يوسف البستنجي (أبوظبي)

قام القطاع المالي والمصرفي لدولة الإمارات، منذ تأسيسها، بدور محوري في المشاركة لتحقيق نهضة اقتصادية غير مسبوقة، نجحت في تحويل الدولة إلى مركز مالي عالمي من الطراز الرفيع، وحولت معها المنطقة بأكملها إلى منطقة جاذبة للمستثمرين والشركات العالمية، ومحط أنظار لصناع القرار المالي والاقتصادي على مستوى العالم. 
ومنذ المراحل الأولى لتأسيس الدولة التي وضع أسسها الصلبة والمتينة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مروراً بمرحلة التمكين في عهد المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، حيث عززت الدولة مكانتها أحد أهم مراكز المال والأعمال على مستوى العالم، وصولاً إلى مرحلة العبور للمستقبل بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أصبحت تحلق دولة الإمارات اليوم في مقدمة دول العالم، على أجنحة الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا المالية، وأنظمة الذكاء الصناعي.
ويعتبر القطاع المصرفي الإماراتي اليوم أكبر قطاع مصرفي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متجاوزاً بذلك من حيث قيمة موجوداته والدور الذي يلعبه جميع دول المنطقة. وأصبحت البنوك الوطنية الإماراتية من بين أكبر البنوك في العام وأكثرها أماناً وموثوقية، وقد تجاوزت موجودات بعض البنوك الوطنية حالياً، حاجز التريليون درهم.

لم يكن من السهل على صناع القرار الاقتصادي في الدولة تحقيق القفزة النوعية في تركيبة الاقتصاد الوطني، وتعزيز ثقة العالم باقتصاد دولة الإمارات وأنظمتها وبيئتها التشريعية، على مدار العقود الخمسة الماضية، إلا بالعمل المتواصل والابتكار والإبداع وجذب العقول والمعرفة والتكنولوجيا، والرهان على الثقة بالنفس والمؤسسات الوطنية وأبناء الوطن، باعتبار الإنسان هو الثروة الحقيقية المستدامة واللبنة الأساسية لبناء قادر على التطور والاستمرار.
إن حجم التطور الذي حققته الإمارات في القطاع المالي يمكن أن يكون خير مؤشر على مستوى النقلة النوعية في التطور السريع والنمو غير المسبوق خلال فترة زمنية وجيزة.
ولترجمة ذلك بالأرقام والإحصائيات الرسمية، تظهر البيانات التي يوفرها مصرف الإمارات المركزي، أن إجمالي النقد المصدر في دولة الإمارات تضاعف بأكثر من 72 مرة، خلال الفترة من 1977 حتى أغسطس من عام 2022، حيث ارتفعت قيمة النقد المصدر إلى 113 مليار درهم حالياً مقارنة مع 1.57 مليار درهم في عام 1977، وهي أقدم إحصائيات متوافرة لدى المصرف المركزي الذي تأسس عام 1980، فقد كانت مسؤوليات إدارة القطاع المالي والمصرفي مناطة بمجلس النقد لدولة الإمارات قبل ذلك التاريخ.
أما أصول مصرف الإمارات المركزي فقد تضاعفت 81 مرة، حيث بلغت 497 مليار درهم بنهاية أغسطس 2022 مقارنة مع أصول مجلس النقد لدولة الإمارات البالغة 6.1 مليار درهم في عام 1977.
فيما تضاعفت قيمة الأصول الإجمالية للبنوك العاملة بالدولة بنحو 100 مرة لتبلغ 3.523 تريليون درهم بنهاية أغسطس 2022، مقارنة مع 35.8 مليار درهم بنهاية عام 1978.
ويعتبر القطاع المصرفي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الرافعة الرئيسة التي نجحت في تمويل مسيرة التطور والبناء في قطاع البنى التحتية والقطاعات الأخرى، العقاري والصناعي والتجاري والاستثماري عامة في السوق الإماراتية وصولاً بها إلى المستويات العالمية المتقدمة التي هي عليها اليوم.

الائتمان
تظهر البيانات أن إجمالي الائتمان، أي القروض والتسهيلات التي قدمتها البنوك بالسوق المحلية، قد تضاعف 75 مرة ليبلغ 1.978 تريليون درهم بنهاية أغسطس 2022 مقارنة مع 22 مليار في عام 1978، أما القروض والتسهيلات المصرفية الممنوحة للقطاع الخاص تحديداً فقد تضاعفت 60 مرة لتبلغ 1.18 تريليون درهم بنهاية أغسطس 2022، مقارنة مع 19.6 مليار درهم في عام 1978.

ثقة العملاء 
استطاع القطاع القطاع المصرفي والمالي عامة في دولة الإمارات تعزيز ثقة العملاء في أدائه، وقد أدت الثقة الكبيرة للعملاء والشركات في المؤسسات المصرفية الوطنية والأخرى العاملة بالدولة إلى دعم قدرتها على جذب المودعين، الأمر الذي أدى إلى مضاعفة قيمة الودائع لدى البنوك بالدولة بنحو 125 ضعفاً لتبلغ 2.166 تريليون درهم بنهاية أغسطس 2022 مقارنة مع 15.8 مليار درهم في عام 1978. ونتيجة لذلك، فقد تضاعفت الاحتياطيات الإلزامية للبنوك العاملة بالدولة لدى مصرف الإمارات المركزي بنحو 94 مرة لتبلغ 93 مليار درهم بنهاية أغسطس الماضي، مقارنة مع 994 مليون درهم فقط في عام 1978.

النقد المتداول
حجم النمو غير المسبوق والتطور الكبير في أداء جميع قطاعات الأعمال في السوق المحلية خلال الفترة ذاتها، يظهر جلياً للعيان في نمو عرض النقد في السوق الإماراتية، فقد تضاعف عرض النقد ن1 الذي يشمل (النقد المتداول خارج البنوك مضافاً إليه الودائع النقدية) بنحو 277 مرة ليبلغ 719 مليار درهم حالياً، مقارنة مع 2.6 مليار درهم في عام 1975، وأما السيولة المحلية الخاصة فقد تضاعفت 185 مرة لتبلغ 1.628 تريليون درهم حالياً مقارنة مع 8.82 مليار درهم في 1975، فيما تضاعفت السيولة الإجمالية في السوق الإماراتية 131 مرة لتبلغ 2.016 تريليون درهم حالياً مقارنة مع 15.4 مليار درهم في عام 1975.
أما النقد المتداول مع الجمهور خارج البنوك فقد تضاعف 157 مرة ليبلغ نحو 98 مليار درهم بنهاية أغسطس 2022 مقارنة مع 628 مليون درهم عام 1975.