حسام عبدالنبي (دبي)  

بدأ مجتمع الأعمال في الدولة الاستعداد مبكراً لتطبيق ضريبة الشركات التي ستدخل حيز التنفيذ يونيو 2023، حيث تطبق الضريبة بنسبة أساسية تبلغ 9% على أرباح الشركات التي تتجاوز 375 ألف درهم.
ويشهد مجتمع الأعمال حالياً تنظيم عدد من الندوات النقاشية وورش العمل حول الضريبة الجديدة، وأكد المشاركون أن ضريبة الشركات في الإمارات تتواءم مع أفضل الممارسات العالمية، وتعتبر منخفضة قياساً بالمعايير الدولية، وتوفر مرونة للشركات لتعزيز استثماراتها ومواصلة النمو، ما ينعكس إيجاباً على تنافسية بيئة الأعمال بالدولة. 
وأشاروا إلى أن الضريبة تتيح للدولة استثمار موارد إضافية في تطوير البنية التحتية التي تفيد الشركات، ما يرسخ مكانة الإمارات وجهةً عالميةً للمال والأعمال، منبهين إلى ضرورة أن تبدأ الشركات (خاصة الشركات العائلية) على الفور، بإدخال تعديلات على نظم المحاسبة وإعداد تقارير التدقيق السنوية من أجل ضمان الامتثال الضريبي عند التطبيق.   
ويتماشى تطبيق دولة الإمارات لضريبة الشركات بنسبة 9% مع إطار العمل الشامل Pillar II لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومتطلبات الحد الأدنى العالمية الأخيرة لضرائب الشركات، والتي تُخضع الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات لمعدل ضرائب مقداره 15% كحد أدنى. 
أفضل الممارسات العالمية
أكدت غرفة تجارة دبي أن ضريبة الشركات في الإمارات تتواءم مع أفضل الممارسات العالمية، وتعتبر منخفضة قياساً بالمعايير الدولية، وتوفر مرونة للشركات لتعزيز استثماراتها ومواصلة النمو، ما ينعكس إيجاباً على تنافسية بيئة الأعمال بالدولة، مشيرةً إلى أن الضريبة تتيح للدولة استثمار موارد إضافية في تطوير البنية التحتية التي ستفيد الشركات مما يرسخ مكانة الدولة وجهةً عالمية للمال والأعمال.
وأكدت أن مجتمع الأعمال بحاجة للتعرف على جميع متطلبات الامتثال لنظام ضريبة الشركات الذي يعتبر من أكثر الأنظمة تنافسية حول العالم.

تعزيز المحاسبة
بدوره، حذر براتيك توشنيوال، الخبير المحاسبي، من تهافت الشركات على بدء عملية التدقيق بمجرد إصدار قانون ضرائب الشركات الجديد، حيث قد لا يتمكن المجتمع الضريبي من إدارة الزيادة في الطلب على تقديم الإقرارات الضريبية للشركات في غضون مهلة قصيرة، داعياً الشركات الخاصة إلى بدء عملية التشاور، وتعزيز عملية المحاسبة الداخلية ونظام مسك الدفاتر اللذين يعدان أمراً بالغ الأهمية لمراجعة الحسابات الخارجية والضرائب.
وقال إنه وفقاً للسجل الاقتصادي الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة (NER)، يبلغ إجمالي عدد الرخص التجارية النشطة المسجلة في شهر يوليو 2022 حوالي 665.246 رخصة، ونحو 85% منها يندرج ضمن الشركات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة (MSME)، ويظل الحد الأدنى لقيمة ضريبة القيمة المضافة الإلزامي البالغ قدره 375 ألف درهم صافي الربح السنوي، لذلك لا يحافظ معظم هذه الشركات على أساليب الممارسات العملية المحاسبية الرسمية، فضلاً عن نشر تقارير مالية مدققة كل عام، بسبب نظام غير ضريبي مطول، حيث اعتادوا العمل فيه حتى الآن.

