أكد معالي هيثم الغيص، أمين عام منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك»، أن سياسات دولة الإمارات لضمان استقرار أمن الطاقة عالمياً، تجسد وضوح رؤيتها ودورها في أن تكون مصدراً آمناً لإمداد العالم بالنفط والطاقة، بما يواكب أحد أهم الأهداف الأساسية لأوبك المتمثل في ضمان سلاسة وسلامة الإمدادات العالمية للنفط والطاقة.

وقال إن دور الإمارات ظل واضحاً منذ انضمامها للمنظمة، بسعيها لزيادة الإنتاج ومحافظتها على النمو الاقتصادي والتنوع في المصادر الأخرى وخفض التكاليف، بما يجعلها دولة رائدة في إنتاجها بما يتواكب مع متطلبات البيئة.

وأضاف الغيص في حوار خاص مع وكالة أنباء الإمارات «وام» أن دولة الإمارات تمكنت من وضع استراتيجية طموح في قطاع الطاقة عموماً، من خلال خطط لرفع الطاقة الإنتاجية للنفط لمستوى 5 ملايين برميل يومياً في عام 2030، حيث تعد دولة الإمارات مثالاً دولياً يجب أن يحتذى في الخطط والآليات الواضحة ونقلها نحو التنفيذ ومباشرة الإنتاج.

مكانة مشهودة
وقال «اليوم تعد دولة الإمارات من أكبر المنتجين في أوبك، وتمتلك مكانة مشهودة على خريطة الطاقة وأسواق النفط العالمية من حيث الإنتاج وصناعة التكرير والتخزين والنقل والشحن والبتروكيماويات، كما أنها من أكثر الدول التي تشهد انخفاضاَ في نسب الانبعاثات الناتجة عن النفط والغاز، وهو ما يتوافق مع رسالتنا في المنظمة بضرورة المحافظة على البيئة وتطوير القدرات لخفض الانبعاثات الناجمة عن إنتاج النفط والغاز وتكريره».

ووصف الغيص، دور دولة الإمارات في أوبك وفي مشهد النفط العالمي، بأنه رئيسي وبارز، حيث تستند الدولة على الدراسات الواقعية عن أهمية النفط في مشهد الطاقة العالمي، كما أن لها دور فاعل في لجنة مراقبة الإنتاج على مستوى اللجنتين الوزارية والفنية، إضافة لمكانتها وبصمتها ضمن اتفاق أوبك بلس الذي يضم 23 دولة.

أديبك 2022
وحول مشاركته في فعاليات معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول أديبك 2022 قال «أهنئ دولة الإمارات قيادة وحكومة وشعباً على النجاح الباهر في تنظيم المؤتمر، وهو أمر اعتدناه من دولة الإمارات والزملاء في قطاع الطاقة، وحرصنا خلال الدورة الحالية على المشاركة بوفد كبير من مختلف قطاعات أوبك من رؤساء الدوائر المعنية بالأبحاث والدراسات الاقتصادية والدراسات المتعلقة بالطاقة».

ورداً على سؤال حول فعاليات قمة المناخ كوب 27 في مصر الأسبوع المقبل، وكوب 28 بدولة الإمارات.. أكد الغيص، أن رؤية «أوبك» تتمثل في ضرورة إشراك جميع الأطراف المعنية بالنفط في النقاشات حول قضايا التغير المناخي، وأن يستفاد من الدول النفطية والشركات العاملة في قطاع النفط لإيجاد الحلول في هذا الملف، نظراً لما تمتلكه من قدرات وعقول وخبرات، بما يتيح للصناعة النفطية للمساهمة بوضع التكنولوجيا اللازمة لخفض الانبعاثات في العالم.
قمة المناخ

وأعرب عن ثقته بأن كوب 27 في جمهورية مصر العربية سيشكل منصة مميزة لإبراز صوت «أوبك» حيث لاحظنا مؤخراً تغيراً في رؤية بعض المؤسسات الدولية المتعلقة بملف الطاقة والتغير المناخي، نحو المطالبة بأهمية الحوار الشامل بين جميع الأطراف، كما تتشرف المنظمة بأن تستضيف دولة الإمارات فعالية كوب 28، باعتبارها أحد أهم الدول الأعضاء في المنظمة.

وقال إن معالجة التغير المناخي لا يقتصر على خفض الانبعاثات ولكن بتمويل المشاريع، مشيراً إلى أنه من المهم أن يشمل الحل موضوع التمويل والخطط والحوار، للوصول إلى سلسلة متكاملة لوضع الحلول المناسبة.


