مصطفى عبد العظيم (دبي) انطلقت اليوم فعاليات مؤتمر الاتحاد الدولي للنقل الجوي للسلامة 2022، الذي ينظمه الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» وتستضيفه شركة طيران الإمارات في دبي تحت شعار «النهوض بالقطاع - التحول الآمن نحو مستقبل أكثر مرونة»، مع التركيز على موضوع القيادة في مجال السلامة.
ودعا السير تيم كلارك رئيس طيران الإمارات، القائمين على صناعة الطيران العالمية من مصنعين وشركات طيران وجهات تنظيمية، إلى ضرورة تكثيف الاستثمار في البنية التحتية المستقبلية للصناعة والتي تتطلب قيادات وأدوات مختلفة تواكب التحولات التقنية المتسارعة.
وحذر كلارك أن فشل أكبر الشركات المصنعة في تقديم برامج الطائرات المتوقع أن تحل محل الأساطيل القديمة وفقاً للمعايير والجداول الزمنية، يشكل تحدياً كبيراً أمام مستقبل قطاع الطيران العالمي الذي شهد عقبات متتالية.
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر السلامة 2022 الذي ينظمه الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» وتستضيفه طيران الإمارات، في الفترة ما بين 25-27 أكتوبر في فندق «جيه دبليو ماريوت ماركيز. ويعتبر المؤتمر الأول الذي يتم تنظيمه بشكل مباشر منذ العام 2019.

سجل السلامة 
وأشار كلارك إلى أن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا) يتابع بيانات السلامة منذ عام 1964، وفي بعض الأحيان نود أن نُطْري أنفسنا بالنظر إلى البيانات التاريخية، وكيف نجحت صناعتنا في الحد بشكل كبير من الحوادث والوفيات، في ظل النمو المتسارع لحركة الطيران على مدار العقود الماضية.
وقال إن احتمالات وقوع حادث طيران اليوم هي حوالي واحد من كل مليون رحلة، وواحد من بين أكثر من مليوني رحلة (2.27 مليون على وجه الدقة) للناقلات الأعضاء في أياتا، ولا شك في أننا قطعنا شوطاً طويلاً. ويجب أن نفخر بما حققناه بشكل جماعي كصناعة.


الاستعداد للمستقبل
وقال كلارك إنه مع استمرار التعافي في العامين المقبلين بعد الجائحة، تتوقع أياتا أن صناعتنا ستعود إلى مسار نموها لتصل إلى 7.8 مليار رحلة ركاب سنوياً بحلول عام 2040. لكن، بغض النظر عن قضايا تغير المناخ، هل نحن كصناعة مستعدون حقاً للتعامل مع العشرين إلى الثلاثين عاماً المقبلة.
وتابع: أخشى أن ما أراه حتى الآن هو علامات على فشل الصناعة في توفير البنية التحتية المناسبة للمستقبل. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو ندرة في القيادة. وكيف يمكننا العمل بأمان إذا لم نستثمر في الأنظمة والتقنيات والبشر ومقومات البنية التحتية.

التعامل مع الطلب
وأضاف كلارك: انظروا فقط إلى المواقف التي وجدنا أنفسنا فيها في العديد من المطارات الصيف الماضي، نحن نتعامل مع الطلب الحالي بصعوبة، فماذا عن النمو المستقبلي، وكم عدد الدول التي تستثمر لتحسين وتوسيع البنية التحتية للمطارات وتحديث أنظمة الملاحة الجوية.
وطرح كلارك في كلمته العديد من التساؤلات، مثل:هل هناك استثمارات كافية في برامج الدعم لتطوير الكوادر البشرية الماهرة اللازمة، وكيف يمكننا التأكد من السلامة، في حين أن أكبر الشركات المصنعة في مجال الطيران التجاري تفشل في تقديم برامج الطائرات المتوقع أن تحل محل الأساطيل القديمة وفقاً للمعايير والجداول الزمنية، وأين المساءلة والرقابة من كبار المديرين. 
وحث كلاك أن جميع العاملين في منظومة الطيران حول العالم من الوكالات الحكومية والهيئات التنظيمية والناقلات الجوي والمطارات والعاملين في الخدمات الأرضية وخدمات الملاحة الجوية والمصنعون وجميع اللاعبين في سلسلة التوريد، إلى القيام بأدوارهم حيث لا مجال للحلول الوسط في هذه الصناعة، ذلك لأن أعمال النقل الجوي عبارة عن شبكة ويب معقدة ومترابطة وعابرة للحدود، والكل مسئول بشكل جماعي عن العمليات الآمنة اليوم، وإرساء الأسس لعمليات آمنة (وأكثر أماناً) في المستقبل.

معايير السلامة
من جهته قال نك كرين، نائب الرئيس الأول لشؤون العمليات والسلامة والأمن لدى أياتا:»يتعيّن على كبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع الطيران أن يكونوا قدوةً للموظفين في الالتزام بمعايير السلامة وإظهار مزايا القيادة في هذا المجال والالتزام الراسخ بثقافة السلامة الإيجابية والتحقق من اعتماد هذه الرؤية في جميع أنحاء المؤسسة. وينطوي ذلك على أهمية محورية في سياق الحفاظ على أعلى مستويات الأمان، ولا سيما بعد الاضطرابات التي شهدها القطاع في العامين الماضيين وارتفاع الطلب على النقل الجوي«. 

تدقيق السلامة

وحقق معدل الحوادث الإجمالي لشركات الطيران المُسجلة في برنامج تدقيق السلامة التشغيلية في عام 2021 نتيجة أفضل بست مرات مقارنةً بشركات الطيران غير المُسجلة فيه (0.45 مقابل 2.86). 

وتسجل مستويات السلامة في القطاع تحسناً ملموساً، ويكتسب الالتزام بمنهجية قابلة للتعديل وقائمة على المخاطر والبيانات أهمية متزايدة في سياق الحد من معدل الحوادث مستقبلاً. وأضاف كرين:«برز برنامج تدقيق السلامة التشغيلية بوصفه المعيار الأمثل في مجال السلامة التشغيلية لشركات الطيران. ونحظى اليوم بوصول أكبر إلى البيانات التشغيلية مقارنةً بالفترة التي شهدت إنشاء البرنامج قبل 20 عاماً تقريباً، ما يعزز فعاليته».
وأوضح أنه بعد الخسائر القاسية التي تكبدها القطاع خلال جائحة كوفيد-19 بدأت تظهر علامات التعافي بشكل متسارع، حيث تمكنت شركات الطيران مع استعادة نحو 75% من مستويات ذروة ما قبل الجائحة، ونجح القطاع في تقليص الخسائر بشكل ملحوظ والاستعداد للعودة إلى الربحية، لافتاً إلى أنه رغم علامات التفاؤل، إلا أن القطاع ما زال يواجه العديد من التحديات أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية والتضخم العالمي والارتفاع في أسعار الوقود.


وتركز أجندة المؤتمر على تطوير برنامج تدقيق السلامة التشغيلية التابع للاتحاد الدولي للنقل الجوي (IOSA) وصولاً إلى نموذج قائم على المخاطر يتيح تخصيص عمليات التدقيق وفقاً لطبيعة المخاطر التي تواجهها شركات الخطوط الجوية. 

ويُعد التسجيل في برنامج تدقيق السلامة التشغيلية أحد متطلبات العضوية في الاتحاد الدولي للنقل الجوي، وتؤكد بيانات السلامة بأن شركات الطيران المُسجلة في سجل البرنامج تشهد معدل حوادث أقل من نظيراتها غير المُسجلة فيه.