الشركات العائلية
وقال مارك بيلينغتون، المدير الإداري الدولي لمعهد المحاسبين القانونيين «ICAEW» إنه في الوقت الذي تقوم فيه الشركات بتعديل هياكلها القانونية والمحاسبة قبل تطبيق النظام الضريبي الجديد الخاص بالشركات، فقد تحتاج الشركات العائلية إلى إعادة النظر في أساليبها التقليدية لإدارة وتشغيل أعمالها.
وأضاف أن نظام التسعير التحويلي، وهو جزء أساسي من أي سياسة ضريبية للشركات، سيشهد مزيداً من التدقيق على الشركات التي تقدم الدعم المالي لبعضها البعض، وهي ممارسة مرتبطة بشكل شائع بين الشركات العائلية، لافتاً إلى أنه وفقاً للمشاركين في  ندوة نقاشية نظمها المعهد حول ضريبة الشركات، فإن التسعير التحويلي يعتبر بمثابة استراتيجية تخطيط ضريبي تقوم من خلاله الشركات التي تعمل عبر مختلف السلطات الضريبية بدفع تكاليف مبالغ فيها لشركة تابعة لها أو مرتبطة بها في منطقة أخرى ذات ضرائب منخفضة، لتبدو أقل ربحية، وبالتالي الخضوع لنسب ضريبية أقل.
وأوضح بيلينغتون، أنه بوجه عام، يعتبر نظام ضريبة الشركات خطوة إيجابية لدولة الإمارات، ففي حين أنه سيكون هناك بالتأكيد تحديات عند التنفيذ، بسبب وجود 40 منطقة حرة في الإمارات والدور الرئيسي الذي تلعبه الشركات العائلية في السوق، إلا أن التطبيق المدروس للسياسة الضريبية يبيّن أن أولئك الذين يقودون تنفيذها ملتزمون بإنشاء بيئة مناسبة للأعمال تعود بالنفع على مختلف الأطراف، داعياً الشركات الإقليمية التي لديها خبرة قليلة في أنظمة ضرائب الشركات إلى أن تحافظ على ممارسات محاسبية قياسية لتجنب مشكلات الامتثال.

فهم القواعد
من جهته، قال شيراز خان، شريك في مكتب «التميمي ومشاركوه»، إن استحداث نظام ضريبة الشركات الاتحادي يمثل تغييراً مهماً في المنظومة الضريبية بدولة الإمارات، ومن المهم للشركات فهم القواعد وكيفية تطبيقها ليتسنى لها ضمان الامتثال للضريبة بشكلٍ فعال، حيث يتوقع أن تدخل الضريبة حيز التطبيق منتصف العام المقبل.

جاهزية الشركات
يرى شيتال سوني، الشريك في شركة إم أي كابيتال سرفيسز، أن معظم الشركات في دولة الإمارات لا تزال غير جاهزة لدفع ضريبة الشركات، الأمر الذي يتطلب إجراء عملية المحاسبة أو التدقيق، مؤكداً أهمية أن تبدأ جميع الشركات المسجلة، خصوصاً الشركات التي تدخل في نطاق ضريبة الشركات، عملية المحاسبة والتدقيق الرسمية من الآن فصاعداً لتأسيس بيانات اعتمادها المالية لحساب الضرائب ومن ثم تقديم الإقرارات الضريبية.
وقال سوني إن الانتقال إلى نظام ضريبي من أوضاع غير ضريبية، ليس بالأمر السهل، ويتطلب تغييراً جذرياً في ثقافة الشركة التي تحتاج إلى التوثيق والمحاسبة والتدقيق المناسب، بالإضافة إلى الشفافية والمساءلة الواردة في النظام، منبهاً إلى أن الشركات الخاصة ستكون في حاجة إلى تعزيز عملية المحاسبة والتدقيق والامتثال الضريبي، وسيتعين عليها إما توظيف متخصصين في الحسابات والضرائب أو الاستعانة بمصادر خارجية لشركات المحاسبة ومراجعة الحسابات ومستشاري الضرائب.