهمها باستثماراتها الخارجية التي أثقلت حركة أسهمها نتيجة تخفيض أسعار العملة في بعض الأسواق وتخفيض التصنيف الائتماني للشركات التابعة لها.
ومع ذلك فقد أعلنت شركات الاتصالات عن مستويات جيدة للأرباح».
ولفت إلى أن الاكتتابات العامة في الربع الثالث سجلت جميعها نجاحاً كبيراً.
وحول أداء الأسهم بأسواق المال المحلية، لفت ياسين إلى أن معظم القطاعات حافظت على مستويات أسعارها السوقية، ما عدا بعض الشركات التي سجلت نمواً ملحوظاً مثل العالمية القابضة، وملتبلاي، وطاقة، وتبريد، بدعم من دخول مستثمرين استراتيجيين في هذه الشركات.
وتظهر بيانات سوق أبوظبي للأوراق المالية أن التداولات على أسهم شركة ملتيبلاي تصدرت قائمة الشركات الأكثر تداولاً في سوق العاصمة أبوظبي بقيمة إجمالية بلغت نحو 6 مليارات درهم خلال شهر نوفمبر، ما أدى إلى ارتفاع سعر السوق لسهم الشركة بأكثر من 22.7%، تلاها التداولات على أسهم الشركة العالمية القابضة بقيمة إجمالية بلغت 5.76 مليار درهم، وارتفع سعر السوق لسهم الشركة بنحو 1%، تلاها التداولات على سهم ألفا ظبي القابضة بقيمة بلغت 3.86 مليار درهم، حيث ارتفع سعر سهم الشركة 10.2%، ثم التداولات على أسهم شركة طاقة بقيمة 2.53 مليار درهم والتي ارتفع سعر سهمها بنسبة 9.06%.
ومع أن سهم مجموعة اتصالات حظي بقيمة 2.8 مليار درهم، إلا أن 1.5 مليار درهم كانت عبارة عن 7 صفقات كبيرة تم من خلالها عملية تحويل لأسهم الشركة. وأوضح ياسين أنه فيما يتعلق بالتوقعات لنتائج الشركات في الربع الرابع، فقد أوضح أنه يستبعد أن تكون هناك مفاجآت، حيث يتوقع أن تكون النتائج قريبة من مستوياتها التي حققتها الشركات منذ بداية العام.

أداء متباين
بدوره، قال جمال عجاج الخبير الاقتصادي: «إن الأسواق سجلت أداء متبايناً خلال الفترة الأخيرة، حيث سجل سوق دبي هدوءاً، فيما سجل سوق أبوظبي للأوراق المالية ارتفاعاً مستمراً».
وأضاف: «هناك أحجام تبادل كبيرة في سوق أبوظبي للأوراق المالية».
وقال: «إن الأداء في سوق أبوظبي تركز على الأسهم الجديدة التي طرحت في الفترة الأخيرة، كما لاحظنا الابتعاد نسبياً عن الأسهم الكلاسيكية مثل البنوك والاتصالات وبعض الشركات الأخرى». وأوضح أن الأسهم الجديدة سجلت حركة نشطة، وزادت جاذبيتها بسبب وجود هامش ربح جيد بفترة سريعة.
ولفت إلى أن نتائج الشركات المدرجة بشكل عام كانت جيدة لمعظم الشركات.
وقال: «يأمل المستثمرون أن تكون النتائج للربع الرابع أفضل مما كانت عليه في الفترة المقابلة من العام الماضي، وأن تكون نتائج العام 2022 الإجمالية جيدة بما يكفي لحصول المستثمرين على توزيعات نقدية جيدة عن نتائج أعمالها لهذا العام».

آليات الاستثمار
قال وائل أبومحيسن الخبير الاقتصادي، إن التطورات الكبيرة التي يشهدها الاقتصاد الوطني، وطبيعة ونوعية وآلية الاستثمار اليوم تخطت الشكل التقليدي للشركات المساهمة العامة، وأصبحت لدينا شركات محلية وطنية بفكر ومنهجية استثمار عالمي، وهي شركات سجلت نجاحاً مهماً ولافتاً منذ لحظة إدراجها في أسواق المال المحلية، خاصة في سوق أبوظبي للأوراق المالية.
وأضاف أبومحيسن: «إن هذه النوعية من الشركات المساهمة العامة وهي جميعها شركات قابضة تقوم بإدارة محافظ استثمارية ضخمة تسمح لها بتنفيذ عمليات استحواذ ناجحة، عبر انتقاء الشركات والاستثمارات ذات التوجه المستقبلي التي تعتمد على التكنولوجيا المتطورة، والقطاعات الرقمية، والتي تتبنى نهجاً للعمل أكثر فاعلية وأسرع انتشاراً وأقل تكلفة من الاستثمارات التقليدية». وقال: «نرى أن هذه الشركات تمكنت من سحب البساط من تحت أقدام الشركات الكبرى القيادية سابقاً، في أسواق المال المحلية، وتسهم في تحقيق عمق مهم للسوق، وتدعم جاذبية الأسواق الإماراتية وتعزز ثقة المستثمرين».
ولفت إلى أنه أصبح من الطبيعي اليوم في سوق أبوظبي للأوراق المالية أن نرى قيم التداول على هذه الأسهم في جلسة واحدة تتخطى حاجز 300 مليون درهم أو 400 مليون درهم على السهم الواحد. وأكد أن هذا التطور غير المسبوق ساهم في مضاعفة تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى أسواق المال الإماراتية ووضعها على منصة المستثمرين العالميين.