يوسف العربى (أبوظبي)
تواصل التكنولوجيا لعب دور كبير في إحداث تغيرات جذرية في قطاع العقارات، حيث برزت فوائد تقنيات تحليل البيانات الضخمة خلال السنوات الأخيرة في مجالات التطوير والتسعير والبيع والشراء، بحسب خبراء ومتخصصين بالقطاع. وقال هؤلاء لـ«الاتحاد»، إن تحليل البيانات الضخمة يسهم بدور فاعل في التخطيط المستقبلي للمدن من خلال تحديد عدد الوحدات المطلوبة، والمساحات الخضراء، والمرافق المصاحبة، لتحقيق التنمية الحضرية المستدامة، ولفتوا إلى أن الشركات العقارية يتولد لديها كم هائل من البيانات نتيجة عمليات التسويق والبيع، ومن ثم فإن تصنيف هذه البيانات وتحليلها يقدم صورة أوضح وأكثر ملاءمة فيما يتعلق بخطط التطوير العقاري المستقبلية، وتحسين الكفاءة، وخفض التكاليف، وتعزيز عملية صنع القرار بشكل عام.
أكد الخبراء أن الشركات العقارية في الإمارات باتت تدرك تماماً أهمية تبني التقنيات المتقدمة في مجال تحليل البيانات الضخمة وكيف ستنعكس في النهاية على القدرة التنافسية لأعمالها.
ويرتكز مفهوم «تحليل البيانات الضخمة» على استخدام التقنيات التحليلية المتقدمة لتحليل وفهم مجموعات ضخمة وكبيرة من البيانات التي تختلف بأشكالها وأنواعها، ويشمل هذا العلم بالغ الأهمية تحليل البيانات المُنظمة، وشبه المنظمة، وغير المنظمة من مختلف المصادر.
عوائد الاستثمار
وقال محمد الزواري، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا في شركة «سنوفليك» لـ «الاتحاد»، إن معظم الشركات العقارية يتولد لديها كم هائل من البيانات نتيجة العمليات اليومية في مجالات التسويق والبيع لمدة تصل إلى 5 أو 10 سنوات.
وأشار إلى أن تصنيف هذه البيانات وجعلها قابلة للتحليل يسهم في الوصول إلى نتائج وتنبؤات دقيقة حول خطط التطوير العقاري المستقبلية وتحديد وسائل التسويق الأكثر فعالية، ما يسهم في زيادة فعالية العمليات وتعزيز تنافسية الشركة.
وقال الزواري إنه على نطاق أوسع يمكن توظيف تحليل البيانات في مجال تعزيز الشفافية والتخطيط للمدن الحضرية، وهو الأمر الذي تطبقه دبي على أرض الواقع.
وتوظف هيئة دبي الرقمية تقنيات تحليل البيانات الضخمة لدعم رسم خطة دبي الحضرية 2040 التي تتضمن مخططاً هيكلياً استراتيجياً للإمارة للعشرين عاماً القادمة، ويتكامل هذا المخطط مع جميع الخطط الرئيسة للتنمية الحضرية بالإمارة، وتوجهاتها الاقتصادية والاستراتيجية، ويدعم نموها وتطورها المستقبلي.
وتهدف الخطة الحضرية إلى مضاعفة المساحات الخضراء والترفيهية والحدائق العامة، وإنشاء شبكة من المسارات الخضراء التي تربط مناطق الخدمات، والمناطق السكنية، وأماكن العمل وتسهيل حركة المشاة والدراجات ووسائل التنقل المستدام عبر أنحاء المدينة ومضاعفة مساحة الأنشطة الفندقية والسياحية بنسبة 134%، ومساحة الأنشطة الاقتصادية إلى 168 كلم، وزيادة مساحات الأراضي المخصصة للمنشآت التعليمية والصحية بنسبة 25%، مع زيادة أطوال الشواطئ المفتوحة للجمهور بنسبة 400%.
وفيما يتعلق بعوائد الاستثمار على تحليل البيانات، أكد الزواري أن العائد لا يقل عن 10 دولارات لكل دولار يتم استثماره في هذا المجال، ويصل هذا العائد إلى أكثر من 1000 في بعض الحالات.
سوق متنامية
من جانبه، أكد مايكل ووترز، أستاذ مساعد في العقارات، جامعة هيريوت وات دبي، أن التكنولوجيا تواصل لعب دور كبير في إحداث ثورة في قطاع العقارات، مضيفاً أنه استناداً إلى أحدث الأبحاث التي أجرتها «ماركتس آند ماركتس»، تبلغ قيمة سوق البيانات الضخمة نحو تريليون درهم «273.4 مليار دولار» بحلول عام 2026.