تحديات قطاع الطاقة
وحول التحديات التي تواجه قطاع الطاقة حالياً، أوضح الغيص أن أبرز التحديات تتمثل في التحول باستخدامات الطاقة ومستقبل الطاقة عموماً والنفط خصوصاً، حيث تتبنى «أوبك» سياسة الاعتماد على جميع أنواع الطاقة بدلاً من الاعتماد على نوع واحد، لافتا إلى أن دراسات المنظمة أثبتت أن النفط سيحافظ على 29 في المائة من إجمالي مزيج الطاقة العالمي في عام 2045، كما تتجاوز النسبة 50 في المائة في حال إضافة الغاز.

وأضاف «هناك تحد آخر يتمثل في الاستثمار بقطاع النفط، حيث يحتاج العالم إلى استثمارات تقدر بنحو 12 تريليون دولار في قطاع النفط لوحده، لافتاً إلى أن القطاع يتكون من 3 ركائز رئيسة تتمثل في الاستكشاف والحفر والإنتاج، وصناعة التكرير والبتروكيماويات، إضافة إلى صناعة النقل والتخزين والجوانب اللوجتسية، وهي سلسلة ممتدة مترابطة».

وأوضح أن أحد التحديات البارزة خلال السنوات السابقة تمثّل في التقلبات التي حدثت في أسواق النفط، والاختلال بين ميزان العرض والطلب، ولذلك شهدت التدفقات في الاستثمارات انخفاضاً بشكل كبير، حيث كانت الاستثمارات النفطية تبلغ 500 مليون دولار سنوياً، إلا أنها انخفضت بعد انخفاض الأسعار عام 2016، مما أدى لانخفاض الطاقة والقدرة الإنتاجية بشكل عام، كما انخفضت الاستثمارات بعد جائحة كوفيد 19، بسبب حدوث الاختلال في أسواق النفط، ولم تعد لسابق عهدها.


العرض والطلب
وحول توقعات المنظمة بشأن مستويات العرض والطلب على المستوى طويل الأمد، قال الغيص، إن المنظمة أطلقت التقرير السنوي الـ 16، الذي بدأته في عام 2007، وذلك في دولة الإمارات خلال فعاليات «أديبك»، مشيراً إلى أنه من وجهة نظر أوبك، فإن الاعتماد على النفط سيستمر حتى سنوات متقدمة، برغم وجود توقعات سابقة بأن الاعتماد على النفط انتهى، إلا أنه الآن وبناء على المستجدات فإن هناك إجماعا على أن الاعتماد على النفط سيستمر ضمن مزيج الطاقة العالمي.

وأشار إلى أن مستويات الطلب على النفط ستصل خلال عام 2045 إلى 110 ملايين برميل يومياً، بالمقارنة مع 99 مليون برميل حالياً، كما تشير توقعاتنا إلى أنه مع زيادة النمو السكاني بمليار و900 مليون نسمة، فإنه سيزداد الطلب على النفط والطاقة لتغذية النمو الاقتصادي العالمي، والذي من المتوقع أن يشهد نمواً في ناتجه الإجمالي السنوي بمعدل يتراوح بين 2.5 في المائة إلى 3 في المائة، بما سينعكس على مستويات الطلب.

ولفت إلى أن توقعات «أوبك» تشير أيضاَ لوجود ارتفاع على طلب الطاقة بنحو 23 في المائة، من 300 مليون برميل مكافئ إلى 350 مليون برميل مكافئ في عام 2045، بينما ستظل مستويات الطلب على النفط مستقرة، فيما من المتوقع أن يرتفع الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة العام مستقبلاً، فيما ستنخفض حصة الفحم.

وحول سبل تعزيز الاستثمارات في قطاع النفط، أشار الغيص إلى أن تأخر الاستثمارات في قطاع الطاقة، يعود إلى التقلبات الحادة في أسعار النفط، ولذلك يأتي دور أوبك وأوبك بلس في المحافظة على استقرار الأسواق بين العرض والطلب، لافتاً إلى أهمية إيجاد مناخ استثماري مناسب لدفع الشركات نحو الاستثمار، ووضع سياسات للتشجيع على الدخول في هذا المجال، وسياسات تعزز الاستثمار في الطاقة الأحفورية بشكل عام، بما يبرز أهمية العملية التكاملية للاستثمار في قطاع الطاقة.