حسام عبدالنبي (دبي) 

تصنف دولة الإمارات ثانية كبرى الدول في مجال إعادة تصدير المنتجات الزراعية والأغذية المصنعة المعلبة بعد الولايات المتحدة الأميركية، حسب عبد الله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد، والذي أكد خلال فعاليات منتدى مستقبل الصناعات الغذائية الذي تنظمه مجموعة مصنعي الأغذية والمشروبات في الإمارات، بالشراكة مع غرفة صناعة وتجارة دبي ووادي تكنولوجيا الغذاء، أن الإمارات تلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على الإمدادات الغذائية والزراعية في المنطقة.
وشدد على أهمية تحسين الإنتاج المحلي للغذاء وزيادة نطاق وسرعة تبني التكنولوجيا في القطاع الصناعات الغذائية لتحقيق الأمن الغذائي.
وقال آل صالح: إن منتدى مستقبل الصناعات الغذائية يأتي في وقت مناسب، إذ تنشغل الصناعة بإعادة تشكيل سلسلة الإمداد، موضحاً أن دولة الإمارات تؤمن بأهمية التجارة في تعزيز الاستدامة، والنمو، والمرونة في الاقتصاد العالمي، وداعياً في الوقت ذاته إلى ضرورة أن ينصب التركيز الأساسي لاستراتيجيات الدول على تشجيع الاستثمارات في الإنتاج المحلي وإنشاء شبكة لوجستية مرنة، والحد من هدر الطعام وتعزيز التكامل التكنولوجي في إنتاج الغذاء.
وأضاف آل صالح أنه لتحقيق الأمن الغذائي، تبنت الإمارات نموذج اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA)، وأبرمت الإمارات حتى الآن ثلاث اتفاقيات مع الهند وإندونيسيا وإسرائيل، وتواصل مفاوضاتها لإبرام المزيد من هذه الاتفاقيات مع عدد من الشركاء الاستراتيجيين. وأشار إلى أن التواصل ومشاركة أصحاب المصلحة في الوقت المناسب يعتبر أمرا بالغ الأهمية لضمان أقصى قدر من الفوائد للجميع ولضمان النجاح الشامل لهذا الجهد، كذلك، لا بد من التركيز على تحويل المعرفة التكنولوجية إلى بناء قدرات قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة المحلية وتبني اقتصاد المعرفة والتكنولوجيا، معرباً عن ثقته في قدرة هذه الجهود في تعزيز مرونة قطاع الأغذية والمشروبات في دولة الإمارات، وحمايته من الاضطرابات والأزمات العالمية، بالإضافة إلى أن التحول إلى سلسلة التوريد المحلية والإقليمية سيقلل أيضًا من التأثير البيئي من خلال فترات نقل أقصر للمنتجات.