وقال إنه يمكن للتقنيات التي تعتمد على البيانات الضخمة أن توفر رؤى وأساليب جديدة حول كيفية تطوير العقارات وتسعيرها وبيعها وشرائها، فعلى سبيل المثال، تعمل البيانات الضخمة في العقارات على تحسين عملية بحث المستهلك، وتوفر المزيد من المعلومات الأساسية تحليلات وتوصيات مواقع العقارات ذات السمعة الجيدة للبائعين والمشترين المحتملين. وأوضح أنه بالإضافة إلى ذلك، توفر البيانات الضخمة رؤى عن الملكية، وتسمح لك بتقييم ظروف السوق، وملفات تعريف المشتري أو البائع، ومجموعات البيانات الأخرى لتحديد قيم الممتلكات بشكل أكثر دقة.
تعزيز التنافسية
وحول دور هذه التقنيات في تعزيز القدرة التنافسية للشركات العاملة في القطاع، قال ووترز إن تحليلات البيانات الضخمة تمكن الشركات العقارية من تحسين الكفاءة وخفض التكاليف وتعزيز عملية صنع القرار، ما يساعدهم على أن يصبحوا أكثر مرونة، وذلك بهدف تحسين رضا العملاء وتجاربهم.
وأضاف أنه على عكس الأساليب التقليدية، حيث تتخذ الشركات العقارية قرارات بناءً على الاتجاهات السابقة والخبرة المهنية اليوم، يمكنهم تلقي بيانات دقيقة في الوقت الفعلي نتيجة لاستخدام تقنيات البيانات الضخمة، ويدعم هذا أيضاً الشركات والمطورين والمستثمرين لتقييم المخاطر بدقة، وتحديد الفرص الرئيسية. وقال إنه بالإضافة إلى ذلك، تساعد التنبؤات العقارية القائمة على البيانات الضخمة المشترين والبائعين على تجنب بعض المخاطر التقليدية اليوم مع هذه التقنيات الجديدة، يتم الآن إنشاء التنبؤات الاستشرافية بواسطة خوارزميات الكمبيوتر المتطورة التي يمكنها التنبؤ بتقلبات السوق في الوقت الفعلي.
بيانات تفاعلية
من جانبه، قال فراس المسدي، الرئيس التنفيذي لشركة «أوراتك»، إن البيانات التفاعلية تسهم في منح المستثمرين شعور الثقة والأمان عند اتخاذ قرارات الشراء والبيع، بالإضافة إلى إمكانيتهم معرفة الصفقات العقارية التي يتم إنجازها، أسعار الإيجارات، ومعاملات الرهن العقاري.
إن الشركة طورت الموقع الإلكتروني «DXBinteract.com» لتقديم بيانات تفاعلية تخدم المستثمرين من داخل وخارج الدولة وتطويرها عبر توفير جميع البيانات الخاصة التفاعلية لأسعار العقارات بحسب المنطقة، وحسب البناء العقاري مثل معرفة أسعار البيع والشراء في المنطقة والبيانات المتغيرة التي تجري في السوق العقاري أثناء تغير الأسعار وخلافه، تبعاً للمرحلة التي يمر بها تماماً مثل أسواق الأسهم والبورصات وحركتها.
وأضاف أن الموقع يساعد الموقع من تحديد المشاريع الأكثر مبيعاً ونجاحاً في السوق، بالإضافة إلى العديد من الميزات الأخرى، الأمر الذي يعزز عملية اتخاذ القرار بثقة أكبر، وتوفير وقت عليهم، حيث يمكن إجراء صفقات المبيعات في غضون دقائق معدودة دون التخوف من أي سبب معين.
تحديد توجهات السوق
أكد إسماعيل الحمادي، المؤسس والرئيس التنفيذي للرواد للعقارات المتخصصة في الاستشارات والتسويق العقاري، أن القطاع العقاري أصبح يعتمد كثيراً على تقنية تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي لتحليل معطيات السوق العقارية وتحديد توجهاتها بما يخدم مصلحة المستثمرين والمطورين.
وأضاف الحمادي أن دبي باعتبارها مدينة ذكية لها تجارب كثيرة في المجال، وأهمها منصة «دبي ريتك» التي تم إطلاقها نهاية العام الماضي، حيث تعتمد فكرة هذه المنصة على استخدام تقنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتطوير نموذج عقاري لتحليل البيانات الضخمة بالقطاع العقاري في دبي، واستنتاج التوقعات المستقبلية للسوق، ووضع خطة للتعامل معها ومختلف المتغيرات المحتملة.