هدر وفقد الغذاء
ومن جهتها، كشفت أمل حسن الأحمدي، رئيس قسم الأبحاث والتطوير في وزارة التغير المناخي والبيئة، أن كمية المواد الغذائية التي تهدر أو تفقد في الإمارات تبلغ نحو1.8 مليون طن وبما يعادل 13.7 مليار درهم سنوياً. 
وأكدت أن تلك التقديرات تأتي وفقاً لتقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو» التي حددت نسبة الهدر والفقد في الأغذية على مستوى العالم بمعدل 30%، مشيرة إلى أنه على الصعيد العالمي فإن قيمة الهدر والفقد في الطعام تبلغ 2.6 تريليون دور أميركي.
وأوضحت الأحمدي أن الفارق بين هدر وفقد الطعام يتمثل في أن الهدر يحدث من تاجر التجزئة والمستهلك، في حين أن فقد الطعام يكون متعلقا بعمليات التصنيع والإنتاج، ودائماً ما يهدد الهدر والفقد استدامة الأمن الغذائي للدول، ولهذا اتخذت دولة الإمارات مبادرات مبتكرة من أجل ضمان الأمن الغذائي، منبهة إلى أن البصمة البيئية لهدر وفقد الغذاء على مستوى العالم تبلغ 3.3 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، وبما يعادل إنتاج 1.4 مليار هكتار من الأراضي الزراعية على مستوى العالم.
وذكرت الأحمدي أن دولة الإمارات عملت على تعزيز أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة في معظم القطاعات الأساسية، وكان من أهم المبادرات في هذا الشأن وضع الإطار التنظيمي للخطة الوطنية للإنتاج والاستهلاك المستدامين، والذي يستهدف تحقيق الإدارة والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية من خلال دعم الاقتصاد الدائري، تقديم الدعم للقطاع الخاص لتحفيزه على تبني وتوظيف أساليب وتقنيات الإنتاج الأنظف في الصناعة، وكذا تعزيز أنماط الإنتاج والاستهلاك المستدامين. ونوهت الأحمدي بأن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أطلق المبادرة الوطنية للحد من فقد الغذاء وهدره «نعمة» لوضع منظومة استراتيجية تهدف إلى تكثيف الجهود لتحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي لدولة الإمارات في الحد من فقد الغذاء وهدره بنسبة 50% بحلول عام 2030 وذلك تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
ولفتت إلى أن المبادرة تستهدف توفير بيانات دقيقة عن هدر وفقد الطعام خلال سلاسل التوريد في الإمارات، والتنسيق مع جميع جهات ومؤسسات القطاعين الحكومي والخاص إضافة إلى المنظمات المجتمعية غير الحكومية لخفض هدر الغذاء وفقده، إضافة إلى تعزيز الوعي والمعرفة المجتمعية بسلوكيات الاستدامة في إنتاج واستهلاك الغذاء لجميع فئات المجتمع وخلق جيل جديد مضطلع ويتبنى الطرق المستدامة من حيث تقليل الهدر والحرص على إعادة التدوير.

صالح لوتاه: نمو القطاع بسبب انتعاش السياحة وتجارة التجزئة
أكد صالح لوتاه، رئيس مجلس إدارة مجموعة مصنعي الأغذية والمشروبات في الإمارات، عدم وجود أي مشكلات في سلاسل التوريد تواجه القطاع في الوقت الحالي، نظراً لمبادرات الدعم والقرارات الحكومية المتعددة التي اتسمت بالمرونة ومكنت القطاع من تجاوز تداعيات الجائحة ومن تجاوز تأثر سلاسل التوريد بالحرب الروسية الأوكرانية. وأكد في تصريحات للصحفيين أنه على الرغم من ارتفاع أسعار بعض المنتجات الغذائية بسبب الحرب الروسية وصعود أسعار النفط وارتفاع تكلفة الشحن إلا أن السلع الغذائية متوافرة والأسعار بدأت في الاستقرار، كما استطاعت الشركات المصنعة مواكبة المتغيرات في تكلفة الإنتاج. وقال لوتاه: إن سوق الأغذية في الإمارات مفتوح للجميع وغالبية المنتجات يتم استيرادها من الدول المختلفة، ولهذا يجب أن تتعامل الدول المختلفة بالمثل مع المنتج الإماراتي، بحيث تكون المنفعة متبادلة ولا تضع الدول معوقات للاستيراد من أجل حماية الصناعة الوطنية.ونوه بأن قطاع الصناعات الغذائية في الدولة شهد نمواً ملحوظاً خلال العام الحالي بسبب نشاط القطاع السياحي وزيادة نسبة الإشغال في الفنادق والمطاعم إلى جانب نشاط قطاع تجارة التجزئة وتحول الدولة إلى وجهه جاذبة للمستثمرين وأصحاب الأعمال والأفراد في ظل تيسيرات ونظم الإقامة الجديدة، وداعياً في الوقت ذاته إلى زيادة التعاون والشراكة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي عند اتخاذ القرارات من أجل مواجهه التحديات الحالية والتوصل إلى حلول أكثر فعالية.